لتنحني أكثر أمام فرنسا.. الجزائر تستعرض عضلاتها أمام المغرب

في 27/03/2025 على الساعة 22:44

بدون أي تفسير، أعلنت الجزائر يوم الخميس 27 مارس أن محمد السفياني، نائب القنصل المغربي في وهران، شخص غير مرغوب فيه، وأمرته بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة. هذه الخطوة تأتي في إطار تصعيد التوتر مع المغرب، للتغطية على سلسلة التنازلات المهينة التي تستعد الجزائر لتقديمها لفرنسا، وللتشويش على فضيحة كبيرة تشهدها وهران.

الإعلان عن القرار جرى دون سابق إنذار، والأهم أنه لم يكن مدعوما بأية مبررات واضحة. فقد صرحت وزارة الخارجية الجزائرية أن محمد السفياني، نائب القنصل المغربي في وهران، بات شخصا غير مرغوب فيه، وعليه مغادرة البلاد في غضون 48 ساعة.

ما السبب؟ لا يوجد سبب واضح. كل ما تم الكشف عنه هو أن خالد شيحاني، القائم بأعمال القنصل العام للمغرب في الجزائر، تم استدعاؤه في اليوم نفسه إلى الوزارة، حيث استقبله مختار أمين خليفي، المدير العام للبروتوكول، الذي برر القرار بأنه جاء ردا على « تصرفات مشبوهة » من قبل الدبلوماسي المغربي، زاعما أنها « لا تتماشى مع طبيعة وظيفته في البعثة القنصلية المعنية، وتشكل انتهاكا للقوانين الجزائرية السارية والمعايير الدولية، لا سيما اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية ».

لكن في الحقيقة، هذا مجرد كلام فارغ. فلو كان لدى الجزائر أية شبهات فعلية أو أدلة ضد محمد السفياني، لكانت قد كشفت عنها بكل وضوح.

عفو عن بوعلام صنصال.. وإهانة لتبون

الحقيقة وراء هذا القرار تكمن في مكان آخر: إشعال التوتر مع الرباط لصرف الأنظار عن التراجع المهين الذي تستعد الجزائر للقيام به في مواجهتها الخاسرة مع فرنسا. الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نفسه أظهر هذا التوجه يوم السبت 22 مارس، خلال لقائه الدوري مع الإعلام الجزائري. فقد وجه في حديثه باللغة الفرنسية عدة رسائل مهادنة للرئيس إيمانويل ماكرون، حيث اختفى أسلوب التحدي، وحلّ محله خطاب المصالحة والتنازلات المحتملة، متوسلا لماكرون – الذي وصفه تبون بلقب غير مبهج « النظير » – أن يستجيب.

لا شك أن أول « بوادر حسن النية » التي سيقدمها النظام الجزائري لفرنسا ستكون منح عفو رئاسي للكاتب الجزائري بوعلام صنصال، البالغ من العمر 80 عاما والمصاب بسرطان البروستاتا، والذي حُكم عليه اليوم بالسجن 5 سنوات نافذة.

ورغم أن العقوبة، بالنظر إلى عمره وحالته الصحية، تعادل حكما بالإعدام، فإنها في الواقع « مخففة » مقارنة بالتهم الموجهة إليه، والتي تصل إلى « الخيانة العظمى » باختصار. هذه العقوبة المخففة تمهّد الطريق لعفو مستقبلي يسمح بعودة صنصال إلى فرنسا، وهو ما يشكل إهانة لتبون، الذي لم يتردد في السابق في نعت الكاتب بأبشع الصفات خلال خطاب متلفز، واصفا إياه بأنه « لص »، « مجهول الهوية »، و« لقيط ».

فضيحة في وهران وتوجيه الأنظار نحو المغرب

من ناحية أخرى، يأتي الإعلان عن طرد الدبلوماسي المغربي بالتزامن مع فضيحة مشتعلة في وهران. ففي هذه المدينة الواقعة غرب الجزائر، لا حديث يعلو على تصريحات الوالي، الذي وجّه انتقادات لاذعة لوكالة « عدل » المكلفة بمشاريع الإسكان في الجزائر، وهي هيئة تابعة لوزارة السكن التي يرأسها طارق بلعريبي، المقرب من تبون، والذي قام مؤخرا بتكريمه بأسلوب استعراضي.

وفي تطور غير مسبوق، أصدر المدير المحلي لهذه الوكالة بيانا يشكك في تصريحات الوالي، ما كشف بوضوح عن تورط الوزير في القضية. وقد تحولت هذه الفضيحة إلى قضية رأي عام، إذ انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وهكذا، عبر افتعال أزمة جديدة مع المغرب، يسعى النظام الجزائري إلى صرف الانتباه عن استسلامه المهين أمام فرنسا، وكذلك إلى تشتيت الأنظار عن فضيحة محلية تكشف مدى الإفلات من العقاب داخل المنظومة الحاكمة.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 27/03/2025 على الساعة 22:44

مرحبا بكم في فضاء التعليق

نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.

اقرأ ميثاقنا

تعليقاتكم

0/800