بدأ الإعلام الجزائري الموالي للنظام، مدعومًا بصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، بترويج صور وفيديوهات مضللة لا علاقة لها بما يحدث في الحدود المغربية. في خطوة مثيرة للسخرية، عمدت بعض القنوات إلى نشر مقاطع فيديو من الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، وادعت أن هذه الأحداث تجري في المغرب، لتوجيه الرأي العام نحو اتهام المغرب بتأجيج الهجرة السرية نحو أوروبا.
الإعلام يروّج والشعب الجزائري يستنكر
في ظل هذه الحملات الدعائية، نشرت قناة « الجزائر الدولية »، التابعة للنظام العسكري، مقالا تحت عنوان مضلل: « الهروب الكبير… المخزن يلقي بأبنائه إلى سبتة لابتزاز الاتحاد الأوروبي ». ادعى المقال أن محاولات الهجرة السرية في المغرب تأتي بتواطؤ من السلطات المغربية، التي يتهمها المقال بتحريض الشباب على الهجرة كوسيلة للضغط على أوروبا. وأول من قابل هذا الادعاء المثير للسخرية هم مواطنون جزائريون لم يترددوا في التعبير عن السخط والاستنكار بسبب انشغال إعلام دولتهم بشؤون الجيران في تجاهل تام للواقع المزري الذي يتخبط فيه الشعب.
وسرعان ما تعرضت حسابات القناة على مواقع التواصل الاجتماعي لهجوم من طرف مواطنين جزائريين، حيث كتب أحد المعلقين، واسمه حكيم فطوش: « وكأن شبابنا يعيش في النعيم.. إنهم يهاجرون سرا صباح مساء، الأجدر بكم أن تهتموا بشؤونكم »، ليزكي تساؤله سعد غناني قائلا: « هل نسيتم همومكم حتى انشغلتم بهموم الجيران؟ ». أما أحمد قرين فقد أكد أن ما يتحدث عنه المقال يوجد في الجزائر أيضا وليس في المغرب وحده، حيث كتب يقول: « نحن أيضا لدينا شباب يهرب يوميا »، بينما يرى جعفر أن « الشعب الجزائري كله يفكر في الهجرة » في إشارة إلى اليأس والإحباط الذي يعيشه المواطنون في ظل السياسات الفاشلة للنظام العسكري الحاكم. في وقت يرى فيه منير أن « هذه حيلة من تبون (الفائز بعهدة ثانية) لإلهاء الشعب من خلال قنوات الذل والعار ».
وتعكس هذه الردود حالة الاستياء الشعبي من النظام الجزائري الذي يحاول التهرب من مشاكله الداخلية بتوجيه انتباه الرأي العام نحو قضايا خارجية.
تصعيد إلكتروني يائس
استغلت صفحات فيسبوكية جزائرية مقربة من النظام العسكري الدعوات إلى الهجرة عبر سبتة المحتلة لتأجيج المشاعر وتحريض الشباب على الانخراط في محاولات غير قانونية للهجرة. هذه الصفحات قامت بنشر فيديوهات قديمة ومحرفة لمحاولات سابقة للهجرة على الحدود المغربية، في محاولة لتشويه الحقائق وإثارة البلبلة.
إن هذه المحاولات، التي تأتي في ظل توترات سياسية بين المغرب والجزائر، تهدف إلى صرف الأنظار عن الأزمات الداخلية التي يعيشها النظام الجزائري، مثل الأزمة الاقتصادية وتزايد الانتقادات للنظام بعد الانتخابات الرئاسية المشكوك في نزاهتها.
إقرأ أيضا : بالصور والفيديو: «ليلة بيضاء» بباب سبتة.. القصة الكاملة وتفاصيل مُحاولة مهاجرين اقتحام المعبر الحدودي
الواقع في المغرب: تفاعل مسؤول وجهود توعوية
لعل ما يكذب افتراءات الإعلام الجزائري بكون « المخزن » هو المحرض على هذه الهجرة السرية / المعلنة، هو السلوك الحضاري الذي تعاملت به السلطات المغربية مع الشباب المغرر بهم، إذ تفاعلت بسرعة مع هذه المحاولات، وظلت في حالة تأهب قصوى، حيث نظمت حملات توعية للشباب والمراهقين، تحثهم على عدم الانسياق وراء هذه الدعوات المشبوهة.
كما تم توجيه تحذيرات واضحة للمواطنين، خاصة الشباب، بعدم التجاوب مع هذه الدعوات التي تهدف إلى إثارة الفوضى والاضطرابات.
إلى جانب الجهود الأمنية، يعمل المجتمع المدني المغربي بشكل مكثف على توعية الشباب حول مخاطر الهجرة غير القانونية. تعتبر هذه الفئة هدفا سهلاً للتحريض الإلكتروني، حيث تستغل الصفحات المشبوهة رغبتهم في تحسين أوضاعهم المعيشية لتقديم الهجرة إلى أوروبا كحل سحري، مع إغفال المخاطر الكبيرة المتعلقة بهذه المحاولات، سواء على المستوى القانوني أو الجسدي.
«ليلة بيضاء» قضتها السلطات بباب سبتة تصديا لمحاولات تسلل مهاجرين. سعيد قدري
حرب نفسية ومحاولات يائسة
يستغل النظام الجزائري إعلامه المسخّر لإثارة الفوضى في المغرب، لكنه يواجه مقاومة من الرأي العام الجزائري الذي بات يرفض الانسياق وراء هذه الدعاية المكشوفة.
محاولات تجييش الشباب المغربي عبر منصات التواصل الاجتماعي الموجهة من الجزائر ليست سوى جزءا من حرب نفسية تهدف إلى زعزعة الاستقرار، إلا أن الوعي المتزايد بين الشباب المغربي يمثل حاجزا أمام هذه المحاولات اليائسة.
هذا النهج الإعلامي الفاشل يوضح مدى التحامل على المغرب ومحاولة تشويه صورته بأي وسيلة متاحة، حتى لو كان ذلك باختلاق قصص غير واقعية وملفقة حول قضايا حساسة مثل الهجرة.