وأضاف في حديث خص به le360 أن « علاقاتهما بلغت في مقياس العلاقات الدولية الإطار النموذجي المتكامل الحامل لجميع أليات التعاون المشترك، والحرص المتبادل إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة مبنية على الثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق تحقيقا لأعلى مستويات الانخراط والتعاون الثنائي المستدام في إطار شراكة ثنائية متعددة، وعليه المرحلة تمثل عهدا جديدا في العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين ».
ويعتبر الأستاذ الجامعي أن العلاقات الثنائية تمثل الانتقال الفعلي/العملي الجاد والصريح في التعاون والشراكة التنموية بين البلدين، وأضاف مشيرا « إلى أن قوامها الدعم الواضح والثابت لجميع القضايا المشتركة، من أجل ذلك يلاحظ حجم التطور الكبير في مسارات العلاقة بين البلدين، فهي تمتد بشكل مستمر وتوسيع لتشمل السعي المشترك ليس فقط على المستوى الثنائي وإنما تركز ايضا وبشكل متوازي تنمية شعوب المنطقة واستقرارها وتحصينها من المخاطر والازمات الاقليمية والدولية إن على المستوى الاقتصادي أو الأمني..، وهو ما يتبين من خلال التنسيق المشترك بين البلدين حول مواضيع تهم أساسا الفضاء الأورو-متوسطي ومنطقة الساحل وإفريقيا بصفة عامة، تعزز بقوة بفضل دينامية الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين المغرب وإسبانيا، بفضل الإرادة السامية التي عبر عنها الملك محمد السادس، خلال لقاء جلالته مع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، وهو ما يؤكد الاهتمام الذي توليه إسبانيا للمغرب، كبلد صديق وشريك مهم، وفاعل أساسي في تنمية الجوار الجنوبي للمتوسط ».
وختم حديثه عن هذه الآفاق بالقول إن « الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا طموحة وواعدة تضمن استدامة التعاون، تواصل دينامية تطورها وتمضي قدما نحو آفاق جديدة طموحة وواعدة للتعاون، بفضل الإرادة السامية لجلالة الملك، باتت اليوم تسير في طريق إرساء شراكات مبتكرة واستراتيجية، والتي سيتم إطلاقها في إطار الرؤية الملكية، سواء بالمغرب أو على مستوى القارة الإفريقية، والتي ستساهم انعكاساتها الإيجابية والمربحة للأطراف في تحقيق السلم والأمن والتنمية والازدهار لإفريقيا وأوروبا ».
ولما استفسرناه عن دلالات اختيار ألباريس المغرب أول وجهة خارجية بعد تسلمه قيادة الدبلوماسية الاسبانية قال: « بداية لابد من الاشارة الى ان اسبانيا والمملكة المغربية تجمعهما بشكل وثيق أواصر المحبة، والتاريخ والجغرافيا، والمصالح والصداقة المشتركة بين شعبين يتقاطعان في المصير نفسه والطموح المتبادل، وهي كلها روابط مشتركة قوية تتيح بشكل يسير توجهما بإرادة وعزيمة في مسار ترجمة المواقف إلى وقائع وتحويل الرؤية إلى عمل وإنجاز لصالح تنمية البلدين الجارين ».
وأوضح أن اختيار ألباريس المغرب اول وجهة خارجية بعد تسلمه قيادة الدبلوماسية الاسبانية « يحمل دلالات سواء في ارتباطه بالسياق والتوقيت، فالزيارة كأول وجهة الى المغرب تعبر عن قيمة الشريك ومكانته على الصعيد المغاربي وافريقي والوطن العربي، فالمغرب بالنسبة لإسبانيا بوابة القارة الافريقية وصمام الأمان لشعوبها استطاع التميز بمؤسساته التي راكمت بفعالية مشهود لها عالميا خبرات طويلة في مجال تعزيز الأمن والاستقرار وردع الارهاب، وتدبير ملفات أخرى كبيرة كالهجرة وغيرها من الملفات التي تتطلع اسبانيا للعمل المشترك، كما أن الزيارة تبعث رسائل الى كل من حاولوا بشكل مفضوح التشويش على العلاقة المغربية الاسبانية وكل الذين يقتاتون من الفوضى الممنهجة وخلق النزاعات المفتعلة وتهديد الشعوب وترهيبها في محاولة بائسة عرقلة كل ما يخدم أمن واستقرار وتنمية القارتين ».
