مساء الأحد، فرشت الجزائر السجادة الحمراء لعبد السلام عمر عبدي علي، وزير الخارجية الصومالي. أوسمة، خطابات حماسية، لفتات أخوية... كل هذه الأمور كانت حاضرة خلال الحفل الخاص بافتتاح سفارة جمهورية الصومال الفيدرالية الجديدة. رسميا، وكما ورد في قصاصة طويلة من توقيع وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، يتعلق الأمر برمز للتعاون و«التضامن الراسخ» بين البلدين. كان الاهتمام الذي حظي به وزير الخارجية الصومالي جديرا باستقبالات كبار رؤساء الدول. جرى كل ذلك تحت رعاية كاتبة الدولة الجزائرية المكلفة بالشؤون الإفريقية، سلمى بختة منصوري. غير أن هذا الحفل يخفي رهانا آخر.
فالصومال حاليا هي عضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ومع ذلك، من المقرر أن يصوت هذا المجلس في أكتوبر المقبل على قرار جديد وتستضيف مناقشات حول قضية الصحراء. بالنسبة للجزائر، التي تخوض عامها الثاني والأخير كعضو غير دائم في مجلس الأمن، فإن كل صوت مهم. تعد كل بادرة دبلوماسية لمحاولة الحصول، إن لم يكن على دعم صريح، على الأقل على موقف مؤيد لأطروحاتها. كما أكدت كاتبة الدولة الجزائرية المكلفة بالشؤون الإفريقية، سلمى بختة منصوري، على «الفرص الإضافية للتشاور والتنسيق» التي يوفرها الوجود المزدوج في مجلس الأمن. من خلال هذه الصيغة، يمكن للمرء أن يستنتج الهدف: التأثير على القرار القادم.
هذه المغازلة ليست معزولةً، بل تندرج في إطار تقليدٍ دبلوماسيٍ جزائريٍ: استثمار الوقت والجهد والموارد لمواجهة المغرب على الساحة الدولية، حتى لو تطلب ذلك تهميشَ قضايا استراتيجية أخرى. وهذا ثابت من ثوابت السياسة الخارجية الجزائرية. الصحراء ليست مجرد قضية من بين قضايا أخرى. بل هي أم القضايا.
وهذا هو الدافع نفسه الذي شكل أساس زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى سلوفينيا. ففي 12 و13 ماي الماضي، قام الرئيس الجزائري بزيارةٍ رسمية إلى ليوبليانا. الهدف الرئيسي، وفي مقابل عقد غازٍ سخي، هو انتزاع ما يشبه التنازل... بشأن الصحراء. وإذا كانت سلوفينيا قد استحوذت على اهتمام السلطات الجزائرية، فذلك لأنها كانت من بين الدول القليلة التي صوتت لصالح التعديلات التي ولدت ميتةً والتي قدمتها الجزائر على القرار 2756 الذي اعتمده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 31 أكتوبر 2024. قرار تمثّلت أهميته في تقدير أعضاء هذه الهيئة للزخم الذي نشأ حول مقترح الحكم الذاتي وضرورة التأسيس عليه لإيجاد حل قضية الصحراء. لم تكن لهذه التعديلات أي فرصة للمرور، لكن عرضها البسيط ساهم في تعزيز صورة الجزائر كدولة شجاعة في مواجهة القوى العظمى. لم تؤخذ تعديلات النظام الجزائري بعين الاعتبار، مما أثار استياء لدى ممثل الجزائر في مجلس الأمن، عمار بن جامع، ودفع بلاده إلى عدم المشاركة في التصويت. مشهد نادر يؤكد الفشل المهين للنظام الجزائري.
