الصحراء المغربية: الصراع انتهى بالنسبة لمعهد الولايات المتحدة للسلام

Brahim Ghali, chef de la milice du Polisario.

إبراهيم غالي زعيم جبهة بوليساريو. AFP or licensors

في 17/08/2024 على الساعة 17:15

توقع معهد الولايات المتحدة للسلام، وهو مؤسسة فيدرالية متخصصة في حل النزاعات والمنبثق عن الكونغرس الأمريكي، نهاية وشيكة للنزاع المفتعل حول الصحراء. بالنسبة لمركز التفكير المرموق، فإن الأمور قد حسمت بعد الدعم الدولي القوي والمتنامي لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. ولم يعد أمام المرتزقة ورعاتهم من خيار سوى التفاوض من أجل البحث عن مخرج مشرف.


نزاع الصحراء أصبح بالفعل جزءا من التاريخ، بعدما حسم المغرب هذا الملف. هذه هي الخلاصة الواضحة التي توصل إليها معهد الولايات المتحدة للسلام (United States Institue of Peace-USIP)، وهو مؤسسة فيدرالية أنشأها الكونغرس الأمريكي والمتخصص في تحليل وحل النزاعات في العالم. ويعمل مركز التفكير المستقل وغير المتحزب منذ 35 عاما على زيادة قدرة واشنطن على منع النزاعات الدولية وتخفيفها والمساعدة في حلها دون عنف.

في تحليل نشر يوم الأربعاء الماضي 14 غشت وحمل توقيع الباحث توماس هيل (Thomas M. Hill)، مدير برامجه بالنسبة لشمال أفريقيا، أكد المعهد بشكل قاطع: « انتهت إحدى أطول الحروب في أفريقيا في يوليوز »، وهذا « عندما اعترفت فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية ».

ويرى هذا المركز أن هذا الأمر هو تتويج لمسار طويل من الاعترافات والدعم من قبل المجتمع الدولي. وهو مسار تسارع منذ الإعلان الأمريكي في عام 2020.

وذكر معهد الولايات المتحدة للسلام أنه في تلك السنة أعلن الرئيس ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية دعم الاقتراح المغربي الخاص بالحكم الذاتي للصحراء الغربية باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع، وفق ما أوضحه صاحب التحليل.

وقال: « في ذلك الوقت، اعتبر العديد من مؤيدي استقلال الصحراء الغربية، بما في ذلك الجزائر، إعلان ترامب تحولا خطيرا، ولكنه غير فعال. ومع ذلك، فقد حذت 37 دولة منذ ذلك الحين حذو الولايات المتحدة الأمريكية ».

« اللعبة انتهت »

ومن بينها دول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما ألمانيا وكذلك إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء. وورد في التحليل: « انخرطت معظم دول الجامعة العربية والعديد من دول الاتحاد الأفريقي في هذا المسار. بينما تظل الدول المؤثرة مثل الصين وروسيا وتركيا وبريطانيا العظمى وإيطاليا محايدة رسميا، ولكن إلى متى؟ ».

وفي هذا الصدد، يعد الاعتراف بفرنسا أمرا حاسما، كما كتب توماس هيل. فباعتبارها القوة الاستعمارية في المنطقة المغاربية، يمكن القول إن فرنسا هي الفاعل الأجنبي الأكثر نفوذا في المنطقة. ومن ثم فإن باريس ترى بوضوح أن مستقبلها الاقتصادي مرتبط بالمغرب (وليس بالجزائر). ويعكس قرارها ويعزز الإجماع الدولي المتنامي لصالح سيادة المغرب على صحرائه.

وهكذا، فإن المجتمع الدولي يقف بالكامل إلى جانب المغرب. وأشار المعهد قائلا: « في المستقبل القريب، سينتهي نزاع الصحراء الغربية فعليا، مع استمرار كمشة من الدول في الدعوة إلى استقلال الصحراء ».

وينضاف إلى ذلك الواقع الحالي على الأرض والمتمثل في السيطرة الفعلية التي يتمتع بها المغرب على صحرائه، والتفوق العسكري النوعي للمغرب على جبهة البوليساريو. وأوضح مركز التفكير قائلا: « بينما لم تحقق الأمم المتحدة أي تقدم حقيقي نحو تسوية سلمية، فإن المغرب يسيطر على أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي، التي يواصل تطويرها وتنمينها، دامجا الأرض وسكانها بشكل متزايد في إطار الدولة المغربية ».

التفاوض و/ أو الاندثار

وهكذا، ما الذي تبقى فعليا للميليشيا المسلحة وراعيتها الجزائر؟ التفاوض. وأكد المعهد: « إن أفضل خيار لهم وللجزائر الممولة لهم، هو اغتنام الفرصة للتفاوض على أفضل شروط السلام الممكنة مع المغرب. إن إنهاء الحرب التي تجعل العديد من الأشخاص عديمي الجنسية ويعيشون في فقر، مع إزالة المصدر الرئيسي للنزاع في العلاقات المغربية الجزائرية، من شأنه أن يحسن الاستقرار الإقليمي ».

وفي هذا الإطار، فإن مخطط الحكم الذاتي المغربية لعام 2007 هو خيار واضح. إذ يمنح السكان الصحراويين القدرة الكاملة على « تدبير شؤونهم بشكل ديمقراطي، من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية تتمتع بصلاحيات حصرية ». كما يعد هذا المخطط أيضا بـ »الاندماج الكامل في النسيج الوطني للأشخاص الذين سيتم إعادتهم إلى وطنهم » من مخيمات تندوف في الجزائر. كما يقترح عفوا عاما يستبعد أية إجراءات قضائية أو اعتقال أو احتجاز أو سجن أو تخويف أيا كانت طبيعته.

حروب داخلية في الأفق

لكن داخل جبهة البوليساريو وفي الجزائر، فإن المأزق والحروب الداخلية بسبب المصالح الشخصية قد تكون هي الكلمات المفتاح في المرحلة المقبلة. بالنسبة لمعهد الولايات المتحدة للسلام، من المحتمل أن تسعى جبهة البوليساريو إلى الحصول على تعويض مادي من الأمم المتحدة والدول الأعضاء مقابل تنازلها. كما سترغب في الحصول على المزيد فيما يتعلق بمقترح الحكم الذاتي (مقاعد أكثر في البرلمان المغربي أو في الحكومة).

ويرى المعهد أنه « لكي يتخلى قادة البوليساريو رسميا عن خيار الاستقلال ويمنعوا الانقلاب، يجب أن يكونوا قادرين على المطالبة بانتصار آخر ». وبغض النظر عن الدعاية والشعارات الفارغة، فإن قبول جبهة البوليساريو للحكم الذاتي المغربي من شأنه أن يوفر للجزائر الغطاء اللازم لقبول السيادة المغربية أيضا.

وأشار التحليل إلى أنه « في السر، من المحتمل أن تثني الجزائر جبهة البوليساريو عن قبول الحكم الذاتي دون الحصول أيضا على تنازلات من المغرب تعود بالنفع المباشر على الجزائر ». ولكن هناك شيء واحد مؤكد هو أن « مسار الخروج » لا يزال غير واضح و »قبول هذا الواقع هو أمر مر يصعب تجرعه، ولكن الاستمرار في إنكار هذا الواقع لا يضمن سوى تسوية نهائية أقل ملاءمة...

إن التصرف بخلاف ذلك سيكون بمثابة إنكار أن أحد أقدم النزاعات في إفريقيا شارف أخيرا على نهايته ». مع أو بدون البوليساريو وعرابها.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 17/08/2024 على الساعة 17:15