الجزائر وطرابلس عرابا الإرهاب في الصحراء (1972-1973)

Jillali El Adnani.

جيلالي العدناني

في 21/09/2025 على الساعة 13:37

مقال رأيمن عام 1970 إلى عام 1973، تكشف الأرشيفات الفرنسية عن بوادر خطة منسقة بين الجزائر وطرابلس من أجل إضعاف المغرب من خلال استغلال قضية الصحراء. ومع ذلك، فإن هذا المخطط ليس جديدا. فمن القمع الدموي في العيون عام 1970، الذي شهد ظهور مجموعات صحراوية سرية، إلى جولة القذافي في موريتانيا عام 1972، وصولا إلى عمليات التسليح المكثفة واستقبال البوليساريو عام 1973، تتضح استراتيجية تخريبية متماسكة ومتدرجة.

سيكون من المثير للاهتمام أن نجري مقارنة بين تهريب الأسلحة الذي تم اعتراضه في منطقة أسني قرب مراكش في نونبر 1973، والهجوم الإرهابي على فندق أسني بمراكش في غشت 1994، أو حتى مع النداء الذي أطلقه مختار سعيد مديوني في نونبر 2021 من على قناة الحياة الجزائرية، حيث دعا الصحراويين لشن هجمات إرهابية في مراكش أو الدار البيضاء. تذكر هذه الأحداث استمرار استراتيجية لزعزعة الاستقرار مصممة في الجزائر، والتي تجلت سابقا في «عملية هواري بومدين» عام 1979، استهدفت المدن المغربية طانطان، وآقا، والمحبس وكلميم.

لفهم نشأة هذه الخطة العسكرية-السياسية، يجب التركيز على الفترة المحورية من 1972 إلى 1973، حيث تم تأسيس التحالف الجزائري الليبي وتشكيل آلية الانفصال الصحراوي التي أصبحت الورقة الرئيسية في مواجهة طويلة ضد المغرب. انتهاء أحداث مولاي بوعزة في 5 مارس 1973 لم يثن الجزائر وطرابلس عن مؤامراتهما. تكشف الوثائق السرية للاستخبارات الخارجية الفرنسية أن هذه الأفعال التخريبية استمرت بلا توقف حتى نونبر 1973 من أجل تحقيق هدف واضح: تحييد أي رد فعل مغربي بعد إنشاء البوليساريو في ماي من نفس العام. لا يمكن وصف هذا المسار إلا بأنه رعاية للإرهاب.

كيف أعدت الجزائر ورقة الانفصال في الصحراء المغربية

وثيقة تعود إلى يناير 1971 تكشف عن جذور الانفصالية الصحراوية، قبل الظهور الرسمي للبوليساريو في ماي 1973. تذكر الوثيقة إنشاء « منظمة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب » التي تأسست في بداية 1969، وقد تداولتها صحيفة وهرانية « لا ريبيليك » (La République). يرتبط هذا التنظيم بانتفاضات العيون في 17 يونيو 1970، التي قمعتها إسبانيا والتي خلفت 11 قتيلا و23 جريحا. ومنذ ذلك الحين، تعمل المنظمة في الخفاء مطالبة بالانسحاب الكامل للقوات الإسبانية واعتراف رسمي من مدريد.

هذه الوثيقة لها أهمية مزدوجة. أولا تكشف أنه، اعتبارا من 1970-1971، تحول المشهد السياسي الصحراوي ينزع إلى مطلب انفصالية منظم، مدعوما بحملة في الوسائل الإعلام في الجزائر (التي تنكرت لتعهداتها والتزاماتها في إفران وتلمسان والرباط). إن « منظمة تحرير » لم تصبح بعد جبهة البوليساريو، لكنها مثلت بوضوح إطارا منظما يتبع بنفس المنطق: المقاومة المسلحة ضد إسبانيا، ورفض أي حل تفاوضي من مدريد، والمطالبة بشرعية محلية حصرية. هذه هي اللحظة التي بدأت فيها الجزائر تبرز فاعلا يمكن أن يكون أداة دبلوماسية ضد المغرب.

ثانيا، تشير المذكرة إلى قراءة جيوسياسية للوضعية: « من الممكن أن نشر هذه المعلومات يعكس توجها جديدا في السياسة الجزائرية »، عشية النقاش في الأمم المتحدة.

هذا المقطع ذو أهمية كبرى: الجزائر، التي كانت حتى ذلك الحين تؤكد دعم الجهود المشتركة بين المغرب وموريتانيا، بدأت تلمح إلى فكرة وجود فاعل آخر يمكن أن يمثل خيارا ثالثا. بمعنى آخر، الجزائر تمهد بالفعل الطريق لخيار انفصالي، ليس للدفاع عن الصحراويين، بل لاستخدامه كأداة ضغط.

