تتوالى الإخفاقات الدبلوماسية للنظام الجزائري بشكل لا ينقطع. وقد استمر هذا المسلسل مع تلقي ضربة موجعة في البرلمان الأوروبي. فبعد أن أثار النظام الجزائري غضب البرلمان الأوروبي بسبب اعتقال الكاتب بوعلام صنصال، البالغ من العمر 80 عاما، في انتهاك للقوانين الدولية لحقوق الإنسان التي سبق أن صادقت عليها الجزائر، تلقت هذه الأخيرة هذه المرة ضربة قاسية داخل البرلمان الأوروبي نفسه.
في 12 نونبر، أعلنت لجنة رؤساء البرلمان الأوروبي عن إنهاء وجود مجموعة « الصحراء الغربية » المثيرة للجدل، التي كانت تحتضن منذ عشرين عاما نوابا أوروبيين مكرسين بالكامل لخدمة قضية البوليساريو، التي هي نتاج النظام الجزائري. من المقرر نشر هذا القرار رسميا في الجلسة العامة الأسبوع المقبل.
هذا القرار يضع، أخيرا، حدا لوجود مجموعة ذات طبيعة مشبوهة، كانت موضع انتقادات بسبب انتهاكاتها المتكررة لقواعد البرلمان الأوروبي، خاصة تدخلاتها الواضحة في مجالات لا تخصها. وتُعدّ هذه الخطوة ضربة قوية للدعاية المعادية للمغرب التي يروج لها النظام الجزائري، بالإضافة إلى عرقلة محاولاته الدبلوماسية الخفية.
فائدة المجموعات البرلمانية في البرلمان الأوروبي
تُحكم المجموعات البرلمانية في البرلمان الأوروبي بالمادة 35 من النظام الداخلي، التي تنص على أنها « أماكن لتبادل وجهات النظر بشكل غير رسمي بشأن مواضيع محددة بين مختلف المجموعات السياسية وأعضاء البرلمان والمجتمع المدني ». ومن هذا المنطلق، يمكن للنواب الانضمام إلى مجموعة معينة أو أخرى، وفقًا لنهج فردي ودون تكليف إلزامي، بهدف اكتساب أو تعزيز الخبرة في قضية معينة، أو الاستجابة لتطور معين، أو التفكير في صياغة النصوص القانونية المستقبلية من خلال الاستماع إلى « الأطراف المعنية ».
على مر السنين، أُنشئت مجموعات برلمانية مكرسة لقضايا ومواضيع متنوعة، مثل الإعاقة، والسرطان، والتنوع البيولوجي، والاقتصاد الاجتماعي، وكل ذلك في إطار منظم يتمثل في مقرات البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، حيث تعقد هذه المجموعات اجتماعاتها خلال الجلسات العامة.
قصة موت معلن
من بين 27 مجموعة برلمانية في الدورة البرلمانية الأخيرة، برزت مجموعة « الصحراء الغربية » كخليفة لسابقتها « السلام للشعب الصحراوي »، التي كانت بدورها مثيرة للجدل. ورغم اختلاف الاسم، فإن المجموعتين تشتركان في الهدف ذاته، وهو خدمة أجندة البوليساريو.
كان يُنظر إلى هذه المجموعة على أنها تتبع نهجًا خارج الإطار الأوروبي، حيث إن قضية الصحراء الغربية تخضع للأمم المتحدة ولا تدخل ضمن اختصاص البرلمان الأوروبي. فحين يتعلق الأمر بعلاقات الاتحاد الأوروبي مع الدول الخارجية، مثل دول المغرب العربي، تُناط المسؤولية إلى « لجنة العلاقات مع بلدان المغرب العربي واتحاد المغرب العربي »، وهي هيئة رسمية.
لكن هذا الخرق ليس سوى جزء من سلسلة طويلة من المخالفات. من بين هذه المخالفات، استخدام شعار البرلمان الأوروبي في الاجتماعات، على الرغم من أن النظام الداخلي ينص بوضوح على أن « المجموعات البرلمانية لا يمكنها استخدام اسم أو شعار البرلمان الأوروبي، أو أسماء أو شعارات المجموعات السياسية التي تتكون منها، أو الأسماء التي قد تخلق لبسًا مع الهيئات الرسمية للبرلمان الأوروبي، مثل اللجان البرلمانية أو الوفود البرلمانية المشتركة ».
إحدى التجاوزات الأخرى البارزة هي ارتباط المجموعة بدولة أجنبية، وهي الجزائر، في حين أن النظام الداخلي للبرلمان الأوروبي، بهدف منع التدخلات الأجنبية، يمنع « تشكيل مجموعات غير رسمية مرتبطة بدول أجنبية حيث توجد بالفعل وفود برلمانية دائمة للعلاقات معها ».
ولا يمكن التغاضي عن موقف المجموعة المناهض للمغرب، حيث تضم أعضاء يفتقرون إلى التنوع السياسي المعتاد في المجموعات الأخرى، ما يسمح بتمرير الأجندة السياسية الجزائرية دون معارضة تُذكر. يحدث هذا رغم أن المادة 3 من النظام الداخلي تنص على أن « المجموعات البرلمانية لا يمكنها القيام بأنشطة قد تؤثر على العلاقات مع الدول الخارجية ».
