المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان يكتب: الجزائر.. «الجمهورية الشعبية للمجاهدين» بين الواقع والخيال

Bernard Lugan.

المرؤخ الفرنسي برنارد لوغان

في 03/09/2024 على الساعة 11:00, تحديث بتاريخ 03/09/2024 على الساعة 11:00

مقال رأيفي الجزائر، كلما مرت السنوات، كلما زاد عدد « قدماء المحاربين ». السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان المجاهدون الجزائريون خالدون.

انتهت حرب الاستقلال الجزائرية منذ عام 1962، لكن في سنة 2024 بلغت ميزانية وزارة المجاهدين 224.96 مليار دينار جزائري. وبما أن هذه الميزاينة ظلت ثابتة لعدة سنوات، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان المجاهدون الجزائريون خالدون.

أن يكون المرء قد حمل السلاح ضد الجيش الفرنسي، معناه أن يكون على الأقل من مواليد سنوات الأربعينيات، مما يعني أن « أصغر » المجاهدين يبلغون اليوم حوالي 85 عاما. متوسط العمر في الجزائر هو 76 عاما (رقم سنة 2022)، وبالتالي كان يجب أن تسير ميزانية وزارة المجاهدين في منحنى تنازلي. لكن هذا ليس هو الحال، لأن المفارقة الجزائرية أنه كلما مرت السنوات، كلما زاد عدد « قدماء المحاربين » بدلا من أن يتناقص...وهكذا:

-في عام 1963 كان في الجزائر 6000 مجاهد.

-في عام 1972 كان هناك 70 ألفا، بالإضافة إلى 150 ألف أرملة مجاهد.

-في نهاية الثمانينات، كان هناك 500 ألف جزائري مجاهد.

-في عام 2010 كان هناك 1.5 مليون مجاهد ومن ذوي الحقوق.

يمكن تفسير هذا التضخم المخالف لجميع القوانين الطبيعية بأنه في الجزائر، تم الاعتراف رسميا ببعض الذين لم يبلغوا سن العاشرة في عام 1962 كمجاهدين سابقين... وهذا الأمر لا يدعو للاستغراب، لأنه في مقابلة بتاريخ 27 أكتوبر 2004 مع صحيفة ليبراسيون، أعلن مبارك خلفة، الذي كان وقتئذ رئيس المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين، أن « هناك ما لا يقل عن مليون مجاهد ».

ومع ذلك، في عام 1961، بلغ مجموع سكان الجزائر، بما في ذلك الأوروبيين، 11.969.451 مليون نسمة. إذا أزلنا 1.200.000 أوروبي، نحصل على رقم 10.769.451 جزائري، 50 % منهم نساء، وما تبقى فهم ذكور أي 5.384.725 شخص، 50 % منهم على الأقل قاصرون، وهو ما يعني أن عدد السكان الذكور البالغين هو حوالي 2.6 مليون. وبحسب مبارك خلفة، فإن 50 % منهم حملوا السلاح ضد فرنسا...

السؤال مثير للاهتمام من ناحيتين، الأولى من حيث عدد المجاهدين السابقين والثانية من حيث حقيقة هذا الوصف لأنه، بحسب الوزير الجزائري الأسبق عبد السلام علي راشدي، فإن « الجميع يعلم أن 90 % من المجاهدين القدامى هم مزيفون » (الوطن، 12 دجنبر 2015).

إن المؤرخ لا ينظر إلا إلى الوقائع، لذا عليه أن يطرح السؤال التالي: كم كان عدد المجاهدين وقت وقف إطلاق النار في مارس 1962؟ وله لمعرفة ذلك مصادر جزائرية ومصادر فرنسية:

1-مصادر جزائرية

المصدر الموثوق هو بن يوسف بن خدة الذي كان آخر رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية. فهو يورد في كتابه الصادر سنة 1997 (الجزائر وقت الاستقلال، أزمة 1962) رقما يقارب 65 ألف مقاتل حتى تاريخ وقف إطلاق النار في مارس 1962، وهم:

-مقاتلو الداخل: 35000 مقاتل، منهم 7000 في الولاية الأولى، و5000 في الولاية الثانية، و6000 في الولاية الثالثة، و12000 في الرابعة، و4000 في الخامسة، و1000 في السادسة.

-جيش التحرير الوطني، أي جيش الحدود، كان يتكون من قرابة 30 ألف رجل.

2-المصادر الفرنسية

المصادر الفرنسية قريبة جدا من مصادر الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسي، لأنها تقدم رقما يبلغ حوالي 50 ألف مقاتل.

ووفقا للمكتب الفرنسي الثاني، كان عدد مقاتلي المقاومة في الداخل في الواقع 20 ألف مقاتل في عام 1958، وفي مارس 1962، عند توقيع اتفاقيات إيفيان، قُدر عدد المقاتلين في الداخل بـ15200 مقاتل. وفي الخارج، أي جيش التحرير الوطني، كان هناك 32000 منهم 22000 في تونس و10000 في المغرب.

وبالتالي فإن هذه المعطيات المتقاربة تمكننا من الحصول على أرقام معقولة قريبة من الواقع بعيدا عن الأرقام الفلكية التي قدمها مبارك خلفة (البقية في العمود الموالي).

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 03/09/2024 على الساعة 11:00, تحديث بتاريخ 03/09/2024 على الساعة 11:00