لقد بدا هذا جليا خلال القمة السادسة والثلاثين لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي حين أعلن الرئيس تبون قرار الجزائر «ضخ مليار دولار من أجل التضامن والمساهمة في دفع عجلة التنمية بالقارة الإفريقية».
وبعد ذلك، بدأ الوزير الأول الجزائري، أيمن بن عبد الرحمان، النفخ في هذا الشعار، معلنا، بشكل حماسي حتى كاد أن يصدق نفسه، أن «قرار ضخ مليار دولار إضافة كبيرة في مسار تفعيل آليات التضامن الإفريقي، انطلاقا من المقاربة الجزائرية التي تنص على أنه لا يمكن للسلم والأمن في إفريقيا أن يتحققا دون تنمية فعالة».
لتبرير هذه الشعارات الخطابية وإعطائها مصداقية لدى الشعب المغلوب على أمره، خرجت الأقلام المأجورة لتؤكد أن هذا يدخل في إطار «الدبلوماسية الدفاعية» وأنه «جزء من آليات مكافحة الإرهاب وتثبيت الاستقرار الأمني في القارة الإفريقية»، وأن هذا يهدف إلى عقد الشراكات الاستراتيجية وترقية حجم المبادلات التجارية وفتح أسواق خارجية، بل إن منظري «مكة الثوار» ادعوا أن على عاتق الكراغلة مسؤولية تحرير إفريقيا من قبضة الاستعمار وخلق نظام اقتصادي دولي جديد تلعب فيه «القوة العظمى» المنبوذة من طرف مجموعة «بريكس» الدور المحوري على صعيد إفريقيا!
لكن، ورغم هذه البلاغات الإنشائية التي تحاول القفز على الواقع المر لشعب يعاني من التدهور المعيشي وانتشار الطوابير الغذائية ناهيك عن فقدان مسلتزمات الحياة وانتشار الفقر والبطالة، نجد أن شمس الحقيقة لا يحجبها غربال.
لقد تبين وبالواضح أن الهدف الحقيقي لهذه «المساعدات» هو محاولة شراء الذمم والأصوات من أجل مناوأة المملكة المغربية الشريفة في قضيتها المقدسة، وكذا إرضاء هلوسات الجنرالات من قبيل تكريس الهيمنة على دول الساحل المجاورة والتحكم في رسم سياساتها الداخلية والخارجية.
لقد أطلقت ما تسمى «الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي» شعار: «التضامن والتنمية مع القارة السمراء»، ترى بأي وسائل لوجستية وصناعات يمكن أن تقدم هذه الوكالة لتنمية إفريقيا؟ وماذا يملكون خارج نطاق البترول والغاز؟ وكيف سيساهمون في تغذية إفريقيا وهم لا يكسبون حتى قوت يومهم، وكيف سيرتفع ميزان صادراتهم؟ أ بواسطة التمر الذي أصابه مرض البيوض؟
إن أسواء أنواع الكذب أن تكذب على نفسك وعلى شعبك وأن تتمادى في نسج حكايا الليل التي يمحوها النهار... وها هو الصبح قد لاح وباح بغير المباح وخرج المنادي يقول بكلام صداح: إن الجزائر «قبلة الحرائر» و«سلة إفريقيا» و«مهد الثوار» قد أعلنت توقيف اتفاقيات القروض التي تربطها بدول الساحل المنخرطة في مبادرة الولوج إلى الأطلسي وكذلك البلدان الإفريقية المعترفة بمغربية الصحراء، وذلك بموجب قانون المالية الجديد لسنة 2024 الذي أصبح ساري المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 31 دجنبر 2023، حيث نصت المادة 108 من قانون المالية الجزائري على إقفال حسابات القروض الممنوحة للحكومات الأجنبية مع تحويل أرصدتها لخزينة الدولة.
معشر الكراغلة، إن «مشروعكم» الدبلوماسي والاقتصادي قد أعلن إفلاسه إن لم يكن مفلسا أصلا وهو في طريق الانهيار. إنكم تحاولون بشتى الوسائل خلق مناورات وخلط أوراق، لكن السحر انقلب على الساحر في مشهد سريالي بئيس، لذا نناديكم مستحضرين في ذلك رابطة الدم والجوار، أن توقفوا هذا العبث، وأن تزيلوا الأقنعة، لقد سئم الجمهور من سخافة عرضكم، حذاري أن يكسر الجدار الرابع على طريقة «مسرح بريخت». حذاري أن تقع الواقعة!