« لا توجد علاقة مؤسسية بين حزب فرنسا الأبية وأي حزب من أحزاب الديمقراطية المغربية ». بهذه الكلمات أراد جون لوك ميلونشون، مؤسس وزعيم حزب فرنسا الأبية، القوة الرئيسية لليسار الفرنسي، إزالة أي غموض حول الروابط المفترضة التي تربط حزبه بميليشيا البوليساريو الانفصالية.
وحل ميلونشون يوم الأربعاء 4 أكتوبر بالمغرب في زيارة تدوم ثلاثة أيام. وانطلاقا من أمزميز، البلدة التي تعرضت للزلزال يوم 8 شتنبر الماضي، عبر ميلونشون عن إعجابه بالطريقة التي أدار بها المغرب كارثة مدمرة مثل الزلزال.
وقال: « لدينا دروس لنتعلمها، وأنا أشعر بالأسف أيضا لهذه الغطرسة التي رأيتها أحيانا في فرنسا، وهذه الطريقة في النظر إلى المغرب والتي لا تطاق بالنسبة لي ».
وفيما يتعلق بالقضية الوطنية، ميلونشون، المزداد بطنجة، يدعو إلى الواقعية. « لا يسعني إلا أن ألاحظ الحماس المغربي تجاه هذه القضية. لا يسعني إلا أن أشير إلى أن المغرب لم يخلف قط وعدا قطعه للأمم المتحدة. ولا يسعني إلا أن ألاحظ الوقائع الجديدة التي ينبغي على الفرنسيين أن يولوها أهمية كبرى ».
هذا الموقف، المؤيد بشكل واضح للمغرب، والذي يتعارض مع انحياز الرئيس إيمانويل ماكرون لصالح الجزائر، الخصم الرئيسي للمغرب ولوحدته الترابية، ينضاف إلى موقف حزب الجمهوريين، برئاسة إيريك سيوتي. وكان الأخير قد أكد، خلال زيارة للمملكة قام بها مطلع شهر ماي الماضي، دعم حزبه الثابت لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحته المملكة، بهدف حل النزاع المفتعل حول الصحراء. وقال إيريك سيوتي، خلال ندوة صحفية بالرباط، « إننا نؤيد بشكل كامل مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه الملك » لوضع حد نهائي لهذا النزاع، قبل أن يشيد بـ »النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده الأقاليم الصحراوية ». وهكذا، زاد رئيسا أهم حزب يساري وحزب اليمين الرئيسي في فرنسا الضغط على ماكرون، الذي أصبح أكثر عزلة من أي وقت مضى بشأن هذه القضية.
التضامن.. هذه القيمة المقدسة التي حافظ عليها المغاربة
وأشار قائلا: « أنا الذي سافرت كثيرا، فإنني معجب جدا بمستوى التنظيم الذي لاحظته، وبهذا المزيج الرائع بين الحماس العفوي للسكان وعمل السلطات العامة. هناك شيء واحد مؤكد، وهو أن قوة المغرب الرئيسية هي الشعب المغربي. أيها المغاربة، ربما لا تدركون ذلك، لكنكم أظهرت الصلابة وقيم التضامن التي أصبحت غير شائعة في الحضارة المعاصرة. إن التعبئة في جميع مناطق وجهات المغرب لإعادة الأمور إلى نصابها في مثل هذا الوقت القصير بعد هذه الكارثة، هو أمر رائع بالنسبة لي. ينضاف إلى ذلك مستويات أخرى من التدخل، من السلطات المحلية إلى الدولة. كل هذا لا يقوي الفكرة التي لدي عن أصدقائي المغاربة فقط، ولكن عما أعتقد أنه من المهم إدخاله في الحضارة الإنسانية، أي المسارعة إلى تقديم الدعم والتضامن.
« لقد أذهلتني أيضا الحالة الذهنية لأولئك الذين يتحملون المسؤولية. لقد زرت إعدادية نصبت تحت خيمة ولم يسعني إلا الإعجاب بالتزام أولئك الذين يناضلون من أجل استمرار الوظائف الأساسية، ومن أجل استمرار الدراسة، ومن أجل إظهار المعلمين لنبل وظيفتهم. إنه جميل ومفيد للغاية على المستوى الإنساني ».
غطرسة فرنسية
« إنني أشعر بالأسف أيضا لهذه الغطرسة التي رأيتها أحيانا في فرنسا وهذه الطريقة في النظر إلى المغرب والتي أصبحت لا تطاق بالنسبة لي. في الحقيقة، أنا أتلقى ضربة قوية لأن هناك أشياء أنتم أيها المغاربة مازلتم تعرفون كيفية القيام بها، لكننا فقدناها نحن في فرنسا. أعرف بالفعل كيف تمكن المغرب من التعامل مع أزمة كوفيد-19، لكن الزلزال هو من مستوى أعلى من حيث الدمار. في فرنسا، علينا أن نتعلم، وإذا كان هناك مكان يمكننا أن نتعلم فيه، فهو هنا. إنه بالتأكيد لسنا أهلا لإعطاء الدروس ».
