الجزائر تستغل مؤتمرا إفريقيا لإحياء سرديتها المشروخة بشأن الصحراء

أحمد عطاف خلال مداخلته الافتتاحية لأشغال الدورة الثانية عشرة من الندوة رفيعة المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا – مسار وهران، المنعقدة بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال بالجزائر

في 01/12/2025 على الساعة 21:45

بعد صدمة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797، الذي كرس أولوية مخطط الحكم الذاتي المغربي، وفقدان أي نفوذ داخل الاتحاد الإفريقي، قام النظام الجزائري بمناورة جديدة من خلال استغلال مؤتمر حول تجريم الاستعمار لإحياء قضية الصحراء بشكل مصطنع. يعكس هذا الهروب إلى الأمام العزلة الدبلوماسية التي تعيشها دولة مارقة تستغل القضايا المقدسة لقارة بأكملها لخدمة أجندتها الخاصة.

يواصل النظام الجزائري بلا كلل أجندته المعادية للمغرب. بعد أن فوجئ باعتماد مجلس الأمن لقرار تاريخي، يكرس مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحلٍ لنزاع الصحراء، يحاول النظام الآن فرض نفسه على الساحة الإفريقية للحفاظ بشكل مصطنع على فكرة وجود قضية لم تحل بعد. تمثلت محاولته في استغلال المؤتمر الدولي لتجريم الاستعمار في إفريقيا، المنعقد في الجزائر العاصمة، لترويج دعايته لصالح جبهة البوليساريو. إلا أن المبادرة انطلقت من الاتحاد الإفريقي، الذي قرر تنظيم هذا الحدث في قمة أديس أبابا في فبراير 2025.

يمثل المؤتمر، المنعقد في الجزائر العاصمة يومي 30 نونبر وفاتح دجنبر بمشاركة ممثلين دبلوماسيين من مختلف أنحاء القارة، خطوة هامة في المطالب الإفريقية بتعويضات عن الماضي الاستعماري. وتماشيا مع شعار الاتحاد الإفريقي الرسمي لهذا العام، «العدالة للأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي من خلال التعويضات»، يهدف المؤتمر إلى الانتقال من الذاكرة إلى القانون، بداية من خلال العمل على تصنيف الاستعمار والعبودية والفصل العنصري والأبارتهايد كجرائم ضد الإنسانية، قبل المطالبة بالاعتراف بها وتعويضها.

لكن الجزائر اختارت تحويل هدف الاجتماع إلى «آخر مستعمرة في إفريقيا»، وهو سراب يروج له نظام يرفض الاعتراف بهزيمته الدبلوماسية. لقد برهن على ذلك الخطاب الذي ألقاه أحمد عطاف، وهو بلا شك أفشل وزراء الخارجية الجزائريين. فقد كشف، من خلال سيل طويل من الكلمات الجوفاء، الممزوجة بلهجة عدوانية، عن الهدف الحقيقي من خطابه ومهمته: مهاجمة المغرب وتكرار الأسطوانة الجزائرية بشأن الصحراء. وصرح قائلا: «نعم، لقد حان الوقت للقضاء على بقايا الاستعمار بجميع أبعاده. ولكن من مسؤوليتنا أيضا إكمال عملية إنهاء الاستعمار نفسها». ثم أضاف قائلا: «إلى إخواننا وأخواتنا في آخر مستعمرة في إفريقيا، الصحراء الغربية، نعرب عن تضامننا الراسخ وهم يسعون جاهدين لتأكيد حقهم المشروع وغير القابل للتصرف في تقرير المصير، وفقا للقانون الدولي ومبدأ الأمم المتحدة بشأن إنهاء الاستعمار». تتلخص المناورة بأكملها في هذا الأمر: الرغبة في دمج سردية عمليات إنهاء الاستعمار الجارية في «إعلان الجزائر»، الذي من المفترض أن يصدر في نهاية هذا الحدث.

ثم في ما بعد أدخل أحمد عطاف القضية الفلسطينية في خطابه، وقال: «كما نؤكد دعمنا لإخواننا وأخواتنا في فلسطين في غزة والضفة الغربية والقدس». هذا التصريح يتناقض البتة مع تصويت الجزائر الأخير لصالح قرار أمريكي بشأن غزة، تصويت يعكس فعليا تخلي الجزائر عن «القضية» الفلسطينية التي يدعي الدفاع عنها.

