مرتزقة جزائريون يقاتلون لصالح أوكرانيا: الإنكار المؤسف للنظام رغم الواقع العنيد

Des mercenaires à la solde de l'Ukraine dans la guerre contre la Russie.

مرتزقة ضمن القوات الأوكرانية خلال المواجهة مع روسيا

في 17/03/2024 على الساعة 21:06, تحديث بتاريخ 17/03/2024 على الساعة 21:06

بعد الكشف الرسمي عن وجود مرتزقة جزائريين إلى جانب الجيش الأوكراني من قبل وزارة الدفاع الروسية، رد النظام الجزائري من خلال إنكار أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه صبياني. ولم يخجل، بطبيعة الحال، من اتهام المغرب بأنه وراء هذه الفضيحة. وهذا الأمر مجانب للحقيقة، والجزائر تخسر بشكل كامل مصداقيتها لدى « الأخ الأكبر » الروسي.

إن هذا الإنكار يحمل، إذا جاز التعبير، السمات المميزة للجزائر الجديدة: جزائر متغطرسة وعنيفة في الشكل، وتصرفات صبيانية وفارغة من أية محتوى. وهذا هو الحال بالنسبة للهجوم الأخير (اللفظي) الذي شنه النظام الجزائري. فأساسها العسكري اهتز على وقع المعلومات الروسية الرسمية الخطيرة عن مرتزقة جزائريين، كثيرون وكثير منهم قتل، يقاتلون في صفوف الجيش الأوكراني ضد الحليف الكبير و« الأخ » الروسي. إذن ماذا كانت ردة فعل النظام الجزائري؟ التخندق الطفولي والصبياني خلف عبارة « لسنا نحن »، أي الإنكار الذي يلجأ إليه بشكل ممنهج عندما يتهم بأمر ما. إن الكشف عن هذه الخيانة الحقيقية والصادرة عن نظام خاضع لفترة طويلة لموسكو تصدر عناوين الصحف في الصحافة الروسية.

إن السلطات الجزائرية تعفر رؤوسها في الرمال كالنعام وتوجه أقلامها ضد الصحافة المغربية، وهي غير مسؤولة بأي حال من الأحوال عن خداع البعض أو السخط المفهوم وفقدان ثقة لدى البعض الآخر.

وسائل إعلامية مثل « Algérie patriotique »، المعروفة بأنها البوق الدعائي للحرس القديم في الجيش، الفاعل دائما، ونظرا لعدم وجود حجج لتبرير وقائع ثابتة، تنفي كل شيء جملة وتفصيلا من خلال وصف المعلومات التي تم الكشف عنها بأنها مجرد « هلوسات »، والأدهى من ذلك « مغربية ». وذهبت صحيفة أخرى، وهي الخبر، الناطق باسم الاستخبارات العسكرية، إلى أبعد من ذلك من خلال التأكيد على أن القوات المسلحة الجزائرية لا تعمل إلا في إطار حفظ السلم في العالم وفي إطار الأمم المتحدة. وعندما نعلم أن الجزائر لا تملك جنديا واحدا في قوات حفظ السلام الأممية، فإننا نفهم المعنى الحقيقي لكلمة هلوسة.

ومع ذلك، فإن التقرير الرسمي الذي كشفت عنه مؤخرا وزارة الدفاع الروسية بشأن المرتزقة الذين تم تجنيدهم في الجيش الأوكراني، هو الذي يحرج بشكل كبير الجزائر، المزود الأفريقي الثاني لأوكرانيا من المرتزقة الأجانب بعد نيجيريا.

وتحصي الوثيقة المعنية، المنشورة على صفحة تلغرام التابعة لهيئة أركان الجيش الروسي، المرتزقة الأجانب الذين جندتهم أوكرانيا في الحرب بينها وبين روسيا. وتقدم بتفصيل كبير عدد المرتزقة الذين تم أسرهم وجنسياتهم وعددهم الذين تم القضاء عليهم حتى الآن من قبل الجيش الروسي. وفيها نكتشف الجزائر بمرتزقتها الـ60، الذين قتل 28 منهم.


بالنسبة لأولئك الذين لا يزال لديهم شكوك، إليكم القوائم الكاملة، التي نشرتها وزارة الخارجية الروسية، باللغة الإنجليزية، على X.