المغرب هو المعيار الوحيد
لا بأس. في ليوبليانا، وبعد اجتماعه مع نظيرته السلوفينية، ناتاشا بيرك موزار، أشاد تبون «بمواقف سلوفينيا بشأن قضية الصحراء الغربية، المؤيدة لحل يقبله الطرفان برعاية الأمم المتحدة، ويعترف بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره من خلال تنظيم استفتاء». هذا على الرغم من تأكيد الحكومة السلوفينية في 18 أبريل الماضي أن مخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء «أساس متين لحل نهائي» لهذا النزاع الإقليمي. في سلوفينيا، الجمهورية البرلمانية، يمارس رئيس الحكومة السلطة التنفيذية، بما في ذلك في شؤون السياسة الخارجية. وفضلا عن ذلك، اختتمت زيارة تبون الرسمية باجتماع مع الوزير الأول روبرت غولوب. ولم تناقش قضية الصحراء في أي وقت مع رئيس السلطة التنفيذية.
يكشف هذا التفاوت عن هشاشة قراءة الجزائر. في الواقع، تجسد زيارة الرئيس الجزائري، التي قدمت على أنها إنجاز دبلوماسي، في المقام الأول استراتيجية الجزائر المتكررة: محاولة استغلال تفاصيل لغوية لادعاء وجود دعم قوي لما هو في كثير من الأحيان مجرد تكرار للمواقف المبدئية. ولهذا السبب، فإن هذه المقاربة تعجز عن تحقيق نتائج ملموسة في ظل الدعم الدولي المتزايد للمخطط المغربي.
وهذا لا يمنع النظام الجزائري أن يذهب بعيدا في كل مرة، حتى باللجوء إلى الكذب. ومن أفضل من عبد المجيد تبون ليجعل قائدة مثل جورجيا ميلوني، رئيسة مجلس الوزراء، تقول ما لم تقله قط؟ في روما، حيث كان في زيارة رسمية يوم 22 يوليوز الماضي، سمح تبون، أمام الكاميرات، لنفسه بالتعبير بـ«نحن» التي ضمت جورجيا ميلوني ليؤكد أنهما «أعادا التأكيد معا» على «دعمهم المشترك» المزعوم «للشعب الصحراوي» و«حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير» (انظر الفيديو ابتداء من الدقيقة 12:55).
لم يترك البيان المشترك الذي نشره الجانب الإيطالي أي مجال للغموض. لا «شعب صحراوي»، لا «حق غير قابل للتصرف»، لا «تقرير مصير». مجرد عبارة نمطية عن حل «مقبول من الطرفين» في إطار الأمم المتحدة. سنتجاهل حقيقة أن الجزائر إنما تقربت من إيطاليا وتنازلت لها عن موارد غازية مهمة بسعر زهيد، فذلك كرد فعل على فرنسا... ودعمها للسيادة المغربية على الصحراء. كل هذا من أجل ذلك.
يبقى سؤال مهم: هل ستثمر هذه المناورة؟ تظهر السوابق أن الآلة الدبلوماسية الجزائرية تعجز عن تحويل التصريحات إلى نتائج ملموسة. إن الحقائق على الأرض والثقل المتزايد للمواقف المغربية في المحافل الدولية لا يتلاشى مع قص الأشرطة والابتسامات أمام الكاميرات. إذا كان كل فعل، كل استقبال، كل مصافحة رسمية جزءً من استراتيجية واحدة، ثابتة ومتوقعة: جعل الصحراء جوهر دبلوماسيتها، فإن النتيجة واحدة تماما. الفشل الذريع. سواء بوجود الصومال أو بدونه، سيتبع التصويت القادم على قرار الأمم المتحدة بشأن الصحراء المنطق نفسه. لا سيما وأن ثلاث دول من بين الدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا) تدعم رسميا مغربية الصحراء وخطة الحكم الذاتي كحل وحيد. أما الدولتان الأخريان، الصين وروسيا، فتترددان بشدة. وبالتالي، ستكون الجزائر عاجزة عن فعل أي شيء حيال ذلك.
أما بالنسبة للصومال، فيأمل نظام الجزائر في تغير الموقف. لكن من المؤكد أنه سيصاب بخيبة أمل: فالصومال من بين الدول التي فتحت قنصلية لها في الداخلة.




