لقد تحدثتم أمام البرلمان الأوروبي للإعراب عن سخطكم بعد اعتماد هذا القرار بشأن حقوق الإنسان وحرية الصحافة في المغرب يوم 19 يناير. هل توقعتم مثل هذه النتيجة؟
لسوء الحظ، أنا معتاد جدا على قرارات البرلمان الأوروبي المتعلقة بحقوق الإنسان التي يتم اعتمادها بأغلبية سوفياتية. يتم إعداد هذه القرارات على عجل وبطريقة غامضة إلى حد ما ودون اكتراث بسيادة الدول التي تستهدفها تلك القرارات.
غالبا ما يحدث أن أكون واحدا من القلائل الذين يذكرون بأشياء بسيطة مثل ضرورة عدم اتباع البرلمانيين الأوروبيين لآراء المنظمات غير الحكومية بطريقة آلية وميكانيكية أو ضرورة الاعتماد على الحقائق بدلا من الآراء. ومن المؤسف جدا أن زملائي ينسون أننا لسنا قضاة بل برلمانيين، ولذلك من المناسب أن نخرج بآراء سياسية بدلا من الوعظ المتعصب مثل تلك الموجودة في قرارات تتخذ على عجل.
كيف تفسرون اتخاذ هذا القرار؟
عمر الراضي صحفي عمل مع السفارات الأوروبية وتدعمه منظمات غير حكومية. بالنسبة للبرلمان الأوروبي، فإن هذا يمنحه نوعا من الحصانة. مهما فعل، فهو محمي بفضل الكراهية التي يحملها العديد من البرلمانيين للأمم، ويفضلون أي شيء يساهم في استهداف الدول.
علاوة على ذلك، للمغرب أعداء كثيرون في البرلمان الأوروبي. لا يزال جزء كبير من اليسار الأوروبي مرتبطًا بالجزائر من خلال التضامن السياسي والتدخلات المختلفة. أذكر أن هناك مجموعة دراسية في البرلمان الأوروبي مكرسة خصيصا لطرح مطالب جبهة البوليساريو. بطبيعة الحال، لا تقدم نفسها رسميا بهذا الشكل. غير أن هذا ما يحدث عمليا.
إن الفخر الكبير للعديد من البرلمانيين الأوروبيين هو تجاهل المعلومات التي تقدمها لهم التمثيليات الدبلوماسي حول الموضوعات التي يدرسونها. إن ازدراء غالبية المجموعات في البرلمان الأوروبي لأي خطاب لدولة ما هو إشكالية حقيقية: كما قلت، من المؤسف حقا أننا سمعنا فقط أصوات المدافعين عن السيد عمر الراضي، ولم نسمع لا صوت العدالة المغربية ولا صوت الضحية.
لا يريد البرلمان الأوروبي أن يرى أو يسمع أو يفهم أي شيء يتعارض مع رؤيته الأيديولوجية للعالم. وقد أظهر هذا القرار بشأن المغرب هذا الأمر بكل جلاء.
لقد ذكرتم مراراً أثناء خطابكم الجزائر التي كان من الممكن أن تكون موضوع هذا القرار. وفي هذا الصدد، تنددون بتساهل اليسار والبرلمان الأوروبي الذي يتنازل عن كل شيء لهذا البلد مقابل غازه. هل يمكننا الحديث عن وجود لوبي جزائري في البرلمان الأوروبي؟
على أي حال، لم أختبر هذا الأمر أبدا، لأنني أعتقد أن الجزائر فهمت جيدا أنني لن أبتلع خطابها.
تتوفر الجزائر على وسائط قوية داخل الطبقة السياسية الفرنسية واليسار الأوروبي. كما طلبت من رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، فرض التزام بالشفافية على جميع الجنسيات التي يتوفر عليها أعضاء البرلمان الأوروبي، من أجل تحديد ما إذا كان هناك أي تضارب في المصالح في التعامل مع القضايا الدولية.
