مصطفى الطوسة يكتب: حين يصبح النظام الجزائري مجبرا على الاختيار

مصطفى الطوسة

في 10/11/2025 على الساعة 21:50

مقال رأيتواجه الجزائر اليوم ضغوطا قوية وغير مسبوقة. فالنظام مجبر على الاختيار بين أمرين اثنين: إما الانخراط في دينامية النظام السياسي الدولي الجديد بشأن الصحراء والتزامه بتطبيقه، أو اتباع سياسة الأرض المحروقة والهروب إلى الأمام. في كلتا الحالتين، ستكون الفاتورة السياسية حتمية.

بغض النظر عن مواقف النظام الجزائري المتعجرفة، وتصريحاته الجوفاء، وإنكاره القاطع للنصر الدبلوماسي المغربي الأخير في الأمم المتحدة، فإن الواقع العنيد ينتهي به الأمر في نهاية المطاف بتحطيم هلوساته. تواجه الجزائر اليوم ضغوطا قوية وغير مسبوقة. فالنظام مجبر على الاختيار بين أمرين اثنين: إما الانخراط في دينامية النظام السياسي الدولي الجديد بشأن الصحراء والتزامه بتطبيقه، أو اتباع سياسة الأرض المحروقة والهروب إلى الأمام. في كلتا الحالتين، ستكون الفاتورة السياسية حتمية.

بالنسبة لنظام عسكري-سياسي كرس كل طاقاته وموارده لهذه المغامرة الانفصالية، مبددا ثروات الشعب الجزائري على هذا الهوس، يرى كيف أن المجتمع الدولي يعترف اعترافا لا لبس فيه بسيادة المغرب على صحرائه، فإن ذلك يشبه صدمة حرارية، من شأنها أن تشل وظائفه الحيوية.

لقد جعلت الجزائر من جبهة البوليساريو القلب النابض لاستراتيجيتها، وجوهر دبلوماسيتها، بل لعلاقاتها الخارجية بأكملها. يكفي أن نلاحظ أنه مع تقدم المغرب في استراتيجيته الإقناعية الراسخة بشأن مزايا مخطط الحكم الذاتي، ضاعف النظام الجزائري الأزمات السياسية مع العواصم التي انحازت إلى الموقف المغربي.

ورغم هذا التشابك الصارخ بين الإنجازات المغربية والتوترات الدبلوماسية الجزائرية، وجدت شخصيات سياسية في الجزائر تنكر بوقاحة أن تكون طرفا رئيسيا في هذا النزاع، وترفض المشاركة في الموائد المستديرة التي ترعاها الأمم المتحدة. وهكذا جعلت الجزائر من نفسها أضحوكة على الساحة الدولية، معبئة كل مواردها لفرض الأطروحة الانفصالية، مدعية في الوقت نفسه أن هذه الأزمة الإقليمية لا تعنيها، وأنها مجرد مراقب فقط. لكن هذا الموقف ارتد عليها، وسقطت الأقنعة.

اليوم، انكشفت هذه الكذبة وهذا الإنكار. لم يعد بإمكان النظام الجزائري إخفاء مسؤوليته في اختلاق هذه الأزمة وإدامتها. لولا التدخل الجزائري، لعاد الصحراويون في مخيمات تندوف منذ زمن طويل إلى المغرب، ولحل هذا الخلاف الإقليمي.

لم يعد أحد ينخدع بهذه الخديعة. يشير المجتمع الدولي بأسره الآن إلى مسؤولية الجزائر. عندما تفكر الإدارة الأمريكية في الوساطة في منطقة المغرب الكبير لتخفيف التوترات وضمان الاستقرار، تركز على محور الرباط-الجزائر. وفضلا عن ذلك، حدد ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، مهلة ستين يوما للتوصل إلى «اتفاق سلام» بين البلدين. لا شك أن الهدف، في أذهان الأمريكيين، ليس إنهاء حرب غير قائمة، بالمعنى التقليدي، بين الجارتين، بل تمهيد الطريق لمصالحة تسمح باستئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح الحدود. بالنسبة لواشنطن، هذان الهدفان هما بلا شك الأفق المنشود.

من المرجح جدا أن التوترات داخل النظام الجزائري بلغت اليوم ذروتها. في ظل هذا الضغط الدولي، لا يمكن للنظام الحفاظ على واجهة متناغمة وموحدة. فهو تتجاذبه في الوقت الحالي قوتان متعارضتان: فمن جهة، أولئك الذين يدركون استحالة تحقيق مغامرة البوليساريو الانفصالية، ومن جهة أخرى، أولئك الذين يتمسكون بالمنطق الانتحاري المتمثل في دعم هذه الحركة بشكل أعمى.

وقت الحقيقة بالنسبة للنظام الجزائري أصبح قريبا أكثر من أي وقت مضى. يتعين عليه أن يتخذ خيارات ويقدم إجابات ملموسة لاثنين على الأقل من الشخصيات المكلفة بتنفيذ القرار 2797. وذلك من أجل تحقيق هدف واضح: الحد من التوتر في شمال إفريقيا وتجنب شبح الشلل، أو حتى المواجهة العسكرية.

الشخصية الأولى هي ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، والمكلف بموجب قرار الأمم المتحدة بالتواصل مع جميع الأطراف وتقييم مدى استعدادها لتطبيق روحه، والتي يتمثل هدفها النهائي، أي مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. إن تأكيد دي ميستورا بشكل صريح أن الجزائر ترفض تطبيق قرار الأمم المتحدة سيكون له بلا شك تأثير كبير على نظرة المجتمع الدولي للنظام.

أما الشخصية الثانية فهي ستيف ويتكوف، المسؤول عن الوساطة الأمريكية بين الرباط والجزائر. وقد مد المغرب، من خلال الملك محمد السادس، يده مرة أخرى للجزائر، داعيا القيادة الجزائرية إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى تسوية. في المقابل، التزم الرئيس عبد المجيد تبون الصمت. وحده وزير خارجيته، أحمد عطاف، غرق في تفسيرات سريالية لنص القرار. ومن شأن استنتاج إدارة ترامب أن النظام الجزائري يرفض «السلام» مع المغرب، أو حتى يعمل على عرقلة عملية المصالحة، أن يزيد من تشدد موقفها حيال سلطة تعمل على عرقلة الدينامية الدولية لصالح السلام والاستقرار الإقليميين.

تحرير من طرف مصطفى الطوسة
في 10/11/2025 على الساعة 21:50