القرار بشأن الصحراء: كيف وضعت واشنطن حدا نهائيا للعبة الجزائر؟

خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في مقر المنظمة بنيويورك، يوم 18 شتنبر 2025. (الصورة: وكالة فرانس برس)

في 19/10/2025 على الساعة 18:47

تشكل المسودة الأولى لقرار مجلس الأمن رقم 2025 بشأن الصحراء، المعدة من قبل الولايات المتحدة، منعطفا تاريخيا: لم يعد مخطط الحكم الذاتي المغربي مجرد خيار من بين خيارات أخرى، بل هي الحل الوحيد المعترف به لتحقيق سلام دائم، ويجب أن تتظافر جميع الجهود المستقبلية لتحقيقه. يُمثّل هذا ضربة دبلوماسية موجعة للجزائر ودميتها، جبهة البوليساريو. يعبر النظام الجزائري عن استنكاره، بينما يكتب المغرب، بدعم من المجتمع الدولي، التاريخ.

أكدت الولايات المتحدة هذا مرارا وتكرارا منذ إعادة تنصيب الرئيس ترامب، الذي أكده في رسالة وجهها إلى الملك بمناسبة عيد العرش. كما أن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، التزم بهذا منذ أبريل 2024، عندما أكد مجددا أن «الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية»، و«تدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والموثوق والواقعي»، باعتباره «الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع»، و«سيساهم في أي تقدم نحو هذا الهدف». كما جدد دعوة الرئيس دونالد ترامب للأطراف إلى الانخراط في مناقشات دون تأخير، بالاستناد على مقترح الحكم الذاتي «كإطار وحيد للتفاوض على حل مقبول للطرفين».

وقد أضفت واشنطن الآن طابعا رسميا على هذا الالتزام، لا سيما في مشروع قرار مجلس الأمن الدولي، الذي أعدته الولايات المتحدة باعتبارها صاحبة القلم وعرض على أعضاء المجلس للتصويت عليه في نهاية أكتوبر.

هذا المشروع ليس مجرد قرار آخر ينضاف إلى قرارات أخرى، بل يمثل نص القرار تطورا كبيرا -بل نقطة تحول- مقارنة بجميع القرارات التي سبقته. والسبب هو أنه يقدم مخطط الحكم الذاتي للصحراء تحت السيادة المغربية هذه المرة على أنه الحل «الوحيد» للنزاع و«الأساس الأكثر مصداقية» لجميع المفاوضات المستقبلية. ويشير مشروع القرار إلى «الدعم الذي أعربت عنه الدول الأعضاء لمقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والموثوق والواقعي، الذي قدم في 11 أبريل 2007، إلى الأمين العام، باعتباره الأساس الأكثر مصداقية للتوصل إلى حل عادل ودائم للنزاع». وينص على أن «الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يشكل الحل الأكثر قابلية للحياة».

وفي هذا الصدد، يجب أن تبدأ المناقشات «دون تأخير» بين الأطراف، وهي المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو، بالاستنداد إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي «كإطار وحيد». والولايات المتحدة مستعدة لاستضافة المفاوضات المقبلة.

والدليل على أن الوقت محدود وأن الإرادة لحل النزاع قوية، ينص القرار على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لثلاثة أشهر إضافية فقط، حتى 31 يناير 2026. وخلال هذه الفترة، يطلب من الأمين العام ومبعوثه الشخصي تقديم إحاطات منتظمة إلى مجلس الأمن حول تقدم المفاوضات، في أي وقت يراه مناسبا خلال فترة الولاية، بما في ذلك في غضون ستة أسابيع من تجديدها، ومرة أخرى قبل انتهاء صلاحيتها. وسيتم النظر في تحويل مهمة بعثة المينورسو أو إنهائها بناء على ذلك.

ويمثل هذا القرار، الذي يمثل أبرز تقدم في العملية السياسية لحل النزاع وخطوة رئيسية نحو إنهاء قضية عمرها خمسون عاما، مسودة فقط حاليا. لكن ذلك كان كافيا للجزائر، الطرف الرئيسي في هذه الأزمة، ودميتها جبهة البوليساريو، لترفع عقيرتها لإدانة نص القرار. وتشير ألسنة السوء إلى أن الجزائر كانت وراء تسريب محتوياتها، كوسيلة لتهدئة انفجار حقيقي قادم، ولعرقلته. يذكر هذا التكتيك، على نحوٍ غريب، بما سبق إعلان فرنسا دعمها لسيادة المغرب على صحرائه، مع ما نعرفه جميعا من عواقب: ضجة، وتهديدات، وضربات حقيرة... دون أي نتائج تذكر. الفرق هذه المرة هو أن النظام الجزائري سيجد نفسه في مواجهة الولايات المتحدة في حال اندلاع اضطرابات لا يمكن السيطرة عليها.

هذا لا يمنع من اندلاع نوبات الغضب المعتادة. ففي هجوم لاذع على مشروع النص، وصفت إحدى وسائل الإعلام التابعة للنظام مشروع القرار بأنه «إنكار صارخ للقانون الدولي وإهانة لميثاق الأمم المتحدة». وأضافت أن «أي محاولة لفرض إطار سياسي أحادي الجانب تعد عملا استعماريا». جبهة البوليساريو، الدمية التي تحركها الجزائر، استشاطت هي أيضا غضبا. بالنسبة للميليشيا الانفصالية، التي هي على وشك أن تصنف كجماعة إرهابية، لا تعكس الوثيقة سوى الموقف الأمريكي، وليس موقف الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن. وهدد محمد عمر، الممثل المزعوم للبوليساريو لدى الأمم المتحدة والمنسق مع بعثة المينورسو، قائلا: «مستقبل الشعب الصحراوي ليس في أيدي الولايات المتحدة أو فرنسا أو أي قوة أخرى، بل في أيدي الشعب الصحراوي نفسه، المصمم على الدفاع عن حقوقه المشروعة في تقرير المصير والاستقلال». وهذا دليل على أن الميليشيا لن تتخلى عن منطقها الإرهابي.

في غضون ذلك، من المتوقع أن يمر التصويت على القرار في صيغته الحالية بسلاسة. تدعم ثلاث من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة) رسميا سيادة المغرب على الصحراء. ويعد التزام واشنطن، الذي ازداد قوة في الأشهر الأخيرة، راسخا. يضاف إلى ذلك الموقف البناء لباريس ولندن، وكذلك موقف مدريد، القوة الاستعمارية السابقة، وجميعها تقف إلى جانب المملكة. حتى روسيا والصين، اللتان لطالما اتسم موقفهما بالحذر، تبدوان منفتحتين على تجديد الحوار حول حل سياسي قائم على الحكم الذاتي. وتبرز الزيارة الرسمية التي قام بها ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، إلى موسكو، في الوقت الذي يستعد فيه مجلس الأمن للتصويت، الدور المحوري الجديد للمغرب في التوازنات الإقليمية. وفي ما يتعلق بالمغرب الكبير، فإن تناقض الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وانتهازيته وعجزه قد قوض ثقة موسكو في حكام الجزائر. والخاسر الأكبر ليس سوى الجزائر، التي راهنت بكل شيء على دمية صنعت من أجل إضعاف المغرب. بعد خمسين عاما، خسرت كل شيء. ومن سخرية التاريخ أن الجزائر، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، ستكون شاهدة عيان فشلها.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 19/10/2025 على الساعة 18:47