واضح أن الجزائر لها تحركات داخل البرلمان الأوروبي، لكني لا أدينها في حد ذاتها. من الطبيعي أن نحافظ على الروابط مع جميع البلدان، حتى تلك التي ننتقدها أكثر من غيرها، من أجل معرفة رؤيتها للعالم.
من ناحية أخرى، من غير الطبيعي أن تستمر المفوضية الأوروبية في الإصرار على تكثيف علاقاتنا مع الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالطاقة، دون فرض أي شروط على هذه العلاقة.
حلت السلطات الجزائرية أهم منظمة حقوقية في البلاد يوم الأحد، أي بعد ثلاثة أيام فقط من اعتماد القرار، دون أن يصدر أي بيان من أعضاء البرلمان الأوروبي. كما لوحظ الصمت نفسه فيما يتعلق باعتقال الصحفيين في الجزائر بسبب كتاباتهم. كيف تفسرون هذه الازدواجية في المعايير؟
أذكر أنه بالرغم من ذلك كان هناك العديد من القرارات الصادرة عن البرلمان الأوروبي للتنديد بالوضع السياسي وحقوق الإنسان في الجزائر. لكننا بقينا في موقف خطابي بحت. سنرى ما إذا كان البرلمان الأوروبي سيضيف الجزائر إلى جدول أعمال قراراته الطارئة خلال الجلسة العامة في فبراير. في الواقع، يعد قرار حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مؤشرا جديدا على استبداد النظام الجزائري.
نرى أن إيمانويل ماكرون لديه نوع من العقدة تجاه الجزائر. إنه يرضخ لجميع مطالب الرئيس تبون، ويرسل وزرائنا إليه زرافات، ويقال إنه يود أن يستقبله رسميا في قصر الإليزيه في شهر ماي. تذكرون أنه في 9 أكتوبر الماضي، زارت وزيرتنا الأولى، السيدة بورن، الجزائر برفقة 16 وزيرا، أي أكثر من نصف الحكومة. لم يتم التعامل مع أي دولة أخرى مثل هذه المعاملة التفضيلية.
الكل يعرف النظام الحالي في الجزائر والجميع يعلم أنه عندما يتعلق الأمر بالحريات، لا يمكنه أن يعطي الدروس للآخرين في هذا المجال.
هل من الطبيعي تجاهل صوت ضحايا هؤلاء الصحفيين المغاربة المسجونين في إطار قضايا الحق العام؟
إنه أمر محير. في قضايا الأخلاق، ولا سيما في حالات العنف الجنسي، يدعو البرلمان الأوروبي إلى إنهاء قرينة البراءة وعكس عبء الإثبات عندما يندد الضحايا بهذه الحالات. وهي تطورات لا أتفق معها أيضا، لأنني اعتبرها مغالاة.
ولكن عندما تدين عدالة دولة ذات سيادة شخصا ما بارتكاب جريمة جنسية، يتجاهل البرلمان الأوروبي تماما صوت الضحايا. وهذا دليل آخر على سياسة الكيل بمكيالين وسوء النية الذي غالبا ما يطبع البرلمان الأوروبي وقراراته الطارئة.
بعثت حفصة بوطاهر برسالة مفتوحة إلى البرلمان الأوروبي. هل أنتم على علم بذلك؟ هل تمت قراءتها وهل اطلعتم عليها؟
أما بالنسبة للأعضاء الفرنسيين في البرلمان الأوروبي، من مجموعة الهوية والديمقراطية، فقد تلقيناها يوم الاثنين 16 يناير. من الواضح أنها تركت انطباعا عميقا علينا. لو نوقشت القرارات الخاصة بحقوق الإنسان بطريقة عادية، لكانت السيدة بوطاهر قد تم الاستماع إليها في لجنتنا.
أشعر بالغضب، لأن امرأة، كانت ضحية بالفعل، وتعرضت بكل تأكيد لصعوبات اجتماعية لأنها كانت لديها الشجاعة للتحدث علانية عن حالتها، تضطر أيضا إلى التذكير بمحنتها، لأن أعضاء البرلمان الأوروبي لا يرغبون في سماعها.
