الوحدة الجزائرية هي إرث لفرنسا. قبل الغزو الفرنسي عام 1830، كنا نتحدث عن المغرب الأوسط، المغرب ثم آنذاك، خلال العهد العثماني عن إيالة الجزائر في الغرب. لم تشهد الفترة العثمانية تطورا نحو بناء دولة قومية جزائرية لأنه، على عكس القرمانليين في ليبيا والحسينيين في تونس، لم يكن هناك في الواقع أي ظهور لسلالة حاكمة وطنية أو ما قبل وطنية في إيالة الجزائر.
تاريخيا
« (...) منذ بداية العالم، لم تكن هناك وحدة، ولا سيادة جزائرية. القرطاجيون والرومان والوندال والبيزنطيون والعرب السوريون وعرب قرطبة والأتراك والفرنسيون، دخلوا تباعا إلى البلاد دون أن تكون هناك في أي وقت وبأي شكل دولة جزائرية » (تصريح شارل دوغول يو 16 شتنبر 1959 لقناة « RTF »).
سياسيا، في الإيالة التركية السابقة على ولاية الجزائر، كان الغرب يعترف بالسلطة الروحية لسلطان المغرب. وكان لهذا الأخير أيضا خليفة في المنطقة، ومن بينهم والد عبد القادر نفسه. وأما الشرق، أي القسطنطينية، فقد كانت تتبع لإسطنبول. ولم تكن الصلاة في أي مكان تقام باسم قائد « جزائري »، لأن « الأمة الجزائرية » لم تكن موجودة حينها.
في عام 1831، في رسالة إلى عائلته، تحدث الجنرال المستقبلي لويس دي لاموريسيير (1806-1865) عن الاختلافات الجزائرية:
« في وهران تقام الصلاة باسم ملك المغرب، وفي قسطنطينية تقام باسم سلطان القسطنطينية، أما في الجزائر، حتى لا تتورط، تقام باسم الذي يسير على الطريق المستقيم ».
إقرأ أيضا : المؤرخ برنارد لوغان: كيف نكتب تاريخ الجزائر؟
الإيالة العثمانية السابقة التي ضمت ضمنيا إلى فرنسا، تمت إدارتها لأول مرة بموجب قانون 24 أبريل 1833 المحدث للمؤسسات الفرنسية في إفريقيا، التي كانت تدبيرها بموجب المراسيم الملكية. لقد كانت في الواقع مستعمرة عسكرية تم تحديد نظامها بموجب المرسوم الصادر في 22 يوليوز 1834. وكانت هذه المستعمرة، الملحقة بوزارة الحربية، يشرف على إدارتها الحاكم العام. وكان هذا المرسوم هو الذي جعل من الولاية العثمانية السابقة ملكية فرنسية، ونتيجة لذلك أصبح جميع سكانها رعايا فرنسيين.
وبعد سنوات قليلة، في عام 1839، سيطلق على التراب الذي انتزعته فرنسا من العثمانيين اسم الجزائر. ومن أطلق عليها هذا الاسم هو الجنرال أنطوان فيرجيل شنايدر (1779-1847)، وزير الحربية آنذاك في حكومة سولت (Soult) الثانية، والذي كتب في 14 أكتوبر 1839، في توجيهاته إلى المارشال سيلفان تشارلز فالي (1773-1846) الحاكم العام للجزائر:
« حتى اليوم، الأراضي التي نحتلها في شمال إفريقيا في المراسلات الرسمية يطلق عليها إما تحت اسم الممتلكات الفرنسية في شمال إفريقيا أو تحت اسم إيالة الجزائر السابقة، ويجب أن يطلق عليها اسم الجزائر. ويبدو أن هذه التسمية الأخيرة، وهي أقصر وأبسط وفي نفس الوقت أكثر دقة من كل التسميات الأخرى (...) هي التي يجب أن تعتمد من الآن فصاعدا (...) ولذلك أدعوكم (...) إلى استبدال التسميات السابقة بكلمة الجزائر. »
ومن خلال الغزو، قامت فرنسا بعد ذلك بجمع المناطق التي ستشكل الجزائر الفرنسية. وعملت على إخراجها من عزلتها من خلال سياسة طموحة لإنشاء طرق تواصل. المسارات الأولى، ثم الموانئ والسكك الحديدية. وأخيرا، أعطتها حدودها التي تم رسمها، في الغرب، من خلال بتر أراض من المغرب (توات، تيديكلت، قورارة، تندوف، كولومب بشار، إلخ) والتي فتحت الجزائر في الجنوب على الصحراء التي لم تكن تمتلكها قط.