منذ عام 1971، بدأت الجزائر تحضر ملف الانفصال كسلاح استراتيجي. في سياق ما بعد حرب الرمال (1963) ومعاهدة الحدود التي لا تزال غير مكتملة، أصبحت فكرة « فاعل صحراوي مستقل » الورقة الوحيدة التي يمكن أن تخدم مصالحها. وهي طريقة للطعن في السيادة التاريخية للمغرب والوجود الاستعماري الإسباني، مع الحفاظ في الوقت ذاته على التحكم في العملية. هذه الاستراتيجية تفسر لماذا، بعد عامين، قدمت الجزائر ملاذا لجبهة البوليساريو. فالحركة ليست مبادرة محلية عفوية لكنها ثمرة استراتيجية سياسية بدأت من قبل.

ليبيا معمر القذافي، الفاعل المزعج (عام 1972)

ففي فبراير 1972، ظهر فاعل جديد على الساحة الصحراوية: ليبيا معمر القذافي. بعد تثبيت سلطته في طرابلس، كان القذافي يطمح إلى لعب دور المناهض للاستعمار والمدافع عن القومية العربية. وزيارته لموريتانيا، كما وردت في تقرير الاستبخبارات الخارجية الفرنسية بتاريخ 29 فبراير 1972، تعتبر حدثا معبرا.

ويشير التقرير إلى أن الاستقبال الذي حظي به القذافي روصو ونواذيبو وأطار وشنقيط كان باردا: لم يخرج السكان لاستقباله وتحيته. خطاباته، التي كانت عدائية ضد إسبانيا، اعتبرتها السلطات الموريتانية غير لائقة. وفضل مختار ولد داداه، رئيس الجمهورية الإسلامية، الامتناع عن أي تعليق رسمي، في إشارة إلى شعوره بالحرج. من جانبها، انتهزت إسبانيا هذه الفرصة: استغلت مدريد هذه التصريحات لتعزيز قواتها في وادي الذهب.

تبرز هذه الجولة الفاشلة تناقضا جوهريا في دبلوماسية القذافي. فمن جهة، كان يهدف إلى تصعيد الصراع ضد إسبانيا وترسيخ مكانة طرابلس كمنارة ثورية في المغرب العربي والساحل. ومن جهة أخرى، كان لتسرعه أثر عكسي، إذ عزز الوجود العسكري الإسباني. ومع ذلك، لم تكن هذه الحادثة اعتباطية. فقد دشنت انخراطا ليبيا في ملف الصحراء، ومهدت الطريق للتقارب مع الجزائر.

ليبيا، الغنية بأموال النفط والطامحة إلى النفوذ الأيديولوجي، وفرت ما افتقرت إليه الجزائر: التمويل، وتدفق الأسلحة، والخطاب المناهض للإمبريالية. وسيتضح هذا الدور « كممول » في العام التالي، عندما تم تسليم شحنات أسلحة عبر ورقلة لتقديمها لشبكات سرية متجهة إلى المغرب. وهكذا، تمثل زيارة القذافي إلى موريتانيا، على الرغم من فشلها الدبلوماسي، أول خطوة واضحة في بروز محور جزائري-ليبي.

هيكلة الاستراتيجية التخريبية (1973)

وثيقة أخرى مؤرخة في 13 أبريل 1973 تعد عنصرا أساسيا في فهم دور الجزائر وليبيا في تنظيم حرب تخريبية حقيقية ضد المغرب. تكشف هذه الوثيقة أن هذه الحرب التخريبية تستفيد الآن من دعم خارجي منظم. ففي طرابلس، في ثكنة العزيزية، تلقى متطوعون صحراويون تدريبا عسكريا إلى جانب فلسطينيين من فتح، مما وضع القضية الصحراوية ضمن شبكة أوسع، شبكة النضال الثوري العربي بقيادة القذافي. في الوقت نفسه، كان المغرب مقتنعا بأن المتمردين يجدون ملاذا لهم في الجزائر، حيث وفرت لهم معسكرات تدريب. لم تكتف الجزائر بتسامحها مع هذه الأنشطة، بل غضت الطرف عن طرق تهريب الأسلحة، وساهمت بشكل مباشر في هيكلة شبكات معادية للمغرب.

كما يذكر التقرير مسارات لوجستية تمر عبر سبتة ومليلية، مما يسمح بدخول الأسلحة إلى الأراضي المغربية عبر طنجة والناظور. يسلط هذا التفصيل الضوء على وجود منطقة رمادية تتقاطع فيها عمليات التهريب والتواطؤ المحلي والغموض الإسباني. فمدريد، في سعيها للحفاظ على سيطرتها على الصحراء، تصبح بشكل غير مباشر حلقة وصل في شبكة تهريب تسهم في الواقع في زعزعة استقرار المغرب. يعكس هذا الوضع تعقيد صراع لا يقتصر فيه خط المواجهة على الصحراء، بل يمتد إلى جيوب ونقاط حساسة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط.

