وقال عمر خنيبيلة، في مقابلة صحفية أجراها معه Le360 بمدينة العيون، بالصحراء المغربية: «لا يمكننا اعتبار أن الجزائر تقف نِدّا أمام المغرب»، مستذكرا التاريخ الذي يؤكد أن الجزائر لطالما اشتغلت، منذ عقود من الزمن، على استعمال الجبهة الانفصالية للبوليساريو من أجل تحقيق «الهدف الكبير» لنظام الجارة الشرقية: وهو إيجاد منفذ للوصول إلى المحيط الأطلسي. إلا أن هذا الهدف سيظل، وإن ترادفت السنين، ليس فقط بعيد المنال، بل مستحيل. فجدار المملكة المغربية لا يمكن اقتحامه بتاتا، أو حتى المسّ به.
وفضح خنيبيلة، الذي وُلد بمدينة العيون واشتغل لسنوات عديدة ضمن إعلام جبهة البوليساريو، بين تندوف والجزائر العاصمة، قبل أن يقتنع بعدم شرعية المشروع الانفصالي ليعود إلى مدينته الأم بالصحراء المغربية، (فضح) وسائل الدعاية الانفصالية، التي تُطبّق ما تفرضه بروباغندا العسكر الجزائري، فنجدها تسعى إلى غسل أدمغة السكان المحتجزين بمخيمات تندوف عبر تداول مصطلحات من وحي الخيال، بعيدة عن الواقع، من قبيل «الاحتلال» و«الاستعمار» و«الاستقلال»، مُحاوِلة إيهام هؤلاء المحتجزين بـ«أحقية وشرعية» المشروع الانفصالي، إلا ذلك بات غير مؤثر بتاتا، فذكاء صحراويي تندوف جعلهم مقتنعين اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بأن حياة الرخاء لا توجد سوى بالأقاليم الجنوبية للمملكة، تحت راية وطنهم الأم المغرب، وليس بمخيمات تنعدم فيها أبسط مُقوّمات العيش الكريم.
وأكد عمر خنيبيلة أنه على اعتبار أن هذا المشروع جزائري الصُّنعِ، فإن نظام الجزائر كان، ومازال، هو المُحدّد لهويات الشخصيات التي تقود الجبهة الانفصالية، لذلك لاحظنا بأن «الزعيم» السابق للبوليساريو محمد عبد العزيز (عبد العزيز المراكشي) ظل هو الآمر-الناهي، منذ سنة 1977 حتى وفاته عام 2016، مع البشير مصطفى السيد. هذه الشخصيات، يضيف عمر خنيبيلة، وهي تُسمّى بالجيل المؤسِّس للبوليساريو، ارتبطت أسماؤها بتحقيق الغاية الجزائرية: الإبقاء على البوليساريو بالشكل الذي تُريده الجزائر وقمع وسَجن وتنكيل الأصوات المُعارضة لتوجّهاتها.
وذكّر الإعلامي المغربي عمر خنيبيلة بـ«التقارير الصادرة عن عدد من المنظمات الدولية، آخرها كان سنة 2023، التي تُوكّد وجود اختلاسات على مستوى المساعدات الموجهة لسكان مخيمات تندوف». هذه المساعدات، يُردف المتحدث، «التي تعمد قيادة البوليساريو إلى الاستيلاء عليها، تُقْدِم على الاتجار فيها ببعض الأسواق المجاورة، مُستغلّة جودتها، بغية تحقيق غايات مادية». قمة الانحطاط.
كما ذكّر خنيبيلة بمطلب إحصاء سكان مخيمات تندوف، الذي لطالما دعا إليه مجلس الأمن وعدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية، لكن البوليساريو، وراعيتها الجزائر، الطرف الحقيقي في الصراع المُفتَتعل حول الصحراء المغربية، يرفضان القيام بهذا الإحصاء، حتى تظلّ حقائق معاناة المحتجزين مَخفيّة. لكن لا شيء بات مستورا، فالفضائح تواصل، يوما بعد يوم، تعرية ما ترتكبه قيادة إبراهيم غالي من جرائم في حق الإنسانية.
وفي سياق ذي صلة، تحدث عمر خنيبيلة عن مجموعة من الأسرار المتعلقة بتجنيد الأطفال وحرمانهم من حقوقهم كبشر، متحدثا أيضا عن تزويج القاصرات قسرا، وحرمانهن من العِلم والدراسة وعيش الرخاء.
هذا، ويتحدث ضيفنا، أيضا، عن التنمية المتسارعة بمدن وأقاليم الصحراء المغربية، منذ إطلاق الملك محمد السادس لبرنامج تنمية الأقاليم الجنوبية سنة 2015 وما تلاه من تدشينات على أرض الواقع، جعل كلّ مدن الجنوب، خاصة العيون والداخلة، مدينتين نموذجيتين على المستوى القاري. هذا التطور التنموي وهذه المشاريع الهامة، زادت من تفاقم الأوضاع بمخيمات تندوف. فالمحتجزون باتوا يطالبون، أكثر من أي وقت مضى، بالسماح لهم بالعودة إلى أرض الوطن حتى ينالوا ما يستحقونه من حقوق العيش الكريم، لكن قيادة البوليساريو تأبى ذلك، وتواصل ما تُمليه أقلام النظام العسكري الجزائري الطاعن في السن.