الصحراء: التحدي المزدوج للمغرب خلال التصويت على قرار 2025

Lors d'une séance de vote du Conseil de sécurité de l'eau.

جلسة سابقة بمجلس الأمن

في 28/10/2025 على الساعة 18:43

على بعد يومين من التصويت الحاسم في مجلس الأمن على قرار يزكي مخطط الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع، يواجه المغرب تحديا مزدوجا: الحصول على 9 أصوات مؤيدة على الأقل مع تجنب حق نقض أو الفيتو من أحد الأعضاء الدائمين. بين المفاوضات الدبلوماسية والضغوط الدولية، يصبح كل تصويت حاسما للطي النهائي للملف.

يحظى القرار 2025 بشأن الصحراء، الذي يزكي نهائيا مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل للنزاع، بزخم نادر داخل مجلس الأمن. ومع اقتراب يوم التصويت، بلغت المفاوضات ذروتها. لكل صوت أهميته في تصويت غالبا ما تعطى فيه الأولوية للاعتبارات الخاصة بكل دولة من الدول الأعضاء الخمس عشرة.

يشار إلى أن المسودة الأولى للقرار 2025، الذي صاغته الولايات المتحدة باعتبارها حاملة القلم في هذا الملف، لا لبس فيها. وفي هذا السياق، جاء المسودة أن مجلس الأمن « أحيط علما بالدعم الذي أعربت عنه الدول الأعضاء لمقترح المغرب الجاد والموثوق والواقعي للحكم الذاتي »، بل ذهبت إلى حد التأكيد على أنه « الأساس الأكثر مصداقية لحل عادل ودائم ». ويرحب النص « بقيادة الرئيس ترامب في حل النزاع في الصحراء الغربية »، في حين لم يشر أي مشروع قرار لمجلس الأمن بشأن الصحراء إلى رئيس دولة أجنبية للإشادة بالتزامه بإيجاد حل للنزاع حول الصحراء. ويحرص النص على إشراك جميع « الأطراف المعنية » (المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو) في مشاورات المبعوث الشخصي ستيفان دي ميستورا. ويؤكد هذا التذكير الصريح مكانة الجزائر كطرف رئيسي.

فضلا عن ذلك، يشير نص القرار دائما إلى الأطراف، دون تحديد عددها. وقد كان للتورط الكامل للنظام الجزائري في هذه القضية نتيجتان لا رجعة فيهما. أولا، تواري جبهة البوليساريو، إذ لا تعير أي دولة أدنى اهتمام لما تقوله هذه الجبهة الانفصالية، فالجميع يعلم أن الجزائر هي التي تملي عليها مواقفها. لم تلق مبادراتها التكتيكية الأخيرة لإعلان استعدادها الجديد للتفاوض مع المغرب، بما في ذلك من خلال دمج الحكم الذاتي، أي صدى لدى المجتمع الدولي. إن هوان جبهة البوليساريو هو -قبل كل شيء- نتيجة حتمية لدبلوماسية الرئيس تبون الهستيرية.

النتيجة الثانية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالأولى. فبالعمل على تواري جبهة البوليساريو، أراحت الجزائر المجتمع الدولي من إحراج تسمية الجبهة الانفصالية بأنها الطرف الرئيسي في هذا النزاع. لدرجة أن نزاع الصحراء الغربية أصبح الآن ثنائيا بين المغرب والجزائر. إن جهود الوساطة التي تبذلها واشنطن بين الرباط والجزائر، وكذلك تصريحات مسعد بولس، المستشار الخاص للرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية، دليل واضح على هذا الوضع، وهو أمر أساسي لتطور هذا النزاع.

تحول مهم آخر في القرار تقليص ولاية بعثة المينورسو من عام واحد إلى ثلاثة أشهر. يطلب النص من « الأمين العام (...) تقديم توصياته بشأن تغيير أو إنهاء ولاية بعثة المينورسو، بناء على نتائج المفاوضات ». يمنح المجلس ستة أسابيع لتقييم التقدم، بل ويحدد موعدا حاسما: « قبل 31 يناير 2026 »، وهو الموعد النهائي للتوصل إلى « حل سياسي نهائي». يبرز هذا الموعد، المحدد بثلاثة أشهر، رغبة واضحة في إنهاء الوضع الراهن، وينذر إما بنهاية ولاية بعثة المينورسو أو بتغيير جذري في مهمتها.

هذه كلها معطيات سيتعين على مجلس الأمن الحسم فيها، ما لم تتم تعديلات مسبقة. من الناحية التقنية، يتألف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الأعضاء الخمسة الدائمين: الولايات المتحدة، حاملة القلم في ملف الصحراء الغربية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وروسيا، والصين. بالإضافة إلى ذلك، هناك 10 أعضاء غير دائمين ينتخبون لمدة عامين: الجزائر (التي تنتهي ولايتها بنهاية عام 2025)، وغويانا، وجمهورية كوريا، وسيراليون، وسلوفينيا، والدانمارك، واليونان، وباكستان، وبنما، والصومال.