والأهم هو التقارب السياسي بين الجزائر وطرابلس. في 20 مارس 1973، التقى القذافي وبومدين في طرابلس وحددا خطة مشتركة. قدمت ليبيا الأسلحة والتدريب العسكري، بينما قدمت الجزائر أراضيها كقاعدة خلفية ووسيطا دبلوماسيا. بعد بضعة أيام، أكد بومدين علنا هذا التوجه بإعلانه في الجزائر العاصمة الطابع الثوري للمساعدات المقدمة للمتمردين المغاربة. يشهد هذا التنسيق على أنه في ربيع عام 1973، لم يعد التخريب مجرد سلسلة من المبادرات المتفرقة، بل مشروعا استراتيجيا منسقا، تشرف عليه دولتان مدفوعتان بـ« مداخيل النفط والأيديولوجيا« .

توضح هذه الوثيقة التحول من معارضة سرية إلى حرب غير مباشرة شاملة ضد المغرب. أنشأت الجزائر وليبيا بنية تحتية عسكرية وأيديولوجية يمكن لجبهة البوليساريو، التي تأسست رسميا في ماي 1973، الاعتماد عليها فورا. من خلال ربط قضية الصحراء بالشبكات الفلسطينية والخطاب الثوري العربي، سعت الدولتان إلى منحها شرعية دولية، مع إضعاف المغرب محليا ودبلوماسيا. وهكذا، شهد ربيع عام 1973 التحول من الدعاية والنوايا إلى استراتيجية عمل منسقة، حيث أصبحت النزعة الانفصالية الصحراوية الأداة المركزية للمؤامرة الجزائرية-الليبية.

التدخل المباشر للجزائر

وأخيرا، لنستعرض وثيقة أخرى مؤرخة في 9 نونبر 1973، صادرة عن الاستخبارات الخارجية الفرنسية، توضح الدعم الذي قدمته ليبيا والجزائر لأعمال تخريبية في المغرب.

وتكشف الوثيقة أنه في الفترة من 3 أكتوبر إلى 3 نوفمبر1973، هبطت طائرات ليبية في ورقلة (جنوب الجزائر) محملة بشحنات أسلحة، بمعدل أربع إلى خمس رحلات أسبوعيا. ثم نقلت جوا إلى القليعة، ثم بشاحنات « برليي » إلى بني عباس (جنوب بشار). ومن هناك، وزعت الأسلحة على شاحنات صغيرة يقودها مغاربة، ونقلت سرا إلى الحدود الجزائرية المغربية، وصولا إلى آسني، جنوب مراكش. وتؤكد الوثيقة أن كمية الأسلحة المنقولة كانت كبيرة بما يكفي للإيحاء بوجود حركة تمرد واسعة النطاق كانت تتشكل في المغرب.

تشير ملاحظة في نفس الوثيقة إلى أنه منذ وقت مبكر من شتنبر 1973، أفادت معلومات من مصدر مغربي بالفعل عن تهريب الأسلحة بين الجزائر والمغرب عبر منطقة الطاوس-أرفود (تافيلالت)، مما يؤكد استمرار هذه الشبكات وتوسعها.

توضح هذه الوثيقة السرية التقارب الجزائري-الليبي في تقديم الدعم المباشر والمادي للجماعات المسلحة المغربية. قدمت ليبيا القذافي الأسلحة، بينما قدمت جزائر بومدين الخدمات اللوجستية والعبور عبر أراضيها. يوضح اختيار آسني، جنوب مراكش، أن هذه الشبكات لم تستهدف الحدود الصحراوية فحسب، بل استهدفت قلب المغرب نفسه، مما يدل على منطق زعزعة الاستقرار الوطني.

منذ خريف عام 1973، بعد بضعة أشهر من إنشاء جبهة البوليساريو، انتقلت الجزائر وطرابلس من الأقوال إلى الأفعال من خلال تنظيم جسر جوي وبري حقيقي للأسلحة يهدف إلى التخريب في المغرب. يوضح هذا الحدث تنفيذ استراتيجية إقليمية كانت فيها الانفصالية الصحراوية مجرد أداة، مدعومة بشبكات نقل وتهريب عبر الحدود، تخدم مشروعا جيوسياسيا واسع النظاق: إضعاف المغرب وإعادة تشكيل التوازن في شمال إفريقيا.

وهكذا، تم إنشاء نظام ثلاثي المستويات: قدمت ليبيا الأسلحة والتمويل، وقدمت الجزائر ملاذا إقليميا وغطاء دبلوماسيا، وعملت البوليساريو كواجهة سياسية. وبالتالي بدت البوليساريو كتتويج لاستراتيجية تم إعدادها مسبقا، حيث لم تكن الانفصالية تعبيرا عفويا بقدر ما كانت أداة صاغتها دولتان للمس بالوحدة الترابية للمغرب.

لكن المناورة باءت بالفشل. فقد أحبطت دعوة الراحل الحسن الثاني للدفاع عن الوحدة الترابية الوطنية المشروع الجزائري-الليبي. في عام 1975، جسد تنظيم المسيرة الخضراء أقوى رد عليه، حيث حول التهديد الخارجي إلى نصر تاريخي للسيادة المغربية.

تحرير من طرف الجيلالي العدناني
في 21/09/2025 على الساعة 13:37