ومع توالي السنوات، بدأت تظهر، بين الفينة والأخرى، خلافات داخلية وصلت لدى بعضها إلى حد الطلاق، ولم تسلم إلا بعض الأحزاب من انشقاق تيار عنه، وهذا ما يبين تفشي عقلية الإقصاء عوض الحوار، أو شعار "أنا وبعدي الطوفان" في بعض الأحزابالتي تأكل أبناءها...
بعد الصدى الذي كان للحزب الشيوعي السوفييتي على حساب الأحزاب الليبرالية على الصعيد العالمي، كان بعض الشباب دول العالم الثالث، وخاصة منها تلك التي تعاني من استعمار الدول الامبريالية، متشبعا بالأدبيات القادمة من الشرق، الذين أغرتهم شعارات الحرية التي كان ينادي بها هذا الحزب.
ولم يكن الشباب المغربي بمعزل عما يقع، فأسسوا الحزب الشيوعي المغربي عام 1943، وقاده علي يعتة سنة 1946، ثم سمي حزب التحرر والاشتراكية عام 1969 إلا أن الدولة لم تكن تعترف به آنذاك، فغير قياديو الحزب اسمه مرة أخرى فأطلقو عليه اسم حزب التقدم والاشتراكية عام 1974، وهي السنة ذاتها التي سيعترف بالحزب، وبالضبط يوم 23 يونيو.
استمر علي يعتة في قيادة سفينة رفاقه، إلى أن وافته المنية يوم عام 1997، فترشح كل من إسماعيل العلوي واتهامي الخياري لخلافة بعتة، إلا أن خلافا كبيرا وقع بين الطرفين، أدى إلى الراحل الخياري إلى الانشقاق عن رفاقه، ليؤسس في نفس السنة حزبا سياسيا جديدا سماه جبهة القوى الديمقراطية، وهو حزب ديمقراطي تقدمي ينتمي ل"اليسار الحداثي، ويعمل من أجل بناء مجتمع أكثر عدالة"، وهي أدبيات لم تكن ببعيدة عن الحزب الأصلي، الذي يصنف ضمن اليسار الديمقراطي، ويقول إن هويته تنبني على "قيم العدالة الاجتماعية، والتقدم، والحداثة".
ومنذ عام 1995 تخلى حزب التقدم والاشتراكية عن النهج الشيوعي، وقد حصل في انتخابات 14 نونبر 1997 على 17 من مقاعد مجلس النواب المغربي، وقد كان وقتها ينتمي إلى "الكتلة الديمقراطية" إلى جانب حزبين آخرين، وهما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب الاستقلال، قبل أن تختفي إثر مشاركة رفاق نبيل بنعبد الله في الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية. وقد ظهر وقتها تيار ناهض المشاركة في الحكومة الحالية التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وهددوا بالانسحاب من الحزب، إلا أن لا شيء من ذلك تحقق.