وجاءت التحضيرات للدورة البرلمانية الحالية لتصب مزيدا من الزيت على نار الخلافات بين أحزاب المعارضة، وتعمق الهوة بينها الأمر الذي يصب في مصلحة الأغلبية ويفقد النقاش السياسي الجاد طعمه، ويؤثر سلبا على المشهد السياسي.
ويرى المحلل السياسي محمد شقير ردا على أسئلة le 360 أنه « على عكس الأغلبية الحكومية التي حافظت حتى الان على تماسكها وأبدت القدرة على تجاوز خلافاتها تعاني المعارضة بالإضافة إلى ضعفها العددي احتدام الخلافات بين مكوناتها ».
ولفت شقير إلى أن « الخلاف بين كل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والعدالة والتنمية، الذي يظهر ان الخلاف الشخصي بين عبد الإله ابن كيران وإدريس لشكر، قد لعب دورا كبيرا في تعميق الخلاف بين هذين المكونين، إذ ظهر ذلك من خلال تهجم ابن كيران على كل من لشكر ونبيل بن عبد الله فيما يتعلق باقتراحاتهما بشأن تعديل مدونة الأسرة محاولا نسف التنسيق السياسي بينهما ».
وأوضح المحدث نفسه أن الخلاف ظهر أيضا، من خلال عدم مساندة حزب العدالة ملتمس الرقابة الذي رفعه حزب لشكر، معتبرا أن هذه الآلية لا تتوفر فيها الشروط السياسية والدستورية الكفيلة بتحريكها ».
وزاد شقير أن الخلاف امتد « واستعر بين الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية التي رفض امينها محمد أوزين مساندة الملتمس الاتحادي كما أنه رفض ايضا التنازل للاتحاد على رئاسة لجنة العدل بمجلس النواب ».
وشدد شقير على أنه فضلا عن ذلك « تجلى الخلاف بين مكونات المعارضة في عدم الاتفاق على تقديم مرشح مشترك لمنافسة مرشح الأغلبية راشيد الطالبي العلمي، الذي اتفقت مكوناته الثلاثة (الأحرار والاستقلال والأصالة والمعاصرة) على تجديد ترشيحه لرئاسة مجلس النواب في حين رشح حزب العدالة منفردا عبد الله بوانو رئيس فريقه ».
وتعليقا على النتائج التي أسفرت عنها العملية الانتخابية التي جرت بمقر البرلمان يوم الجمعة الماضي (12 أبريل 2024)، والتي كرست فوز الطالبي العلمي مرشح الأغلبية بحصوله على 264 صوتا من أصل 324 مقابل 23 صوتا لمرشح العدالة والتنمية قال شقير: « ضمن فوز العلمي بأغلية مريحة رئاسة مجلس النواب في ما تبقى من الولاية التشريعية، إذ تتحكم الأغلبية في المجلسين ما يزيد من تقوية موقعها داخل المؤسسة التشريعية ».
وردا على سؤالنا، هل يسهم تشرذم المعارضة في تقوية الأغلبية وإضعاف العملية السياسية؟ قال: « يمكن النظر الى هذا الموضوع من زاويتين من الزاوية البرلمانية أو التشريعية فالضعف العددي للمعارضة وكذا عدم التنسيق بين مكوناتها قد يسهل مأمورية الأغلبية في تمرير بعض مشاريعها القانونية خاصة مدونة الأسرة وبعض القوانين المهيكلة كالقانون الجنائي والمسطرة المدنية وقانونية الاضراب والنقابات، طبعا، إذا احسنت استغلال هذه الظرفية وسارعت إلى عرض هذه القوانين للمصادقة على مستوى مجلسي النواب والمستشارين، الأمر الذي سيحسب لصالحها في أفق الانتخابات المقبلة.
اما من الزاوية السياسية فهذا قد يؤدي إلى إضعاف وتيرة المعارضة مقابل مباشرة الأغلبية عملها وتطبيق برنامجها الانتخابي لإدراكها بأنها لن تواجه اي معارضة قوية.
وينبغي التأكيد على أن قوة الأغلبية تستمد أيضا قوة معارضتها، ويبدو تأسيسا على ما سبق أت المشهد السياسي يفتقد الزخم المطلوب ».