عبد اللطيف حموشي الرجل القوي أو آخر الهلوسات الاستشراقية الجديدة لصحفي بريطاني مبتدئ

Abdellatif Hammouchi, patron du pôle DGSN-DGST. (W. Belfkih/Le360).

عبد اللطيف حموشي مدير المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني

في 01/06/2024 على الساعة 09:21

تحت غطاء مقال طويل عن ظروف اعتقال عمر الراضي، الصحفي المدان في المغرب بتهمة الاغتصاب، يرسم صحفي بريطاني مبتدئ صورة مغرب قروسطوي يشهد حاليا ثورة داخل القصر يدبرها عبد اللطيف حموشي، الذي أصبحت له سلطة مطلقة إلى درجة أنه أصبح يصعب السيطرة عليه، بل وأصبح عمليا ملك الظل. هلوسات تنم عن عقلية استشراقية عفا عنها الزمن ولكنها لا زالت عملة رائجة هدفها المس بالمغرب الذي، وباعتراف صاحب المقال نفسه، يعد نموذجا في شمال إفريقيا، منفتحا على العالم ويرحب بالجميع.

بالنسبة للمحاولة الأولى التي قام بها البريطاني روري فليمنغ ستيوارت في المواضيع الصحفية الكبرى، كما يحب أن يقول على صفحته على فيسبوك، لا يمكننا إلا أن نقول إنها كانت فاشلة وبئيسة. يتعلق الأمر بمقال غير مهني مخصص لملف عمر الراضي، الذي نشر على الموقع البريطاني « Maghrebi ».

صاحب المقال ارتكب بكل بساطة كل ما يجب أن يتفاداه صحفي مبتدئ: الخوض في موضوع أكبر منه ولا يدرك حيثياته وتفاصيله، والاكتفاء برواية واحدة كيفما كانت، بل الأدهى من كل ذلك أنه جعل من أحكامه المسبقة حقيقة مطلقة. هذا ناهيك عن أن اللهجة النضالية للغاية حتى يضفي مصداقية على مقاله، وكذا لعبه على المشاعر حتى يكون لمقاله وقع على القارئ. باختصار، نحن أمام منتوج فاشل.

يتعلق الأمر بمقال رديء لفليمنغ ستيوارت، الذي نشر تحت عنوان « عمر الراضي: ضحية سياسة القضاء على الصحافة الحرة في المغرب ». وأي مغربي سيدرك على الفور أن الأمر يتعلق بإدانة أخرى للمحاكمة التي تم على إثرها الحكم على صحفي في المغرب...بتهمة الاغتصاب. وذلك بحجة حقوق الإنسان وحرية الصحافة. القارئ الأجنبي سيجد فيه هلوسات حقيقية عن المغرب، هذا البلد العالمثالثي، وهذه الملكية العريقة، وهذه المملكة التي واجهت كل المؤامرات، وأحبطت كل المكائد. إنه أمر معروف، وهو كذلك مؤسف، لكننا اعتدنا عليه. إن روري فليمنغ ستيوارت ذهب أبعد من كل من تهجموا على المغرب من قبل مستندا فقط على مقابلة مع والد عمر الراضي، إدريس، الذي كان مرفوقا بابنه المهدي.

انطلاقا من حوار بسيط حول ظروف اعتقال السجين، بنى الصحفي المبتدئ في عالم الصحافة البريطانية رواية كاملة حول مغرب قروسطوي. المغرب الذي تعرض فيه عمر الراضي « للتعذيب في السجن وربما سيقضي سنواته الأخيرة خلف القضبان »، مغرب استولى فيه رئيس الأمن المغربي، أي مدير المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حموشي، على السلطة!! على جميع السلط. إلى درجة أنه في الوقت الذي نتحدث فيه إليكم، « يعد لانقلاب داخل القصر ». كل هذا « يقود البلاد نحو دولة فاشلة لم تعد لندن وباريس وواشنطن قادرة على دعمها ». بالنسبة للصحفي الغر والمنتشي بمقاله الأول، يبدو أن لديه بالفعل اتصالات على أعلى المستويات مع مراكز القرار، في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا.

عندما تتجسد الهلوسات حول المغرب في شخص حموشي

يعترف صاحب المقال نفسه، والذي زاره بالتأكيد لإجراء مقابلته، أن المغرب يبدو نموذجا في شمال إفريقيا، وهو نقطة جذب سياحية عالمية مفعمة بالحيوية، ومنفتح على العالم ويرحب بالأصوات الحرة، مع استقرار نادر في العالم العربي، بلد، « خرج سالما نسبيا من الربيع العربي عام 2011، وأصبح لاعبا رئيسيا في الجغرافيا السياسية الإقليمية والتجارة والثقافة والرياضة في السنوات الأخيرة ».

باستثناء ذلك، فهو يرسم صورة دولة « يسيطر عليها جهاز استخباراتي وأمني مهاب وقاسٍ »، جهاز « ملأ الفراغ الذي تركه ملكها محمد السادس، الذي كاد أن يتنازل عن العرش ». بل إن حموشي تم تصويره كملك ظل محتمل، والذي تميز عهده بقمع شرس لكل معارضة أو انتقاد. لا، أنتم لا تحلمون. وإذا قال ذلك صحفي مبتدئ قضى بضعة أيام فقط « في المغرب »، فعليكم أن تصدقوا كلامه وبالتأكيد لا تتفاجئوا برؤية كلامه ينشر هنا وهناك. غير أن كل ما قاله مجرد هذيان.

