وشكل اللقاء، الذي ترأسه والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة أنجاد، معاذ الجامعي، بحضور العامل مدير الشبكات العمومية المحلية بوزارة الداخلية، مصطفى الهبطي، وعامل إقليم فجيج، محمد ضرهم، إلى جانب عدد من المنتخبين المحليين وممثلي المجتمع المدني، مناسبة لاستعراض السياق القانوني والمؤسساتي العام لإصلاح القطاع، والوضعية الراهنة لقطاع التوزيع، وكذا الأهداف الأساسية لهذا المشروع، فضلا عن الوقوف على مدى تقدم تنزيل ورش إصلاح القطاع.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد والي جهة الشرق أن هذا الإصلاح يأتي انسجاما والتحولات الهامة التي كرسها دستور 2011 قصد الدفع بالجهوية المتقدمة وتنزيل مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرافق العمومية، وتجاوز الاختلالات التي يشهدها توزيع الماء الصالح للشرب الذي يواجه مجموعة من الإشكالات التي لا تسمح للفاعلين الحاليين بمواكبة تطور الطلب على خدمات الماء والتطهير السائل والكهرباء، والتي تحول دون تأمين التوازن في توزيع هذه الخدمات على المستوى الترابي، خاصة في الوسط القروي.
وأبرز أن هذه الاعتبارات والتغيرات المناخية التي ساهمت في تعميق الإشكالات التي يعيشها القطاع، اقتضت استعجالية وضع إطار قانوني منسجم مع المنظومة القانونية للبلاد، المتعلقة على الخصوص، بتدبير المرافق العمومية والنجاعة الطاقية، يسمح بالتأسيس لمنظومة تدبير جديدة ووضعها رهن إشارة الجماعات ومرتفقيها، تقوم على أساس مقاولات عمومية في شكل شركات جهوية متعددة الخدمات، وتسمح بعقلنة الاستثمارات المنجزة في القطاع وبمعالجة الفوارق المجالية في توزيع الخدمات العمومية ذات الصلة.
وأوضح أن إسناد مهمة توزيع الماء الشروب للشركة الجهوية متعددة الخدمات يهدف إلى إحداث فضاء مؤسساتي لتضافر جهود مختلف المتدخلين للحد من تداخل المهام والرفع من نجاعة نفقات الاستثمار والاستغلال، والتقليص من الفوارق المجالية، خاصة بين المجالين الحضري والقروي، وتقريب الخدمات من المواطنين وتعميمها بشكل متساو من خلال إضفاء البعد الترابي لتدخل الشركة وتحسين التدبير وجودة الخدمات المقدمة.
وفي هذا الصدد، لفت والي جهة الشرق إلى أن تدخل الشركة الجهوية متعددة الخدمات في قطاع الماء يقتصر على توزيع الماء الصالح للشرب على ساكنة الجهة، دون باقي مجالات استعمال هذه المادة الحيوية، وخاصة السقي الفلاحي، مشددا على أن هذه الشركة هي « شركة مساهمة عمومية، وليست خاصة ».
وأشار إلى أنه، وبالموازاة مع إصلاح القطاع، تم اتخاذ العديد من الإجراءات للتصدي لموجة الجفاف وضمان حصول جميع الساكنة على الماء الصالح للشرب على مستوى جهة الشرق بشكل عام وعلى مستوى إقليم فجيج بشكل خاص، فضلا عن برمجة العديد من المشاريع المائية بجماعة فجيج من أجل حماية الفرشة المائية بها، وحماية الواحات من الفيضانات، والرفع من المردودية الفلاحية وتوسيع المدار السقوي، وخلق فرص الشغل.
من جهته، تطرق عامل إقليم فجيج إلى الحالة الهيدرولوجية للتساقطات المطرية وتطور مستوى الفرشات المائية بالمنطقة، مشيرا إلى أن مستوى الفرشات المائية لمدينة فجيج يشهد هبوطا بسبب الاستغلال المفرط للمياه الجوفية جراء ندرة التساقطات المطرية.
كما استعرض خريطة الاستهلاك الفردي للماء الصالح للشرب بقصور فجيج، لافتا إلى أن معدل الاستهلاك الفردي للتر في اليوم لهذه المادة الحيوية بقصور فجيج السبعة يتجاوز بكثير معدل الاستهلاك الفردي اليومي وطنيا (70 لتر)، بحيث يتجاوز في بعض القصور معدل 136 لترا.
ونبه أيضا، في عرض قدمه حول تدبير مرفق الماء الصالح للشرب بجماعة فجيج، إلى مختلف الاختلالات التدبيرية التي تشوب مرفق توزيع الماء الصالح للشرب من قبيل « التسعيرة الجزافية »، وضعف الموارد البشرية، واستعمال مياه الشرب لسقي الاستغلاليات الفلاحية، مسجلا أن مجموع متأخرات أداء مستحقات استهلاك الماء الصالح للشرب بلغ إلى حدود 31 دجنبر الماضي 2.126.214,17 درهما.
وعلاوة على ذلك، استعرض السيد ضرهم أهم الاستثمارات العمومية المعبأة من قبل الدولة، والتي بلغ مجموعها 471 مليون درهم، من أجل إنجاز مشاريع تستهدف، بالأساس، الحفاظ على الفرشة المائية بفجيج.
من جهتهم، أشاد مختلف المتدخلين من المنتخبين المحليين وفعاليات المجتمع المدني بهذا اللقاء التواصلي « المجدي والمثمر »، داعين إلى بذل مزيد من الجهود للنهوض بتدبير الموارد المائية بالمنطقة.
وبعدما عبروا عن مجموعة من التخوفات والتساؤلات بشأن جودة المياه ومشكلة تملحها واستنزاف الفرشة المائية نتيجة استعمال مياه الشرب في سقي ضيعات فلاحية، نوهوا بمختلف الاستثمارات العمومية الرامية إلى حماية الواحة من الفيضانات والرفع من المردودية الفلاحية وتوسيع المدار المسقي من قبيل إنشاء سدي الركيزة والسفيسيف وإحداث محطة للتطهير السائل بفجيج.
تجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء يأتي بعد أشهر من الاحتجاجات التي عرفتها مدينة فجيج، نتيجة رفض الساكنة لانضمام جماعة فجيج إلى الشركة الجهوية متعددة الخدمات، حيث اللقاء كان فرصة للاستماع لتخوفات ممثلي المجتمع المدني بفجيج، والإجابة عنها.