وبخصوص ما يعنيه ما أبانت عنه إسبانيا من خلال تجديد تأكيد موقفها بخصوص قضية الصحراء المغربية ورسائله قال: « تأكيد اعتراف إسبانيا بمبادرة الحكم الذاتي واعتبارها الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف المتعلق بالصحراء المغربية، يعتبر اعترافا عادلا ومنصفا للروابط التاريخية والشرعية القانونية فإسبانيا تعرف جيدا أصل هذا النزاع المفتعل وحقيقته وخلفية، كما يشكل تأكيدها ثبات الحق ونصرته يحفز على أن تسير كل دول أوروبا في خطاها، ومن جهة ثانية تأكيدها يعزل ويسد الطريق على كل الذين حاولوا خلق النعرات و تسويق الأوهام بهدف عدم توحيد وتجويد هاته العلاقة الرفيعة المستوى وذات التأثير ».
وأضاف أن « مدريد واعية بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغاربة، وكذا بالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب في إطار الأمم المتحدة، لإيجاد حل مقبول من قبل الأطراف، وبالتالي اعتراف الجارة الإسبانية بالحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام لهذا النزاع المفتعل، يجسد استيعابها للقضية الوطنية ».
والتقط على غرار المهتمين والملاحظين الرسائل التي بعثتها الجارة الشمالية وفي الصدد قال « تأكيد مدريد يبعث رسالة لجميع أعداء الوحدة الترابية للمملكة، الذين كانوا ينطلقون من مواقف جاهزة ومتجاوزة، ولا يريدون أن يبقى المغرب حرا، قويا ومؤثرا، وأيضا كل الذين لم يستوعبوا بعد، أن مغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم، الذي يشهد انتصارات مستمرة للدبلوماسية الناجعة والمتبصرة بفضل حكمة ورؤية جلالته الاستشرافية والتي دفعت الانتقال من مرحلة تحصين المكتسبات بخصوص القضية الوطنية إلى مرحلة فرض واقع جديد، قوامه اعتراف دولي في مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية بمشروعية مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي ومستدام لهذا النزاع المفتعل.
وعليه فإن تأكيد اعتراف إسبانيا حافز واقعي لكل الدول التي ظلت مترددة في مواقفها مطالبة اليوم قبل اي وقت مضى إعادة النظر بشكل شامل في نظرتها لقضية المغرب الذي تقدم كل الحجج والبراهين التي تؤكد قانونيا وشرعيا وتاريخيا عدالة القضية الوطنية ».
هذا الموقف تأكيد صريح من إسبانيا لباقي دول الاتحاد الأوروبي على أنها القضية الوطنية قوية بالشرعية التاريخية والحجج القانونية، كما ان المغرب كان ولازال وسيضل وفيا لمبادئه لم يغير توجهه السياسي والاستراتيجي، أو طريقة تعامله مع مختلف القضايا الدبلوماسية، حريص على إقامة علاقات قوية، بناءة ومتوازنة مع الدول الأوروبية كما هو واقع الحال في تعامله مع اسبانيا.
وهو المنطق نفسه، الذي يتوج اليوم بشكل فريد السعي في بناء أسس متينة وجديدة في العلاقة معها لاسيما بعد موقفها التاريخي، الذي حظي بترحيب المفوضية الأوروبية، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، والمتحدث باسم الأمم المتحدة، والذي ايضا يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يمثل قناعة بناءة للمساهمة في تنزيل الحكم الذاتي كحل نهائي للقضية الوطنية، بالإضافة الى التنسيق المشترك بشأن القضايا الإقليمية، الذي يعتبر نموذج حقيقي للتعاون الإقليمي في خدمة السلم والأمن والازدهار ».