نقطة بداية روري فليمنغ ستيوارت، هي « الجحيم » الذي يعيشه عمر الراضي في السجن. النفي جاء على لسان والد المعتقل نفسه والذي نشره على صفحته على الفيسبوك. فقد أكد إدريس الراضي أنه وافق على الإدلاء بشهادته أمام الصحفي البريطاني. لكن في حين جعل هذا الأخير من المهدي، ابن إدريس وشقيق عمر، خبيرا في كل شيء، يحلل خلفيات وحيثيات « تطبيع » العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، ويتحدث عن استخدام « النظام » للمهاجرين من بلدان جنوب الصحراء كسلاح في علاقاته مع أوروبا، يوضح إدريس الراضي أن المهدي كان حاضرا خلال المقابلة... فقط كمترجم، لأن الأب لا يتقن اللغة الإنجليزية والصحفي ضعيف في الفرنسية. وقال موضحا: « المهدي لا يهتم بالسياسة... وأجزاء من المقال لا علاقة لها على الإطلاق بالمحاور التي اتفقنا عليها قبل المقابلة ».

وأضاف إدريس الراضي أنه من غير المعقول أن يكون قد قال إن نجله عمر في حالة معنوية جيدة، وأنه بصحة جيدة، ويؤكد في الوقت نفسه « أننا خائفون على حياته ». وهكذا تبرأ تماما من مضمون المقال، موضحا أن ابنه « لا يشكو من أي تعسف ».

الدولة العميقة

وهكذا، حتى لو لم يقل عمر الراضي ولا عائلته إنه تعرض للتعذيب، فإن الصحفي يقول ذلك فقط لأن ذلك سيعزز روايته الحبلى بالصراعات الخفية والدماء، والمؤامرات داخل القصر، حتى تتوافق مع الأفكار المسبقة التي يحملها الصحفي عن المغرب، لكنها كانت بصراحة مملة إلى حد الغثيان. ولكن أن ينسب لشقيق عمر الراضي ما لم يقله ويحوله إلى محلل للواقع الداخلي للمغرب، ودستوريا، وخبيرا بالجغرافية السياسية، ومحللا سياسيا عارفا بخبايا المخزن، فهذا أمر طفولي.

أما بالنسبة لقصة استيلاء حموشي على السلطة، والذي « بنى عبادة الشخصية على نطاق غير مسبوق »، مما أثار هلوسات من قبيل أنه ليس فقط « يحافظ على النظام، بل إنه يمسك بزمام السلطة في البلاد » ليصبح تجسيدا حقيقيا لـ« المخزن »، وهذا أمر مثير للضحك. لكن ماذا فعل حموشي حتى يستحق كل هذا التكريم والتمجيد؟ من الواضح أن خطأه الوحيد هو كونه مدير يدبر باقتدار وحنكة قطاعي الأمن والاستخبارات، لأنه أعاد النظام، على وجه التحديد، إلى هذين القطاعين الحيويين، وجعلهما مفخرة وطنية. لكن حموشي يعمل ويتحرك ضمن إطار اختصاصاته ومهامه.

أما بالنسبة للبقية، فإن للبلاد مؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية التي تعمل بشكل طبيعي. وحتى المراقب المعادي والمطلع لن يجرؤ على قول العكس. نعم، هذا الواقع لا يروق لأصحاب الأحكام المسبقة العنيدة ضد المغرب، ناهيك عن الكليشيهات التي تعود إلى سنوات الرصاص وتازمامارت. هناك بالضرورة « دولة عميقة » وحموشي ليس سوى جنرال أوفقير بالقوة (بالمفهوم الأرسطي للكلمة، ملاحظة المحرر). لا، هذه الصورة لا يمكن أن تتوافق مع الواقع. إنها صورة خادعة وهي نتاج مخيلة « الصحفيين » الذين يسعون فقط إلى الإثارة والتشويق. إنهم يأتون إلى المغرب مثل هؤلاء السياح الذين يعتقدون أنهم سيجدون الجمال في طنجة أو الرباط. وحتى عندما لا يتوافق الديكور مع توقعاتهم، فإنهم يحاولون اختلاقه بوسائل مصطنعة. وهذا هو الاستشراق المتخفي وراء قناع الدفاع عن حقوق الإنسان. المغرب يتقدم، ولكن البعض لا يزال يرغب في رؤيته بمنظار منتصف القرن الماضي. وهذه مشكلتهم قبل كل شيء.

بالنسبة لعبد اللطيف حموشي، فليواصل قبل كل شيء عمله المهني والإصلاحات العميقة التي أدخلها على مؤسستين مهمتين في هذا البلد. أما الهلوسات المضحكة التي تقال هنا وهناك في حقه فهي الدليل الواضح على أنه يسير في الطريق الصحيح.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 01/06/2024 على الساعة 09:21