يقع مسجد طارق بن زياد في قرية الشرافات، التي تبعد حوالي 10 كيلومترات عن منطقة باب تازة، على الطريق الوطنية التي تربط بين شفشاون وباب برد. يتميز المسجد بصومعته الشامخة وإطلالته الرائعة، بالإضافة إلى حديقته التاريخية التي تضفي عليه طابعًا فريدًا من نوعه. وقد منح هذا الموقع تاريخًا ثقافيًا ودينيًا مميزًا للمنطقة، التي أصبحت مركزًا يتوافد عليه الزوار والباحثون في تاريخ المغرب القديم.
تُظهر العديد من الكتب التاريخية والروايات القديمة أن الشرافات كانت محطة توقف أساسية للجيش المغربي بقيادة القائد العسكري طارق بن زياد قبل انطلاقه نحو الأندلس. وفي هذا السياق، تُشير المصادر إلى أن طارق بن زياد أمر ببناء المسجد في هذه القرية أثناء مروره بها، ما يجعله أول مسجد يُبنى في المغرب، وهو ما حدث في أواخر القرن الأول الهجري، أي في نهاية القرن السابع وبداية القرن الثامن الميلادي.
Mosquée Tariq Ibn Ziyad à Chefchaouen, la première mosquée construite au Maroc. (S.Kadry/Le360). le360
وبحسب العديد من المؤلفات التاريخية، فقد كان مسجد طارق بن زياد بمثابة نقطة انطلاق لفتح الأندلس، حيث جُمِعَ فيه جنود القائد طارق قبل مواصلة مسيرتهم إلى قرية بليونش، ومنها عبروا إلى الأندلس في سنة 92 هـ.
ويروي كتاب «دوحة الناشر» لابن عسكر تفاصيل بناء هذا المسجد ويؤكد أنه كان المكان الذي تم فيه إرساء أول معالم الدين الإسلامي في المنطقة، رغم أن المغاربة حينها كانوا حديثي العهد بالإسلام.
تاريخ مسجد طارق بن زياد لا يقتصر فقط على كونه معلمًا دينيًا، بل هو رمز للانطلاق نحو فتح الأندلس وفتح طريق جديد للمسلمين في المغرب الكبير. لهذا، يعد المسجد أحد أقدم المعالم الدينية في المنطقة، ويظل شاهدًا على مرحلة مفصلية في تاريخ المغرب والعالم الإسلامي.



