بالفيديو: خبير يكشف سبب نفوق الأسماك في خليج الداخلة

في 07/06/2023 على الساعة 09:00, تحديث بتاريخ 07/06/2023 على الساعة 09:00

فيديومشاهد صادمة ومرعبة تلك التي رسمتها أعداد هائلة من الأسماك النافقة ببعض شواطئ مدينة الداخلة، بعدما لفظتها أمواج الأطلسي فوق الرمال خلال الأيام الأخيرة. المشاهد أفزعت قلوب المصطافين كما هواة ممارسة ركوب الأمواج الذين اعترضتهم كميات كبيرة من الأسماك النافقة وهي تطفو فوق مياه البحر... ما هذا الذي يحدث؟


على امتداد الأيام الماضية، تفاجأ عدد من ممتهني رياضة ركوب الأمواج بالنقطة الكليومترية 25 بمدينة الداخلة بوجود كميات كبيرة من الأسماك النافقة، والتي طفت على مياه البحر، فيما انتشرت كميات أخرى منها على مساحات شاسعة من رمال الشاطئ.

كما شهدت عدد من شواطئ جهة الداخلة وادي الذهب انتشارا مقلقا لأعداد هائلة من الأسماك النافقة، ما خلق الهلع وسط المواطنين نتيجة خوفهم من وقوع كارثة بيئية بسواحل جوهرة الصحراء المغربية.

وارتفعت أصوات جمعيات مدنية ونشطاء مهتمين بالدفاع عن البيئة، مطالبة الدرك الملكي الخاص بالبيئة بفتح تحقيق وإجراء أبحاث علمية قصد معرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الظاهرة «الغامضة» التي تشكل سابقة بالمنطقة.

وبادرت البرلمانية خديجة بوكرن، إلى رفع سؤالين كتابيين إلى كل من وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وإلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، بخصوص الوضعية البيئية لخليج وادي الذهب بجهة الداخلة وادي الذهب، والمصنف ضمن المناطق الرطبة الهامة بالعالم، طبقا لاتفاقية (رامسار) التي يجب المحافظة عليها، وكذا المنضوية تحت الجمعية الدولية لأحسن الخلجان بالعالم.


صمت مُطبق

وسط صمت الجهات المسؤولة عن تفسير ما يحدث، انتشرت بين المواطنين مجموعة من التكهنات التي يعزي بعضها نفوق الأسماك إلى تلوث مياه البحر نتيجة مياه الواد الحار، فيما البعض الآخر يدعي أن السبب يكمن في تعرض الأسماك للخنق بسبب قلة الأكسجين في المحيط...

وطلبا لإيجاد تفسير لما يقع في خليج الداخلة، راسلنا المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري وسألناه عن تفسيره لما يحدث، فردت الإدارة بأن خبراء المعهد أخذوا عينات من الميدان وأرسلتها إلى التحليل، ووعدت الإدارة مراسلنا المعتمد بمدينة الداخلة بالكشف عن نتائج التحاليل في غضون يومين أو ثلاثة، غير أننا انتظرنا ستة أيام ولم نتلقّ أي جواب.

خبير يفضح المستور

في الوقت الذي كانت الأسماك النافقة بخليج الداخلة توصل إثارة الجدل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كانت هناك ندوة فكرية تُعقد تحت عنوان: «سياسة الدولة المغربية في القطاع الفلاحي والصيد البحري، وتحدي السيادة الغذائية»، نظمتها الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي بمناسبة انعقاد مؤتمرها الوطني التاسع، يوم 26 ماي بمقر الاتحاد المغربي للشغل بالرباط.

خلال هاته الندوة، استغل أحد المتدخلين الفرصة ليثير موضوع الأسماك النافقة على خبير في هذا المجال، وهو محمد الناجي، الأستاذ الباحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة والخبير الدولي المعتمد لدى منظمة « الفاو »، حيث أكد أن الأمر لا علاقة له بكل ما يروج حول تلوث مياه البحر وإنما يكمن السبب في سفن الصيد بأعالي البحار.

«أزيد من 30 ألف طن من الأسماك الحرة يتم التخلص منها بهذه الطريقة كل عام، وهو ما ينعكس سلبا على المخزون السمكي للبلاد»

—  محمد الناجي الخبير في الاقتصاد البحري

وأوضح هذا الخبير في الاقتصاد البحري أن السفن والمراكب التي تصطاد بهذه السواحل تقدم على التخلص من كميات الأسماك التي تزيد عن الحمولة المرخص لهم صيدها من كل نوع، مخافة التعرض للاعتقال في الميناء بسبب مخالفة القانون.

وقال الناجي إن هذه الطريقة العشوائية التي يتم بها اصطياد أطنان من الأسماك ثم انتقاء الكميات المسموحة منها ورمي الباقي في البحر، يؤدي إلى نفوقها خنقا داخل شباك الصيد قبل التخلص منها في البحر، وهكذا تظل طافية على سطح المياه إلى أن تجرفها الأمواج والتيارات البحرية نحو الساحل.


أخطار مُحدقة

كشف صيادون مهنيون في البحر أن وجود أسماك نافقة فوق سطح مياه البحر، خاصة البعيدة عن السواحل، يؤدي إلى إضرار كبير بالبيئة البحرية، حيث إن هذه الأسماك تتحلل مع مرور الأيام فتنبعث منها مادة كيميائية بفعل التفاعلات التي تحدث، الأمر الذي يتسبب في طرد الأسماك الحية من تلك المنطقة، إذ لا تصلها الأسماك، إلا بعد مدة طويلة جدا.

ولا يتعلق الأمر فقط بتلويث البيئة، بل لهذه الظاهرة أبعاد أخرى أخطر. فحسب محمد الناجي، الخبير في الاقتصاد البحري، فإن «أزيد من 30 ألف طن من الأسماك الحرة يتم التخلص منها بهذه الطريقة كل عام، وهو ما ينعكس سلبا على المخزون السمكي للبلاد».

وأشار المتحدث ذاته إلى أن مشكلة نفوق الأسماك تعاني منها عدد من البلدان بسبب سلوك الصيادين الذين لا يهمهم سوى تحقيق الأرباح، غير أنه استطرد مضيفا أن دول الاتحاد الأوروبي قررت منذ سنة 2017 سن قانون يمنع على الصيادين إعادة الكميات المصطادة إلى البحر مهما كان نوعها أو حجهما، وخصصت تعويضات للصيادين من أجل تشجيعهم على تسليم الكميات الزائدة للسلطات قصد الاستفادة منها بدل رميها في البحر والتسبب في نفوقها.

وهكذا دعا الناجي الوزارة الوصية على قطاع الصيد البحري إلى الإسراع في تغيير القوانين المؤطرة للصيد في أعالي البحار، وذلك من أجل وضع حد لاستمرار هذه المعضلة، التي تتناقض حسبه مع نظام الحكامة.

تحرير من طرف ميلود الشلح و سويلم بوعمود
في 07/06/2023 على الساعة 09:00, تحديث بتاريخ 07/06/2023 على الساعة 09:00