لقد اعتمدت المؤسسة الأمنية على الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة وتأطير العمل الشرطي بمدونة سلوك جد متقدمة وعلى تأهيل رجل الأمن علميا وتقنيا وأخلاقيا، والتزام أسلوب اليقظة والاستباق في الحصول على المعلومة واتخاذ الإجراءات السريعة والفعالة من أجل تحصين البلاد وصد أي عمل إرهابي أو إجرامي.
وقد جعلت من التكوين على حقوق الإنسان مكونا أساسيا، علما أن الحكامة الأمنية شكلت إحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، كما أن التأصيل الدستوري في منطوق دستور2011 يعتبر مرجعا أساسيا للحكامة الأمنية.
إن هذه التجربة الأمنية الرائدة على صعيد المنطقة، قد جعلت اللواء أحمد ناصر الريسي، رئيس المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «أنتربول،» ينوه بنجاعة واحترافية المؤسسات الأمنية المغربية على هامش افتتاح أشغال المؤتمر السابع والأربعين لقادة الشرطة والأمن العربي الذي نظم ببلادنا مؤخرا.
وفي مجال مكافحة الإرهاب، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي عن الإرهاب في دول العالم، حيث أكد أن «المغرب يمثل عنصرا هاما ضمن التنسيق التاريخي والتعاون القوي مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب»، مشددا على أنه «واصل استراتيجيته الشاملة التي ضمنها الرفع من اتخاذ التدابير الأمنية اليقظة، والتعاون الإقليمي والدولي، ووضع سياسات لمكافحة التطرف».
وجاء في التقرير أيضا أن «جهات إنفاذ القانون المغربية شاركت في مجموعة واسعة من البرامج التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية لتحسين القدرات التقنية والتحقيقية للبلاد بما في ذلك التحقيقات المالية وتحليل المعلومات الاستخباراتية والطب الشرعي والأمن السيبراني». وعن تجفيف منابع التطرف، أكد بيان الخارجية الأمريكية أن «المغرب لديه استراتيجية شاملة لمكافحة العنف تعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية والبشرية بالإضافة إلى مكافحة التطرف والعنف».
إن المؤسسة الأمنية المغربية تتوفر على استراتيجية متعددة الأبعاد في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف تجمع بين الجوانب القانونية والاقتصادية والاجتماعية والدينية زيادة على تعزيز وتوطيد التعاون الدولي مما جعل من المملكة المغربية رائدا وشريكا استراتيجيا على الصعيد العالمي في هذا المجال وأدى إلى تفكيك العشرات من الخلايا الإرهابية في كثير من دول العالم، وفي هذا الإطار كذلك نستحضر الدور الريادي والفعال الذي تقوم به فرقة مكافحة الجريمة المنظمة، التابعة للمكتب المركزي للأبحاث القضائية سواء على المستوى الوطني أو الدولي، حيث قامت المملكة المغربية بإدراج آليات جديدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي تعد من أخطر الجرائم في وقتنا الحاضر ولها صور عديدة أبرزها تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات والتهريب وكذلك جرائم الاتجار بالبشر وغيرها.
وعلى الصعيد الإفريقي، شدد المغرب، خلال اجتماع لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، الذي انعقد مؤخرا ببورندي، على الحاجة الملحة لتبني مقاربة متعددة الأبعاد بهدف مكافحة التهديد الإرهابي في إفريقيا بشكل فعال تقوم على ثلاثية السلم والأمن والتنمية لمحاصرة التهديدات الإرهابية وتعزيز استجابة فعالة ومندمجة تأخذ بعين الاعتبار الانشغالات الأساسية للمواطن الإفريقي.
إن العقيدة الأمنية المغربية، وإن كان دورها الأساسي هو إنفاذ القانون وحماية النظام العام مع ما تتمتع به من الصلاحيات والسلطات التقديرية لأداء واجبها المهني، إلا أنها تلتزم دوما بمبادئ المشروعية والمعايير الدولية للحكامة الأمنية وضمان انخراط المؤسسة الأمنية في البناء الديمقراطي واحترام الحقوق والحريات الأساسية.
لقد أضحت المدرسة الأمنية المغربية نموذجا يقتدى به على الصعيد الإقليمي والدولي، عنوانه التحدي المغربي.