كشف زيف معلومة: أين كان عبد اللطيف حموشي عندما استدعته الشرطة الفرنسية بباريس؟

عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني . DR

في 29/09/2023 على الساعة 17:20

في « تحليل » طويل للتوترات الماضية والحالية بين المغرب وفرنسا، تعود مجلة « لوموند ديبلوماتيك » إلى الحلقة المتعلقة بالمدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، مؤكدة أن هذا الأخير كان يتواجد في باريس حينما بعثت له الشرطة الفرنسية استداء على خلفية « شكايات متعلقة بالتعذيب وجرائم ضد الإنسانية » في سنة 2014. بيد أن الأمر غير صحيح البتة.

المقال أراد أن يقدم تحليلا عميقا لخلفيات الأزمة الدبلوماسية الحالية بين المغرب وفرنسا. إلا أنه في الواقع يحبل بالعديد من المعطيات غير الصحيحة، إن لم نقل بأنه يقدم معطيات مضللة. يتعلق الأمر بالمقال المعنون « خبايا الخلاف الفرنسي-المغربي »، المنشور في عدد أكتوبر من مجلة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية الشهرية.

في تذكيره بالتوترات السابقة بين الرباط وباريس، يستشهد المقال على وجه الخصوص بالواقعة التي يدعي فيها أن عبد اللطيف حموشي كان هدفا لأجهزة الأمن الفرنسية. وبالضبط يوم الخميس 20 فبراير 2014، في ذروة برودة العلاقات بين البلدين. وذكرت صحيفة لوموند ديبلوماتيك أن المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني كان في باريس عندما « فوجئ بزيارة عناصر الشرطة القضائية الذين جاؤوا لتسليمه استدعاء للمثول أمام القاضي الذي يحقق في إحدى قضايا تهمه ». كل ذلك، على خلفية «عدة شكاوى»، تتعلق بـ »التعذيب وجرائم ضد الإنسانية ».

والحقيقة أن هذا الأمر مجرد مغالطة. فعندما وقعت هذه الحادثة، لم يكن عبد اللطيف حموشي موجودا في فرنسا على الإطلاق، بل في مكتبه بالرباط، كما أكد ذلك Le360 وقت حدوث هذه الواقعة. وإذا كان سبعة من ضباط الشرطة الفرنسية قد ذهبوا بالفعل إلى نويي سور سين، في ضواحي باريس، إلى مقر إقامة السفير المغربي في باريس، شكيب بنموسى في ذلك الوقت، لتقديم الاستدعاء المذكور، فإن المسؤول الأمني المغربي لم يكن متواجدا هناك. في ذلك الوقت، كان شكيب بنموسى موجودا، بحسب مصدر موثوق، بصحبة محمد حصاد، وزير الداخلية آنذاك.

كما تجدر الإشارة إلى أن الشكوى المقدمة تتعلق بـ »المشاركة في التعذيب ». كما نذكر أيضا أن السفارة المغربية بفرنسا أصدرت بيانا أعربت فيه حينها عن « استغرابها إزاء عبثية هذه القضية، سواء من حيث المسطرة المتبعة أو من حيث القضايا القضائية المذكورة »، معتبرة أن الأمر يشكل « انتهاكا للقواعد والنظم الدبلوماسية الكونية وعدم احترام الاتفاقيات بين البلدين، وهو ما يثير العديد من علامات الاستفهام بشأن الدوافع الحقيقية لهذه القضية ومدبريها الحقيقيين ». كما أن « الحضور القوي للشرطة بشكل غريب في الوقت الذي كان فيه وزير الداخلية المغربي في اجتماع بمقر إقامته مع عدد من الصحفيين ». وكان محمد حصاد في باريس في إطار اجتماع أمني مع نظرائه الفرنسيين والبرتغاليين والإسبانيين حول الهجرة، وهو موضوع بعيد كل البعد عن صلاحيات عبد اللطيف حموشي.

يشار أيضا إلى أن الدعوى المزعومة قد بدأت إثر شكوى تقدمت بها جمعية « العمل المسيحي من أجل إلغاء التعذيب » (ACAT)، وهي جمعية تبنت قضية شخصين متورطين في جرائم الحق العام وأدينا من قبل القضاء المغربي. يتعلق الأمر بعادل لمطالسي، وهو فرنسي-مغربي أدين بتهريب المخدرات، والنعمة أسفاري، المتهم بالمشاركة في مقتل 11 عنصر من قوات الأمن خلال تفكيك مخيم أكديم إزيك في عام 2010.

وانتهت القضية باستدعاء السفير الفرنسي بالرباط، واستدعاء شكيب بنموسى من قبل الرباط، وتجميد التعاون القضائي مع باريس على وجه الخصوص. كان ذلك قبل أن يغلق القضاء الفرنسي القضية وتقدم فرنسا ضمنيا اعتذارها عن هذه الواقعة المؤسفة. وبعد عام، وفي نفس اليوم تقريبا، أعلن وزير الداخلية الفرنسي آنذاك، برنار كازنوف، في 14 فبراير 2015، عن توشيح عبد اللطيف حموشي بوسام جوقة الشرف الوطني.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 29/09/2023 على الساعة 17:20