عاد موسم الإقالات في الجزائر، التي تضررت صورتها بشكل كبير بسبب المهزلة الانتخابية التي أدت إلى « إعادة انتخاب » عبد المجيد تبون بنسبة امتناع عن التصويت تتراوح بين 80 و90%.
خرج تبون منهكا للغاية، وبالتالي لديه كل الأسباب ليحمل المسؤولية لأولئك الذين، بنظره، ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر في فوضى هذه الانتخابات، التي قاطعها الجزائريون داخل البلاد وخارجها بشكل كبير.
في يوم الأربعاء الماضي، كان مدير التلفزيون الجزائري العام هو أول كبش فداء. لكن في يوم الخميس، تمت إقالة أحد كبار النظام، وهو الجنرال جبار مهنا، الذي كان يُعتبر أقوى مدير للاستخبارات الخارجية خلال ولاية تبون الأولى. وتلخص سجله في سلسلة من الإخفاقات « الدبلوماسية » والعديد من المؤامرات التي حاكها ضد دول مجاورة للجزائر، سواء كانت المغرب أو مالي أو النيجر أو ليبيا.
إقرأ أيضا : الجزائر: معاقبة المدير العام للتلفزيون العمومي بعد بث مشهد مهين لتبون على الهواء مباشرة
أعيد تنصيب جبار مهنا من قبل محمد مدين المعروف بـ« توفيق »، الجنرال المتقاعد والرئيس السابق لدائرة الاستعلام والأمن (DRS)، الجهاز العسكري القمعي الذي تسبب في مقتل حوالي 250 ألف جزائري خلال العشرية السوداء. وقد تم تعيين جبار مهنا على رأس إدارة التوثيق والأمن الخارجي (DDSE) في شتنبر 2022، حيث تم تنصيبه رسميا من قبل الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، خلفا للجنرال عبد الغني راشدي الذي كان مريضا وفقد حظوة النظام.
كان جبار مهنا قد أُدين من قبل محكمة عسكرية في عام 2019 وحُكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات بتهم الفساد والإثراء غير المشروع، ولكنه أُعيد تأهيله من قبل « توفيق »، الذي دفعه في عام 2021 لتولي عدة أجهزة استخبارات. بل ونجح في فرضه على تبون، حيث كان يجلس معه في المجلس الأعلى للأمن، جنبا إلى جنب مع شخصيات أخرى من الحقبة السوداء مثل عبد القادر أيت وعرابي، المعروف بالجنرال حسن، وناصر الجنان. الأخير هو جنرال نصبه « توفيق » على رأس مديرية الأمن الداخلي (DGSI)، التي قد تكون وراء الأرقام المبالغ فيها التي قدمتها المحكمة الدستورية خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
إقرأ أيضا : رئاسيات الجزائر: المحكمة الدستورية تبعثر النتائج وتعصف بمصداقية لجنة الانتخابات
وفقا لبعض المصادر، تم إبعاد جبار مهنا بعد تورط ابنه مولود في قضية كوكايين. وهو ذريعة تقليدية في الجزائر لإقالة أو سجن المسؤولين الكبار الذين يسقطون من رضا النظام، حتى لو كانت ذريتهم متورطة في جرائم متنوعة. في هذا السياق، كان خالد، ابن تبون، قد حكم عليه بالسجن في قضية « البوشي »، المتعلقة بتهريب 701 كيلوغرام من الكوكايين.
يبدو أن هذه الإقالة السريعة مرتبطة بالانتخابات الأخيرة، حيث يُعتقد أن جبار مهنا حاول التلاعب لتشويه سمعة تبون، بعدما فشل في إيجاد بديل له. ولن يصدر أي بيان رسمي من الرئاسة أو وزارة الدفاع يوضح الأسباب الدقيقة لهذه الإقالة أو مصير الجنرال، سواء بإعادته إلى السجن أو تركه يستمتع بتقاعده. سارع المروجون لنظام العشرية السوداء إلى توضيح أن جبار مهنا أقيل لأسباب صحية.
اسم خليفته معروف بالفعل. إنه الجنرال محمد رشدي فتحي موساوي الذي تمت ترقيته مؤخرا، وهو نفس الشخص الذي كان، من خلال منصبه السابق كممثل للاستخبارات الخارجية في السفارة الجزائرية ببرلين، يراقب تبون خلال فترة علاجه في ألمانيا في نهاية عام 2020. ثم شغل نفس المنصب في السفارة الجزائرية في باريس.
منذ انتخابه في عام 2019، تعامل تبون مع سبعة رؤساء متعاقبين لإدارة التوثيق والأمن الخارجي (DDSE). في أبريل 2020، تم استبدال العقيد رملي كامل الدين بالجنرال محمد بوزيت، المعروف بيوسف، على رأس هذه الإدارة. في يناير 2021، تم عزله ثم سُجن في شتنبر من نفس العام. خلفه الجنرال المتقاعد نور الدين مكري، المعروف بمحفوظ، حتى ماي 2022. ثم شهدت الإدارة سلسلة من التغييرات، مع تعيين كحال مجدوب في ماي 2022، ثم الجنرال عبد الغني راشدي في يوليوز 2022، الذي سيسلم المنصب إلى جبار مهنا في شتنبر 2022.
في أي دولة أخرى في العالم يتم تعيين سبعة رؤساء مختلفين للمخابرات الخارجية في ظرف خمس سنوات؟ هذا لا يحدث في أي مكان سوى الجزائر. ومع ذلك، إذا لم نعتبر الجزائر دولة، بل تكتلا من العصابات، فسيكون من المفهوم لماذا تسقط الرؤوس بهذه السرعة وفقا للمصالح الحالية.