بنطلحة يكتب: حكمة ملك

محمد بنطلحة الدكالي

في 30/07/2025 على الساعة 08:59

مقال رأيعند نصب لنكولن التذكاري في 28 أغسطس (آب) 1963 ألقى الزعيم الأمريكي من أصول إفريقية مارتن لوثر كنج خطبته الشهيرة أثناء مسيرة واشنطن للحرية.

ورغم قساوة الظروف التي كان يعيشها آنذاك، ظل مؤمنا بمستقبل أفضل يتعايش فيه السود والبيض بحرية ومساواة وتجانس.

تفطن « مارتن لوتر كينغ » إلى كلمات شكلت حاضر أمريكا، لقد نظر « كينغ » إلى الحشد، وخطب فيهم قائلا: « أقول لكم اليوم يا أصدقائي، على الرغم من أننا نواجه صعوبات اليوم وغدا، فإنه « لا يزال لدي حلم »، لتصبح جملة «لدي حلم» من أشهر العبارات التي لا تنسى على مر التاريخ.

هكذا يقدم لنا التاريخ النتائج والدلالات التي تمكن الدارس من معرفة الشعوب، وطريقة تفكيرها والأهداف التي قامت بتحقيقها، بالإضافة إلى مراميها وغاياتها.

«إن هذا الخطاب الصادق والذي يقابل القطيعة بالوصال والجفاء بالتقرب، لا يمكن أن يصدر إلا عن قائد دولة واثق من قدراته ومكانته، إنه النضج التاريخي والثقافي الذي تعبر عنه الملكية المغربية»

—  محمد بنطلحة الدكالي

واليوم يحق للتاريخ كذلك أن يسجل بمداد من ذهب، النداء الذي أطلقه ملك البلاد بمناسبة الذكرى 26 لتوليه مقاليد الحكم في البلاد، حيث أطلق نداء تاريخيا إلى الشعب الجزائري الشقيق، حيث أكد أن الشعب الجزائري شعب شقيق تجمعه بالشعب المغربي علاقات إنسانية وتاريخية، لذلك‐يقول ملك البلاد- حرصت دوما على مد اليد لأشقائنا في الجزائر، وعبرت عن استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول، حوار أخوي وصادق حول مختلف القضايا العالقة بين البلدين.

إن هذا الموقف الملكي التاريخي في خطاب العرش بما يحمله من دلالات رمزية، وماله من مكانة متميزة ضمن الخطب الملكية، هو إعلان رسمي بالتزام ملك البلاد من أجل بناء علاقات أخوية متينة بين بلدين جارين وشعبين شقيقين. إنها دعوة صادقة للعمل سويا من أجل بناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحسن الجوار، من أجل مستقبل أفضل لصالح البلدين.

نعم إن الحدود التي تفرق بيننا نريدها أن تكون جسور محبة وإخاء وسلام، هكذا يصر العاهل المغربي على سياسة اليد الممدودة، وهو بذلك يكون على موعد مع التاريخ وفي مستوى رمزية وعمق المؤسسة الملكية ذات التاريخ الحضاري الطويل، استحضارا للمسؤولية التاريخية الملقاة على المؤسسة الملكية على مر تاريخ المغرب الطويل.

إن هذا الخطاب الصادق والذي يقابل القطيعة بالوصال والجفاء بالتقرب، لا يمكن أن يصدر إلا عن قائد دولة واثق من قدراته ومكانته، إنه النضج التاريخي والثقافي الذي تعبر عنه الملكية المغربية، مما يجعلها تتخذ المواقف والقرارات بناء على منطق العقلانية والواقعية والحكمة وثوابت المشترك التاريخي وأهداف المستقبل الموحد للشعوب المغاربية، سيما وأن التاريخ فرص تستغل ولا تهدر، وليس مجرد وقت يمر، وموقفنا المشترك وحده يصنع قوتنا.

وأن تبادر إلى الصلح ومد الجسور، وبلدك في كامل قوته واستعداده، فاعلم أن ذلك يسمى السمو المغربي الذي طبع دوما تاريخ المغرب المجيد... إنها ثقافة الملوك وهي تعبر عن ثقة في النفس ورحابة صدر وشموخ إنساني يلخص حمولة عميقة في معنى أن تكون كبيرا...

تحرير من طرف محمد بنطلحة الدكالي
في 30/07/2025 على الساعة 08:59