يتم التصويت داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفقا لأحكام المادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة. تميز هذه المسطرة بين نوعين من المسائل: مسائل مسطرية والمسائل الجوهرية. بالنسبة للمسائل المسطرية، يعتمد القرار عندما يحصل على 9 أصوات مؤيدة على الأقل من أصل 15. في هذه الحالة، لا يطبق حق النقض. هذا يعني أنه لا يمكن لأي عضو دائم عرقلة القرار. تشمل المسائل المسطرية قضايا مثل اعتماد جدول الأعمال أو عقد اجتماع للمجلس.

وبالمقابل، بالنسبة للمسائل الجوهرية، وقضية الصحراء واحدة منها، تكون القواعد أكثر صرامة. إذ يلزم الحصول على 9 أصوات من أصل خمسة عشر، على أن تشمل هذه الأصوات موافقة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن. وبالتالي، إذا صوتت إحدى هذه الدول الخمس ضد القرار، فإن تصويتها السلبي يعد بمثابة فيتو، مما يعيق اعتماده حتى في حال الحصول على أغلبية الأصوات.

ومع ذلك، لا يعتبر امتناع دولة دائمة عن التصويت بمثابة حق نقض، ولا يمنع اعتماد النص إذا ظل عدد الأصوات المؤيدة كافيا.

بالنسبة للمغرب، هذا يشكل تحديا مزدوجا: الحصول على 9 أصوات مؤيدة على الأقل وتجنب أي استخدام لحق النقض. لذلك، يجب اتخاذ خطوتين رئيسيتين. بالنسبة للأعضاء غير الدائمين، فإن الجزائر بحكم عدائها سترفض التصويت لصالح القرار. ويضاف إلى ذلك دول تميل إلى معارضة مخطط الحكم الذاتي، لأسباب داخلية بحتة. بمجرد إزالة هذه العقبة الأولى، سيطرح سؤال التصويت السلبي المحتمل من قبل عضو دائم في المجلس. حق الفيتو.

من المؤكد أن موسكو أبرمت اتفاقية للصيد البحري مع المغرب، تشمل الأقاليم الجنوبية، مما يقلل من أي خطر لقرار لا يتوافق مع الاعتراف الفعلي بسيادة المغرب على صحرائه. لكن التصويت العقابي ضد الولايات المتحدة ليس مستبعدا. لمجلس الأمن قواعده الخاصة ويعتمد على المفاوضات بين الأعضاء الخمسة الدائمين. لا تقتصر هذه المفاوضات على موضوع التصويت، بل تغطي قضايا أخرى سابقة أو لاحقة. ومن هنا يأتي التعقيد الذي يستحضر الحقائق الجيوسياسية على بعد آلاف الكيلومترات من الصحراء الغربية.

في الوقت الحالي، ووفقا لمعلوماتنا، أجرت الولايات المتحدة بعض التعديلات على نص القرار، دون تغيير روحه أو تمديد مهمة بعثة المينورسو لمدة ثلاثة أشهر. ستستمر المفاوضات يوم الثلاثاء في اجتماع مغلق غير مبرمج، قبل التصويت يوم الخميس 30 أكتوبر.

واشنطن متفائلة

وفقا لمصادرنا، عرضت مراجعة أولية للمسودة الأولى أمس الاثنين، ولكن دون المساس بأولوية مخطط الحكم الذاتي كحل للنزاع أو الموعد النهائي لإكمال ولاية بعثة المينورسو. وإذا كان هناك تغيير رئيسي واحد أدخلته حاملة القلم على مسودة القرار، فهو الدعوة إلى إحصاء السكان المحتجزين في تندوف. وهو إحصاء طالب به المغرب باستمرار وتعارضه الجزائر.

من جانبها، تبدو واشنطن مطمئنة. ففي مقابلة مع قناة سكاي نيوز عربية، بثت أمس، صرح مسعد بولس، المستشار الخاص للرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية، بأن الولايات المتحدة متفائلة بشأن التوصل إلى حل نهائي لقضية الصحراء المغربية، على أساس مخطط الحكم الذاتي تحت السيادية المغربية.

وقال بولس إن واشنطن «تعمل مع جميع الشركاء والحلفاء، وخاصة المغرب والجزائر، للتوصل إلى قرار في مجلس الأمن يرضي جميع الفاعلين قدر الإمكان... ونعلم أنه ليس من السهل إرضاء الجميع».

وأوضح أن الولايات المتحدة تعمل «مع جميع الأطراف في مجلس الأمن» بغية « التوصل إلى صيغة تقرب وجهات النظر قدر الإمكان، تمهيدا للمرحلة الثانية، التي تعني بالتسوية الشاملة بين البلدين.

وأضاف: «جميع القضايا مفتوحة للنقاش، بما في ذلك تجديد ولاية بعثة المينورسو».

وأضاف مسعد بولس قائلا: «عندما يتم التوصل إلى تسوية دائمة لقضية الصحراء، فإن المصالحة بين الجزائر والمغرب ستصبح أسهل بكثير»، في إشارة إلى إعلان ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، أن الولايات المتحدة ستعمل بنشاط من أجل إبرام اتفاقية سلام بين المغرب والجزائر في غضون 60 يوما.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 28/10/2025 على الساعة 18:43