تحدث أحمد عطاف كما لو أن إفريقيا قد فوضت له الحديث باسمها، رغم أن الاتحاد الإفريقي قد تخلى تماما عن النظر في قضية الصحراء، وأوكل ذلك حصريا للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها. والدليل على ذلك القرار الذي اتخذ في الدورة العادية الحادية والثلاثين للجمعية العامة للاتحاد الإفريقي، يومي فاتح وثاني يوليوز 2018 في نواكشوط. ينص القرار صراحة على أن دور الاتحاد الإفريقي في إيجاد حل يقتصر على «تجديد الدعم للجهود التي يقودها الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي». وبهذه المناسبة أيضا، أُنشئت آلية إفريقية، تستند إلى ترويكا الاتحاد الإفريقي (الرئيس المنتهية ولايته، والحالي، والقادم للاتحاد، بالإضافة إلى رئيس المفوضية الإفريقية)، وتكلف «بتقديم دعم فعال للجهود التي تقودها الأمم المتحدة»، وتشجيع مرونة «الأطراف»، والنظر، بالتشاور الوثيق مع الأمم المتحدة، في مضمون التسوية المتوقعة. نص القرار على أن «مسألة الصحراء الغربية لن تعالج إلا في هذا الإطار وعلى هذا المستوى».

ومن المفارقات أن هذا القرار اتخذ بينما كانت الجزائر عضوا في مجلس السلم والأمن، الهيئة التنفيذية للاتحاد الإفريقي، وركيزة أساسية في منع النزاعات وتدبيرها، والمعادل الإفريقي لمجلس الأمن الدولي. ربما لم تتخيل الجزائر يوما أن مجلس الأمن سيكرس يوما ما الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كأساس وحيد لنزاع الصحراء في أي قرار. جاء هذا اليوم المشؤوم للنظام الجزائري يوم 31 أكتوبر 2025. والاتحاد الإفريقي، كما هو محدد في القرار 693 المعتمد في نواكشوط، ملزم بدعم قرارات الأمم المتحدة. إن دعم قرارات الأمم المتحدة يعني إقرار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية في نزاع الصحراء. وهذا ما يسمى بالشرعية الدولية، والنظام الجزائري ملزم بالامتثال له، اللهم إذا اختار التصرف خارج نطاق هذه الشرعية.

وقال مصدر موثوق لـLe360، إن الجزائر حاولت، بعد اعتماد القرار 2797، تعديل القرار 693 المعتمد خلال الدورة العادية الحادية والثلاثين للجمعية العامة للاتحاد الإفريقي في نواكشوط. وقد قوبل طلبها بالرفض بالإجماع.

وبموجب قرار عام 2018، يجب على الاتحاد الإفريقي السير وفق توجهات الأمم المتحدة. إن اتخاذ موقف قاري في هذا الاتجاه لم يعد سوى مسألة وقت. ولهذا السبب، لا تتردد الجزائر في استغلال جميع القنوات القانونية لإثارة قضية الصحراء مجددا.

النظام الجزائري، المحاصر بقرار مجلس الأمن الدولي 2797 وقرار الاتحاد الافريقي 693، اختار التصرف بشكل يخالف الشرعية الدولية، وعمد إلى المناورة لإعادة طرح قضية الصحراء داخل الاتحاد الإفريقي، ولكن في شكل جديد.

في ظل افتقاره للحجج القانونية وأدوات التأثير، يسعى النظام الجزائري جاهدا خارج أي إطار قانوني لإعادة إحياء قضية منتهية، في محاولة يائسة لإيجاد ثغرة لإدراجها ضمن شعار الاتحاد الإفريقي الرسمي لهذا العام: «العدالة للأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي من خلال التعويضات». بلغ هذا الارتباك ذروته في القمة السابعة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي في أنغولا، المنعقدة يومي 24 و25 نونبر 2025 في لواندا، حيث قوبل أحمد عطاف، الذي انحنى أمام الأمين العام للأمم المتحدة ليحظى بلحظة من الاهتمام، بموقف ازدرائي من غوتيريش. كشف هذا المشهد، الذي سخر منه على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، عن الهوان الديبلوماسي للجزائر وفشلها الواضح.

بالأمس فقط، كانت الجزائر تتخذ من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي مرجعا. أما اليوم، إذ يرى أن هاتين المنظمتين تعززان تفوق المخطط المغربي، فإنه يتبنى موقف دولة مارقة عاجزة عن إسماع صوتها إلا من خلال مسرحية معدة خصيصا لجذب بعض التصفيقات من الضيوف الأسرى بالمعنى الحرفي للكلمة.

يسعى النظام الآن إلى الالتفاف على الآليات القائمة من خلال القيام بمناورة تهدف إلى إعادة قضية الصحراء إلى الاتحاد الإفريقي من باب خلفي، وذلك بمحاولة إدراج «إعلان الجزائر» على جدول أعمال القمة القادمة للمنظمة حول جرائم الاستعمار، والمقرر عقدها في فبراير المقبل. وبينما تجد الجزائر نفسها في مأزق، بين قرار مجلس الأمن الأخير الذي ينهي طموحاتها بشكل نهائي، والاتحاد الإفريقي المدعو إلى الانحياز إليه، تحاول الجزائر استغلال مبادرة مهمة، على أمل أخرق بتحريفها خدمة لأجندتها الخاصة.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 01/12/2025 على الساعة 21:45