« بداية، بالكف عن الخلط بين العلاقات بين دولة ودولة وبين الأشخاص، طالما أن هؤلاء، وهناك الكثير، الذين يجدون أنفسهم عالقين بين العلاقتين. ودورنا كسياسيين هو الحفاظ على العلاقات بين البلدين. أصدقائي المغاربة يعرفون أن وجودي هنا يحفزني وأعلم أن وجودي يسعدهم. هذا مهم. أقولها علانية: لدينا عائلات وأطفال مشتركون. ولذلك فإن واجبنا جميعا هو التغلب على التوتر بين البلدين. وفي هذا الصدد، يجب أن أقول إن بلدي لم تكن في الموعد. وقد أدى ذلك إلى صعوبات كان من الممكن تجنبها. »
وسائل إعلام فرنسية « تخل بالاحترام وعنيفة »
« العلاقات بين المغرب وفرنسا يجب أن تتحسن. لا أحب الأجواء التي ألاحظها حاليا في وسائل الإعلام في فرنسا فيما يتعلق بالمغرب. أجد أن موقف العديد من وسائل الإعلام الفرنسية يخل بالاحترام وعنيفة اتجاه المغرب، خاصة في هذه الفترة العصيبة بعد وفاة 3000 شخص. وخلافا لما يقال في بعض الصحف الفرنسية، يجب أن نقول ما يلي: لقد أدار المغرب كارثة الزلزال بشكل رائع. وعلينا، نحن الفرنسيين، أن نتعلم الدروس من ذلك. دروس في الفعالية والانضباط والتضامن. أقول ذلك بكل صدق، مع العلم أن ذلك لن يكسبني الثناء عندما أعود إلى البلاد. ولكن هذا يكفي، ولا بد من طي صفحة الغطرسة وهذه الأجواء السائدة في الدول الأوروبية التي تعتبر نفسها حصونا وتحتقر بقية البشرية. دون أن نعي أن لدينا حياة مشتركة. لقد حان الوقت في فرنسا أن نخفض من صوتنا ».
الصحراء: الأخذ في الاعتبار الحقائق الجديدة
« أعلم أن الموضوع حساس وأن الجميع في المغرب يشعرون بأنهم مازالوا يعيشون أجواء المسيرة الخضراء ومازالت حاضرة في كيانهم. وكل أولئك الذين يحبون المغرب، حتى لو كانوا مطالبين في بعض الأحيان بالتكتم، لا يفكرون في الأمر أقل من ذلك. الدبلوماسية المغربية فعالة جدا. لسنوات عديدة، تمكنت من أن يربح الجميع في احترام تام لقرارات الأمم المتحدة. أود أن أشير إلى أن المغرب لم يخلف قط وعده. أبدا ».
« لقد قرأت ترهات عن مواقفي ومواقف حزبي فرنسا الأبية. لكن لنكن واضحين: لا توجد علاقة مؤسسية بين حزب فرنسا الأبية وأي حزب من أحزاب الديمقراطية المغربية. ولا أخفي عليكم أن هناك آراء مختلفة داخل الحركة التي أنتمي إليها. لكن لا يسعني إلا أن ألاحظ الحماسة المغربية وأشعر بالارتباط بها. لا يسعني إلا أن أشير إلى أن المغرب لم يخلف وعدا قطعه للأمم المتحدة. ولا يسعني إلا أن ألاحظ الحقائق الجديدة التي ينبغي على الفرنسيين أن يولوها أهمية كبرى. لقد أدى الموقف الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وإسبانيا إلى تغيير الطريقة التي ينظر بها العالم إلى هذه القضية. وآمل أن تتفهم بلادي ذلك. وعلى أية حال، لا يمكن أن تكون هذه القضية محل خلاف بين بلدينا. لن يكون ذلك عادلا. »
« مظاهرتي الأولى كانت من أجل استقلال المغرب »
« فيما يتعلق بمسألة الصحراء، ليس علينا أن نظهر أي شيء آخر غير الواقعية. وما هي الواقعية إلا أن هناك حدودا وأن القرارات صدرت في مجلس الأمن؟ دعونا نطبقها. لقد طرح المغرب بعض المقترحات المهمة والتي يجب أخذها في الاعتبار. ويجب ألا نتجاهلها ونعتبر أنها غير موجودة. هناك أشخاص غير راضين عن هذا. حسنا، هذه هي الحياة. »
« شخصيا، كل جوارحي مع المغرب ولا أحتاج إلى تكرار ذلك كل خمس دقائق. أتذكر فقط أن أول مظاهرة في حياتي، شاركت فيها (في طنجة، ملاحظة المحرر) عندما كان عمري 5 سنوات. لم أكن أعلم حتى أنني كنت أتظاهر، لكنها كانت من أجل استقلال المغرب ومن أجل عودة الملك محمد الخامس. وفي منزلي، وعلى الطاولة، رددت شعار ذلك الوقت، وهو « يحيى بن يوسف، يا غرانفال ! » (« يحيا السلطان محمد بن يوسف »)، الذي أصبح الملك محمد الخامس، موجهة إلى جيلبيرت غرانفال، المقيم العام لفرنسا في المغرب بين يونيو وغشت 1955، ملاحظة المحرر). عندما تعيش ذلك في سن الخامسة، ليست التغطيات الإعلامية هي التي ستغير من قناعاتك. لقد كان من دواعي سروري رؤية الملك محمد الخامس وسأكون سعيدا للغاية برؤية الأمير مولاي الحسن، رمز شباب هذا البلد، يواصل هذا التاريخ الطويل والجميل ».