كل هذه الانتهاكات، التي تم التستر عليها لفترة طويلة، أثارت انتقادات من قبل العديد من النواب الأوروبيين وحتى من رئيس البرلمان الأوروبي نفسه في الدورة السابقة. لكن الوضع تغيّر اليوم، حيث يرتبط وجود المجموعات بمدة الولاية البرلمانية. ومع الانتخابات الأوروبية الأخيرة في يونيو، تغيرت الموازين، ما أدى إلى نهاية هذه المجموعة المثيرة للجدل.
لإنشاء مجموعة برلمانية مشتركة، « يجب تقديم الطلبات من قبل نواب بتوقيع ما لا يقل عن ثلاثة مجموعات سياسية »، وفقًا للمادة 4 من اللوائح المتعلقة بتأسيس هذه المجموعات. وهذا بالتحديد ما لم تحققه مجموعة « الصحراء الغربية »، حيث إنه، على عكس السنوات السابقة، لم تحصل إلا على دعم مجموعتين فقط من أصل ثلاث، وهما الخضر واليسار، في حين أن الديمقراطيين الاشتراكيين غيروا موقفهم، لا سيما بسبب تصويت النواب الاشتراكيين الإسبان ضد التأسيس.
مغربية الصحراء في مواجهة إخفاقات النظام الجزائري
بعيدا عن التغيير في التشريعات، ما هو العنصر المحفز الذي أدى إلى هذا التعطيل وكيف يمكن تفسيره؟ بحسب مصدر مطلع استشاره موقع Le360، يُنظر إلى عدم رعاية هذه المجموعة البرلمانية على أنه « إشارة سياسية قوية موجهة إلى الجزائر من قبل البرلمان الأوروبي »، في سياق « تشديد وتدهور العلاقات بين بروكسل والجزائر، حيث لا تسير اتفاقية الشراكة بشكل جيد، تمامًا مثل العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء والجزائر، التي هي أيضا في حالة سيئة ».
ثانيا، يرى المصدر نفسه أن عدم الرعاية « ليس سوى الإجراء الأخير في سياسة عدم التدخل للدول الثالثة في عمل البرلمان الأوروبي وسياساته، وهي السياسة التي تم تبنيها منذ عام 2023 بعد فضيحة « قطر غيت ».
في الواقع، تشمل هذه الإجراءات « إلغاء مجموعات الصداقة، بالإضافة إلى عدد من التدابير التي تستهدف نواب البرلمان الأوروبي والنواب السابقين ». ووفقا لهذا المصدر المطلع، فإن « هذه المجموعة البرلمانية المشتركة كانت آخر أثر لتدخل الدول الثالثة في سياسات الاتحاد الأوروبي.
وبما أن مجموعات الصداقة لم تعد مقبولة، فقد أصبحت هذه المجموعة بدون أي وضع قانوني معترف به بموجب النظام الداخلي للبرلمان الأوروبي ».
ولكن كيف يمكن تصنيف مجموعة برلمانية مشتركة لا تستوفي حتى تعريف المجموعة البرلمانية؟ وبما أن مجموعات الصداقة لم تعد مسموحًا بها، فلا ينطبق عليها أي تصنيف قانوني ممكن، بغض النظر عن رغبة أقصى اليسار، الذي يقف وراء هذه المناورة بقيادة مجموعتي « اليسار » و« الخضر ». لكن كيف يمكن تفسير تغير موقف الاشتراكيين، وخاصة الإسبان منهم؟
« كان للاشتراكيين، الذين تقودهم بعثة إسبانية قوية، الدور الأكبر بلا شك، لكن أيضا مجموعة Renew Europe كان بإمكانها تقديم دعمها »، وفقا للمصدر، الذي يضيف أنه « وراء هذا القرار، تكمن اعترافات إسبانيا، بل وفرنسا، بمغربية الصحراء، حيث إن مجموعة Renew Europe هي المجموعة التي ينتمي إليها الرئيس ماكرون في البرلمان الأوروبي ».
أما من جانب جبهة البوليساريو والنظام الجزائري، فلا يزال الغضب مسيطرا، حيث يدينون بشدة تراجع نواب البرلمان الأوروبي من الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE)، الذي يقوده بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، وهو أيضًا داعم قوي للمغرب ولمغربية الصحراء. وكالعادة، ووفقًا للسردية الجزائرية، تُلقى باللائمة على المغرب في هذا القرار.
وفي مؤتمر عُقد في 10 نونبر بمقر البرلمان الأوروبي في بروكسل من قبل نواب مؤيدين لجبهة البوليساريو وبحضور نشطاء من هذه الكيان الوهمي، عبر ما يسمى بممثلها في بروكسل، والذي يُزعم أنه وزير صحراوي سابق، عمر منصور، عن غضبه قائلا: « لا نفهم كل هذه الكراهية، والانتقام، والمطاردة من قبل المغرب ». لكن فيما يتعلق بتعلم الدروس من إخفاقاتهم، فإن ذلك ما يزال بعيد المنال.