اللافت للنظر أن اليمين الفرنسي كان غائبا مع عدم تصويت أي عضو من برلمانيي مجموعة الحزب الشعبي الأوروبي، وتغيب ستة من أصل تسعة عشر من حزب الهوية والديمقراطية. كيف تفسرون ذلك؟
كان النواب الفرنسيون من مجموعة الهوية والديمقراطية هم الوحيدون الذين صوتوا ضد القرار إلى جانب الاشتراكيين الإسبان. يبدو لي أن هذا هو أهم شيء يجب التأكيد عليه من الجانب الفرنسي.
لقد تدخلت شخصيا للتنديد بالقرار ولحسن الحظ، فإن نواب التجمع الوطني قاموا بحفظ ماء وجه المنتخبين الفرنسيين.
بداية، في ذلك الوقت، هناك للأسف الشديد العديد من النواب الفرنسيين من جميع المجموعات في ذلك اليوم الذين كانوا غائبين... بسبب إضراب النقل العام في فرنسا لمعارضة إصلاح نظام التقاعد.
قرر الحزب الشعبي الأوروبي، وهو حزب يمين الوسط في البرلمان الأوروبي، عدم التدخل بعد الآن في هذه القرارات بسبب قضية « قطرغيت » التي هزت اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان، لذلك لم يصوت الجمهوريون. أعتقد أن هذا خطأ من جانبهم لأنهم تركوا المجال مفتوحا لليسار الأوروبي المعادي للمغرب.
الموقف الصادم هو موقف مجموعة النهضة (Renaissance)، التي كان رئيسها ستيفان سيجورني مستشار مقرب من إيمانويل ماكرون، وهي المجموعة التي قادت هذه المناورة لمهاجمة المغرب في الجلسة العامة نفسها.
لنعد الآن إلى العلاقات بين فرنسا والمغرب التي تعرف فتورا متزايدا. كيف تنظرون إلى هذا الفتور الدبلوماسي والمشاعر المعادية لفرنسا التي قد تنتج عنه؟
أعتقد أنه من المؤسف للغاية أن المشاعر المعادية للفرنسيين تتزايد في المغرب وأعتقد أن هذا أمر مؤسف لأنه، على الرغم من أنني أفهم أن سياسات إيمانويل ماكرون لا تحظى بالقبول، فإن العلاقة بين بلدينا أقوى من أخطائه وانحرافاته. يجب أن نعود إلى الملفات المشتركة حول المواضيع القنصلية والهجرة والاقتصادية والعسكرية. أعتقد في هذا الصدد أن على فرنسا أن تعلن رسميا موقفها بشأن مغربية الصحراء للبدء على أسس جديدة.
من المؤسف أن غياب التصريحات الفرنسية التي تدين عدوانية الجزائر وأعمالها المزعزعة للاستقرار في المنطقة. على أي حال، فإن وصول التجمع الوطني إلى السلطة من شأنه أن يدير سياسة خارجية تتعارض مع سياسة إيمانويل ماكرون في منطقتكم.
ما رأيكم في زيارة سعيد شنقريحة قائد الجيش الجزائري إلى فرنسا واستقباله في الإليزيه من قبل إيمانويل ماكرون، وهو ما يشكل سابقة بالنسبة لقائد عسكري؟
إيمانويل ماكرون متمسك بسياسته في مغازلة الجزائر دون أن يتردد في إذلال الأمة الفرنسية عندما يخدم ذلك تواصله. لا أرى أي تعاون عسكري مفيد يمكننا تطويره مع الجيش الجزائري دون تعزيز مطامعه في المنطقة. ومع ذلك، فإن الجزائر لن تكون حليفا لفرنسا أبدا طالما أن نظامها يعيش على كراهية الفرنسيين. النشيد الجزائري نفسه يهين فرنسا والفرنسيين. لدي بعض الأصدقاء في الجيش، أعتقد أنهم امتعضوا عندما يرون أن هذا اللقاء قد تم بالفعل.