ذلك شأن النظام الجزائري الذي يبدو أنه فقد البوصلة وباتت سفينته معرضة للغرق في بحر تتلاطمه أمواج عاتية. والغريب أن الربان يبدو تائها غير مبالٍ، بل يتمادى في الانصياع لأوامر قراصنة متهورين غير مكترث بضياع البوصلة.
آخر شطحات هؤلاء القراصنة الصبيانية، حين أرغموا فريق مولودية الجزائر، المعروف بتاريخه وإنجازاته، أن ينازل ما يسمى «فريقا» لمرتزقة البوليساريو، في طابع هزلي سخيف.
فريق مولودية الجزائر، عميد الأندية الجزائرية والذي تأسس سنة 1921 على يد عبد الرحمان عوف، المدعو بابا حمود، ابن حي القصبة الذي عقد العزم على تأسيس جمعية رياضية كروية جزائرية الهوية كشكل من أشكال المقاومة والنضال الوطني، وهذا ما يميز نادي مولودية الجزائر عن باقي الفرق الرياضية التي أسسها مستوطنون أوروبيون رغم أنها كانت تضم لاعبين جزائريين، إذ أن باقي الفرق لم تكن تحمل لونا إيديولوجيا أو هوياتيا وطنيا.
لقد استطاعت مولودية الجزائر، عبر تاريخها الطويل، أن تكون ممثل أحرار الجزائر الذين رفضوا دوما التمييز والظلم الاستعماري الفرنسي، وناضلوا إبان الاستقلال ضد حكم العساكر، حيث كانوا دوما في الصفوف الأمامية للحراك الجزائري المبارك.
واليوم رفض أنصار المولودية إقحام فريقهم في أمور سياسية بعدما فرض النظام الحاكم على فريقهم إجراء «مقابلة» ضد مجموعة من شتات عصابة البوليساريو، في خطوة استفزازية للمنتخب المغربي للفتيان الذي نجح في بلوغ نهائي كأس أمم إفريقيا بالجزائر، ولـ«رد الجميل» للمنتخب المغربي الذي تعرض لعقوبات من طرف الفيفا حين قبل اللعب وديا مع «منتخب جبهة التحرير الجزائرية» سنة 1958، وذلك قبل استقلال الجزائر، حيث كلف هذا التضامن من المنتخب المغربي الحرمان من المشاركة في البطولات الدولية والقارية لمدة سنة.
لقد رفع أنصار المولودية مجموعة من الشعارات الرافضة للمباراة، من بينها شعار: «درتوها قضية فهاد البلاد رجعتوها سياسة وفساد»، ونشرت صفحة المولودية الإسلامية الشعبية، المحسوبة على فريق مولودية الجزائر تعليقات لشباب جزائريين يرفضون اللقاء الودي، ومن بين أبرز التعليقات: «ميديروش بالمولودية طريق» في حين كتب آخر: «مولودية الشهداء حبو يردوها مولودية الحركي تلعب مع مرتزقة جنوب الجزائر».
لقد عبر أنصار المولودية عن عدم رضاهم على إجراء هاته «المقابلة» المهزلة التي تشكل وصمة عار في تاريخ فريقهم العريق.
لقد أعلن أنصار المولودية عن قرار مقاطعة هذه المسخرة، لذا تجند أذناب النظام ليزجوا بعدد هائل من الجنود المنصاعين للأوامر ولشرذمة من المرتزقة والمأجورين في هذا اللقاء التنكري.
لقاء ستكون له، دون شك، تبعات داخل الأوساط الرياضية، لأنه يطرح إشكالا بخصوص طبيعة الأهداف المتوخاة منه، بحيث تمت برمجته في إطار هدف سياسي وليس رياضي، وبالتالي هناك خرق خطير لميثاق الاتحادين القاري والدولي للعبة.
ياللعار حين يزج بفريق عريق في هذه الكوميديا السخيفة. إنكم تنفخون في قرب مثقوبة وتتوهمون أنكم ستقبضون على الشمس... أنى لكم ذلك، شمس الحقيقة بعيدة عن منالكم ولايحجبها غربال مثقوب...