استضافت غينيا الاستوائية، يوم الجمعة 24 نونبر 2023، قمة مصغرة، وهي قمة «مجموعة العشرة» التابعة للاتحاد الإفريقي، المكلفة بملف إصلاح مجلس الأمن الدولي والمكان الذي ينبغي أن تشغله إفريقيا في هذا المجلس.
وبحسب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي قرأ وزير خارجيته أحمد عطاف كلمته أمام هذه القمة، فإنه «اليوم وأكثر من أي وقت مضى، أصبح التعامل مع ملف إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أكثر إلحاحا واستعجالا». بعد وصفه لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بـ«العجز» و«الشلل شبه الكامل»، و«الانتقائية والتمييز» في مواجهة الأزمات التي تجتاح العالم (الإرهاب والحروب وغيرها)، يرى تبون، الذي يتحمل هو والطغمة العسكرية التي تدير بلاده نصيبا كبيرا من المسؤولية في هذه الأزمات، أن ذلك يبرر طرح «مسألة إصلاح مجلس الأمن» وتصبح اليوم مسألة «ملحة»، بحسب قوله.
في الواقع، ومع عدم إبداء أي رد فعل رافض هذا العام لقرار مجلس الأمن الأخير رقم 2703 بشأن الصحراء، في حين كان رد فعله عنيفا عبر بيانات صحفية رسمية في 2021 و2022، فإن النظام الجزائري يريد إحداث «الثورة» بشكل مباشر داخل الهيئة التي اعتمدت هذه النصوص التي تدعو إلى حل واقعي، قائم على التوافق، ومنسجم مع مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب منذ سنة 2007، بهدف وضع حد لهذا الصراع المفتعل. والحال، فإن هذه الترهة الجديدة من ترهات تبون التي لا تعد ولا تحصى تزكي الصورة الكاريكاتورية للرئيس الجزائري، الذي تطغى خرجاته الإعلامية على الكوميديين المحترفين.
ولكن أثناء انتخابها يوم 6 يونيو الماضي كعضو جديد غير دائم في مجلس الأمن، نجحت الجزائر في تحويل إجراء شكلي بسيط إلى نصر عظيم. بل إن الرئاسة الجزائرية نشرت مباشرة بعد هذا التصويت بيانا رسميا رحبت فيه بهذا «النجاح الدبلوماسي الذي يؤكد عودة الجزائر الجديدة إلى الساحة الدولية»، مضيفة أن «هذا الانتخاب الذي يمثل مكسبا ثمينا يضاف إلى رصيد السياسة الخارجية لبلادنا، يعكس التقدير والاحترام الذي يحظى به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، من قبل المجتمع الدولي، وعرفانه لمساهمته في إحلال السلم والأمن الدوليين».
فكيف يمكن تفسير هذا التحول المفاجئ للرئيس الجزائري تجاه المجتمع الدولي ومؤسساته العالمية؟ كلما اقترب الموعد النهائي لدخول الجزائر إلى مجلس الأمن، وهي تعلم مسبقا أن تصويتاتها السلبية المقبلة ضد قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء ستكون فاشلة وعبثية، كلما حاول تبون التظاهر بالتحرك، وهو المهووس بالعظمة، بهدف الانتزاع بسرعة أحد مقاعد الأعضاء الدائمين التي تطالب بها القارة الإفريقية داخل مجلس الأمن. ولكنه تناسى أنه حتى لو تم تخصيص هذه المقاعد الدائمة لبلدين إفريقيين، فإن الجزائر لن تكون جزءً منهما.
صحيح أن الاتحاد الإفريقي، بموجب «توافق زولويني» (جنوب إفريقيا) في مارس 2005، الذي خول له التعبير عن وجهة النظر التوافقية لدوله الأعضاء بشأن «إصلاح مجلس الأمن»، يطالب بالحصول على مقعدين دائمين مع التمتع بحق النقض والامتيازات الأخرى المصاحبة له، بالإضافة إلى 5 مقاعد للأعضاء غير الدائمين، بدلا من 3 مقاعد حاليا.
لكن المناقشة بشأن توسيع مجلس الأمن، والتي افتتحتها الأمم المتحدة في عام 2003، وصلت إلى طريق مسدود داخل الاتحاد الإفريقي، بسبب وجود رؤيتين متعارضتين. فمن ناحية، هناك أنصار سيادة الدولة الذين يدعون إلى أن تكون الدولتان الإفريقيتان اللتان سيتعين عليهما الجلوس كعضوين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هما الناطقين الرسميين باسم بلديهما وحدهما. وهذا الرأي هو رأي بعض القوى الإقليمية مثل جنوب إفريقيا ونيجيريا ومصر. ومن ناحية أخرى، يطالب أنصار الوحدة الإفريقية، وهم الأغلبية، بأن يتحدث هذان العضوان الدائمان ويصوتان نيابة عن القارة بأكملها، وأن يمثلا بإخلاص التوافق داخل الاتحاد الإفريقي. وتقوم مجموعة أخرى تسمى «مجموعة الأربعة» (ألمانيا واليابان والبرازيل والهند) بحملة لزيادة عدد أعضاء مجلس الأمن إلى 25 عضوا، من خلال إنشاء 6 مقاعد دائمة جديدة (بما في ذلك مقعدان لإفريقيا) وأربعة مقاعد غير دائمة.
وإذا كان ميثاق الأمم المتحدة قد تم تعديله في عام 1963 للسماح بالتوسيع الأول لمجلس الأمن، والذي انتقل من 11 عضوا (5 أعضاء دائمين و6 غير دائمين) إلى 15 عضوا، مع إضافة 4 أعضاء غير دائمين، فإن النزعة المحافظة الحالية لأعضاء مجلس الأمن الدائمين يعرقل أي توسيع آخر، حيث تعارض الولايات المتحدة بشدة أي توسيع للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وذلك دون الأخذ بعين الاعتبار تبون الذي يطالب بالإصلاح بشكل عاجل. إن لم يكن الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن يرتجفون من الخوف، فلا بد أنهم يضحكون.