كان من الممكن أن تظل المعلومات عادية. فعدد المرتزقة الجزائريين على الأراضي الأوكرانية ضئيل، خاصة وأن عدد القتلى يشير بوضوح إلى أنهم وقود الحرب. « منذ 24 فبراير 2022، بلغ إجمالي عدد المرتزقة الأجانب الذين قدموا إلى أوكرانيا 13387. وفي الوقت نفسه، تم التأكد من القضاء على 5962 منهم حتى الآن »، حسبما ذكرت وزارة الدفاع الروسية في بيان صحفي نشرته بشكل خاص الصحيفة الرقمية الروسية « Komsomlskaïa Pravda ».

فهل أدارت روسيا ظهرها لجزائر « بلا وزن اقتصادي ولا نفوذ إقليمي »، على حد تعبير رئيس الدبلوماسية الروسية، سيرغي لافروف، الذي حدد المعايير التي تتحكم في اختيار الدول القابلة للانضمام إلى مجموعة بريكس؟ تبدو الحروف الخمسة لدول البريكس، بحق، وكأنها واحدة من أكثر الإهانات المدوية للجزائر الجديدة للثنائي تبون-شنقريحة.

يشار أيضا إلى أن موسكو لا تعير اهتماما الجزائر في دعمها، بما في ذلك الدعم العسكري، للحكومتين الجديدتين في مالي والنيجر، على وجه الخصوص، اللتين تعاديان بشكل علني « النفوذ » الجزائري. « إن أكثر ما يزعج الرئيس عبد المجيد تبون هو بلا شك أن ما يسمح للعسكر بالصمود ليس سوى وجود ميليشيات فاغنر الروسية. وجود لم يرى صديقنا بوتين أنه من المفيد التشاور معه بخصوصه »، بحسب ما كبته فرانسوا سودان، مدير تحرير المجلة الشهيرة جون أفريك. والسبب هو تآكل النفوذ الجزائري في المنطقة.

ويبدو أن « لم أكن هناك »، و »لست أنا »، و »الجحيم هو الآخرون » هي المفاتيح التي تفعلها الجزائر بكل سهولة عند اندلاع كل أزمة. وهذا يخفي ما يسميه فرانسوا سودان « نوعا من الإرهاق الوظيفي والعجز الواضح في الخيال ». « وباسم البراغماتية، تحظى الترتيبات المحلية المجزأة بالأسبقية على الرؤية طويلة المدى، وتبرر وسائل الإعلام القريبة من السلطة النكسات بنظرية المؤامرات ». وهذا هو الحال عندما يتعلق الأمر بهذه الفضيحة الأخيرة، مع العلم أنها ليست الأولى ولا الأخيرة من نوعها.

فقد أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية، نهاية شهر فبراير الماضي، بيانا صحفيا ردا على قيام الحكومة المالية بإقبار ما يسمى باتفاق الجزائر. ولكن دون الرد بأي شكل من الأشكال على الاتهامات الخطيرة الموجهة ضد نظامه من خلال البيانين الصحفيين الصادرين عن الحكومة المالية والتي تبرر إنهاء الاتفاق المذكور، أي الأعمال « غير الودية » و »التدخل السافر » في الشؤون الداخلية المالية، مع ذكر العديد من الحالات الملموسة والموثقة. والأسوأ من ذلك أن وزير الخارجية الجزائري الضعيف أحمد عطاف، حاول اللعب على وتر الانقسام من خلال مخاطبة الشعب المالي الذي حذره من حرب أهلية حتمية.

وعندما نعلم أيضا أنه حتى للرد على مشاهد البؤس المطلق في الجزائر التي خلدها برنامج « J’irai dormir chez vous » لأنطوان دو ماكسيمي، فإن السلطات تفضل التنصل من أي شكل من أشكال المسؤولية من أجل اتهام... المغرب. وهكذا، أصبحت الإنكار الصبياني هي السمة المميزة لـ »الجزائر الجديدة ».

تحرير من طرف طارق قطاب
في 17/03/2024 على الساعة 21:06, تحديث بتاريخ 17/03/2024 على الساعة 21:06