تجدر الإشارة أنه وخلال الدورة 58 لمجلس الأمن المنعقدة بجنيف، وصفت « جوديت كاسامايير سيغارا »، ممثلة اللجنة الدولية لاحترام وتطبيق الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، أن الوضع بالمخيمات لاإنساني للأطفال المحرومين من طفولتهم والمجبرين على التجنيد، حيث يتعرضون باستمرار لانتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال الأساسية بمخيمات تندوف، وذلك باعتبارهم من الفئات الهشة إلى جانب النساء وكبار السن الذين يشكلون معظم ضحايا النزاعات بشكل عام.
لقد سبق أن كشف « منتدى فورساتين » حجم الاستغلال العسكري للأطفال بمخيمات تندوف، محذرا أن حماية حقوق الأطفال تنتفي بشكل مطلق عندما يتم استغلالهم في تداريب عسكرية وإرغامهم على حمل السلاح مع تعريض حياتهم للخطر.
والأنكى من ذلك أن عصابة البوليساريو باتت تستخدم برنامج" عطل في سلام" كأداة تخفي وراءها أنشطة مشبوهة تشمل استغلال الأطفال وتجنيدهم لأغراض دعائية وحتى إرهابية.
«إن الأطفال المستهدفين من قبل هذه الجماعة الإرهابية، هم محرومون من طفولتهم، ومن أبسط حقوقهم، ويحكم عليهم بالتعايش مع الآثار الجسدية والنفسية الوخيمة لتجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة، وهو ما يشكل جريمة حرب، ويتناقض مع اتفاقية حقوق الطفل التي تدين المادة 38 منها تجنيد الأطفال في الأعمال العسكرية»
— محمد بنطلحة الدكالي
لقد أوردت صحيفة «أتالايار» الإسبانية استنادا إلى تقارير استخباراتية أن برنامج" عطل في سلام" والذي يهدف إلى تمكين الأطفال من قضاء عطلتهم الصيفية في إسبانيا بعيدا عن ظروف المخيمات القاسية، تحول البرنامج تدريجيا إلى وسيلة تستخدمها البوليساريو والسلطات الجزائرية لأغراض سياسية وتعبوية، حيث يتم استغلال عدد من القاصرين عبر تلقينهم أفكارا إرهابية بعد عودتهم إلى المخيمات، مما دفع ببعضهم لاحقا إلى الانخراط في جماعات مسلحة تنشط في منطقة الساحل وتشكل تهديدا لأمن إسبانيا وأوروبا.
إن الأطفال المستهدفين من قبل هذه الجماعة الإرهابية، هم محرومون من طفولتهم، ومن أبسط حقوقهم، ويحكم عليهم بالتعايش مع الآثار الجسدية والنفسية الوخيمة لتجنيدهم من قبل الجماعات المسلحة، وهو ما يشكل جريمة حرب، ويتناقض مع اتفاقية حقوق الطفل التي تدين المادة 38 منها تجنيد الأطفال في الأعمال العسكرية، إذ التزمت الأطراف الموقعة في الفصل 38 على عدم إقحام الأطفال في الصراعات المسلحة بما فيها الجزائر التي تتحمل كامل المسؤولية في هذه التداريب التي تجري على أرضها.
إنه ورغم الحماية التي يمنحها القانون الدولي للأطفال في النزاعات المسلحة، فانهم غالبا ما يتم تجنيدهم من طرف كثير من الجماعات المسلحة، حيث يفصلون عن عائلاتهم او ينتزعون من بيوتهم أو يتعرضون للقتل أو التشويه أو الاعتداء الجنسي أو أي شكل آخر من أشكال الاستغلال.
إننا نجد هذا الحظر في اتفاقية حقوق الطفل والميثاق الإفريقي لحقوق وإنعاش الطفل، وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن «تجنيد الأطفال إلزاميا أو طوعيا» في القوات أو الجماعات المسلحة يشكل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وفي قرار بشأن الأطفال في النزاعات المسلحة تم اعتماده عام 1999، أدان مجلس الأمن الدولي بشدة تجنيد الأطفال كونه يعتبر انتهاكا للقانون الدولي.
ونجد أن جماعة البوليساريو الانفصالية تنتهك الأعراف والمواثيق الدولية وذلك بفرضها على أطفال مخيمات تندوف حمل السلاح وتجنيدهم والزج بهم في العمليات العدائية، في تحد صارخ لكل قرارات مجلس الأمن والمواثيق الدولية، حيث تروج البوليساريو مجموعة من الأشرطة المرئية التي توثق لتجنيد الأطفال ودفعهم الى حمل السلاح وهو ما يعتبر جريمة دولية وخرقا للقانون الدولي الذي يحظر إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة بموجب الفقرة الثانية من المادة 77 من برتوكول جنيف لعام 1977 والمادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إشراك الأطفال في النزاعات المسلحة لعام 2000 الذي يحظر إشراك الأطفال الذين لم يبلغوا بعد سن الثامنة عشر في الأعمال العدائية.
إن هذا الوضع يحتم على المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية إثارة انتباه لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل بالوضعية المأساوية للأطفال المحتجزين في مخيمات تندوف، في خرق سافر لكل الأعراف والقوانين، كما أن الجزائر يجب أن تتحمل كامل المسؤولية أمام المجتمع الدولي ويتعين مساءلتها لأن استغلال هؤلاء الأطفال يتم فوق التراب الجزائري.

