فمنذ فترة ليست بالقصيرة، شهدت الحدود الشرقية للمملكة، تقاطر أعداد غفيرة من المهاجرين غير الشرعيين، والذين جعلوا مدينة وجدة وغابة « كوروكو » بالناظور، مواطن استقرار مؤقت، قبل أن يحاولوا الوصول إلى الضفة الأوروبية، مما تسبب في أحداث اقتحام سياج مدينة مليلية المحتلة شهر يونيو الماضي، ثم تسبب في أحداث دموية، راح ضحيتها عدد من أفراد القوات العمومية، وكذا بعض من المهاجرين، والمنحدرين غالبيتهم من السودان، حيث أكدوا، في تصريحات متفرقة لـle360، أن السلطات في الجزائر سهّٓلت لهم مهمة الولوج للمغرب، عبر الشريط الحدودي، الممتد من مدينة فكيك إلى مدينة وجدة، مقابل 300 أورو للفرد الواحد، وهو ما كشفته التحقيقات التي تلت أحداث سياج مليلية المحتلة.
وكشف هؤلاء المهاجرين عن تعرضهم لمعاملات قاسية من طرف العسكر الجزائري، تمثلت على الخصوص في سرقة أغراضهم الشخصية من أموال وهواتف وغيرها، وكذا إهانتهم والاعتداء عليهم.
وفي الأسبوع الماضي، استطاعت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة وجدة، إجهاض عملية للهجرة السرية، وتوقيف ثلاثة مواطنين سودانيين، يشتبه في ارتباطهم بشبكة إجرامية، تنشط في تنظيم الهجرة غير القانونية والاتجار بالبشر، حيث أكد عدد من المهتمين والمتابعين لشؤون الهجرة وحقوق الإنسان، أن السلطات الجزائرية تتهاون في مراقبة حدودها مع المغرب، خاصة إثر أزمتها مع إسبانيا، بعدما اعتبرت هذه الأخيرة أن مخطط الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية المغربية يبقى الحل الأنجع والأمثل لملف الصحراء المغربية، وهو الأمر الذي أثار غضب عسكر الجزائر، ليقدموا على سلسلة من الإجراءات الانتقامية من الجار الإسباني، أبرزها قطع إمدادات الغاز الطبيعي، وتسهيل عملية عبور المهاجرين غير الشرعيين للمغرب، وبالتالي لأوروبا.
وتعرف مدينة وجدة بين الفينة والأخرى، حالات وفيات في صفوف هؤلاء المهاجرين، ضحايا شبكات الاتجار بالبشر، والحسابات الضيقة غير الإنسانية للنظام الحاكم في الجزائر، بفعل موجة البرد القارس التي تعرفها المنطقة في هذه الأيام، إضافة إلى تعرضهم لأمراض فيروسية خطيرة خلال مسار الهجرة الطويل الذي يمتد إلى سنوات، حيث أشارت تقارير إعلامية إلى وفاة خمسة مهاجرين بجبل عصفور بضواحي مدينة وجدة في أواخر العام الماضي، ينحدرون من غينيا كوناكري وتشاد، تم نقل جثامينهم إلى مستودع الأموات بالمنطقة، ما دفع الهيئات الحقوقية إلى التنبيه لمشكل تدفق أعداد المهاجرين غير النظاميين في الأسابيع الأخيرة.
وفي هذا السياق، حذر عدد من الخبراء والباحثين في الشؤون الأمنية في تصريحات صحفية متفرقة، من أن إغراق الجزائر للجهة الشرقية للمملكة، قد يؤدي إلى تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة مع احتمالية وجود بين هؤلاء المهاجرين عناصر مدربة تدريبا عسكريا، أو تنتمي لمجموعات إرهابية، كونها تنحدر من دول تشهد صراعات عسكرية، وهو ما يفرض على المجتمع الدولي حسب هؤلاء الباحثين، الضغط على النظام الجزائري لتحمل مسؤولياته الدولية والسياسية والإنسانية، من أجل وضع حد لهذه الممارسات اللاقانونية.