يعتزم عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، تفعيل ما يسميه بـ«الإصلاح البيداغوجي» لسلكي الإجازة والدكتوراه ابتداء من السنة الجامعية 2023-2024، وذلك «تماشيا مع توجهات المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار (2030 PACTE ESRI)».
ويتمثل هذا «الإصلاح»، وفق تصور الوزير، في «تجويد» سلك الإجازة بالجامعات المغربية، من خلال برمجة وحدات في اللغات الأجنبية وإضافة تخصصات جديدة مع تدريس الذكاء الاصطناعي في جميع تخصصات سلك الإجازة، إضافة إلى ملاءمة التكوينات مع حاجيات البلاد ومهن المستقبل مع تمكين الطلبة من الإدماج في أسواق الشغل.
ومن ضمن التغييرات التي ستطرأ على سلك الإجازة، ابتداء من العام المقبل، إلغاء وحدة «بحث التخرّج (PFE)» في سلك الإجازة، بالنسبة للطلبة الجدد الذين سينضمون إلى أحد مسالك الإجازة بالجامعات المغربية خلال الموسم المقبل.
«إصلاحات» ميراوي البيداغوجية
في مذكرة موجهة إلى رؤساء الجامعات حول موضوع « طلبات اعتماد وتجديد اعتماد مسالك التكوين برسم دورة التقييم 2023″، دعا الوزير عبد اللطيف ميراوي إلى «اعتماد طرق وأساليب بيداغوجية جديدة، بما فيها التعلم عن بعد والتكوين بالتناوب، يتم التركيز فيها على تقوية كفاءات الطلبة، سواء العلمية والتقنية أو الأفقية والسلوكية، مع مراعاة وضع جذوع مشتركة بين المسالك المنتمية لنفس الحقل المعرفي بهدف مد الجسور بين مسالك المؤسسة أو مع مسالك أخرى خارج المؤسسة».
ولفتت التوجيهات، في هذا السياق، الانتباه إلى «تفادي تعدد المسالك في نفس التخصص، والعمل على تجميعها كلما استدعى الأمر ذلك، عبر وضع جذوع مشتركة بين المسالك والاختيارات على مستوى نهاية التكوين، وكذا تفادي تعدد الاختيارات غير المتجانسة داخل نفس المسلك، والتي يمكن أن تشكل مسالك قائمة بذاتها، إلى جانب تضمين كل طلب لتجديد الاعتماد أو لاعتماد مسلك جديد كافة الآراء والتأشيرات المطلوبة».
ففي الشق المرتبط بمسالك سلكي الإجازة والدكتوراه، طالب ميراوي بـ«تفعيل الإصلاح البيداغوجي لسلكي الإجازة والدكتوراه ابتداء من السنة الجامعية 2023-2024، تماشيا مع توجهات المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، على أن يتم استقبال طلبات اعتماد وتجديد اعتماد جميع مسالك سلكي الإجازة والدكتوراه خلال السنة الجامعية الحالية، وفق مقتضيات دفتري الضوابط البيداغوجية الوطنية الجديدة الخاصين بهذين السلكين».
كما أخبر الوزير رؤساء الجامعات بقرار «تجديد اعتماد مسالك سلك الإجازة في العلوم والتقنيات الخاص بكليات العلوم والتقنيات التي ستستوفي مدة اعتمادها نهاية السنة الجامعية الحالية 2022-2023، وفق المدة القانونية المحددة في دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية الخاص بهذا السلك، مع الحرص على احترام مقتضيات الملفات الوصفية لهذه المسالك كما تم اعتمادها سابقا».
وقد صادقت اللجنة الوطنية لتنسيق التعليم العالي على المشروع الذي تم اعتماده من طرف الفاعلين في منظومة التعليم العالي، خلال اجتماعها المنعقد بتاريخ 14 أبريل 2023.
ناقوس الخطر!
أمام إصرار وزير التعليم على تسريع تنزيل «إصلاحاته البيداغوجية»، حذر أساتذة باحثون مما اعتبروه خطرا يهدد «استمرار العديد من التخصصات.. كما يهدد أيضا بتحويل مدرسيها إلى عاطلين عن التدريس».
وانتقد الأساتذة الباحثون ما وصفوه بـ«الإفراط والمبالغة في تغليب البعد الممهنن الطّاغي في مشروع الهندسة البيداغوجية المقترحة، بدعوى تكييف التكوينات بالمؤسسات ذات الاستقطاب المفتوح لحاجيات سوق الشغل، للحد من بطالة الخريجين»، مؤكدين «أن البطالة لا يجب أن تلتصق بشكل قطعي وحصري بالجامعة المغربية، بل هي نتيجة لطبيعة النظام الاقتصادي الوطني العاجز عن تحقيق نسبة نمو حقيقية، تؤدي حتما إلى خلق أعداد كافية من مناصب الشغل».
الوزير «يتجاهل» غضب الأساتذة
بينما يهدف وزير التعليم العالي من خلال هاته التعديلات إلى «ملاءمة التكوينات مع حاجيات البلاد ومهن المستقبل والتمكين من الإدماج»، يرى الأساتذة الجامعيون المنضوون في النقابة الوطنية للتعليم العالي (الأكثر تمثيلية في القطاع)، أن هذه «الإصلاحات» لن تؤدي إلا إلى «الإجهاز على الجامعة كمرفق عمومي».
جاء ذلك في بلاغ للنقابة يستغرب «إصرار» الوزير على «تصريف هذه القرارات في جو من الضبابية وغياب الوثائق والمراسلات الرسمية»، مطالبين إياه بمنحهم الوقت الكافي حتى يتسنى لهم «إمعان النظر في المشروع، والحكم عليه انطلاقا من تقييم حقيقي للإصلاحات السابقة، وقياس حدود جدواه وفعاليته، وقدرته على إخراج المنظومة من التخبط الذي تعيش فيه، رغم سلسلة «الإصلاحات» المتتالية المطبوعة دائما بالتسرع والتهافت».
وفي رده على سؤال شفوي وجهه إليه فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، حول «التقييم المرحلي لتدبير القطاع واعتماد سياسة عمومية بشأنه»، أوضح ميراوي، أن هذه المراجعة «تتم بشراكة مع كافة القطاعات الوزارية والمحيط السوسيو- اقتصادي ومشاركة مختبر البحث العلمي، من أجل إضفاء صيرورة على الإجازات الجديدة»، مبررا هذه التعديلات بكون بعض تخصصات الإجازة «لم يطرأ عليها أي تغيير منذ 20 سنة».
وأكد الوزير أنه «سيتم الشروع في تدريس الذكاء الاصطناعي في جميع تخصصات سلك الإجازة»، مضيفا أنه «ستتم ملاءمة دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الإجازة والدفتر الوطني للضوابط العلمية بالنسبة إلى سلك الدكتوراه».