ليست هذه هي المرة الأولى التي واجه فيها الاتحاد الاشتراكي تحدي الانشقاق، فالتنظيم الاتحادي نفسه هو ثمرة ظاهرة الانشقاق السياسي، لما تم إعلان انشقاق الحركة الاتحادية عن حزب الاستقلال سنة 1958.
ظاهرة الانشقاقات الحزبية ليست جديدة على الحقل السياسي المغربي، إنما تعود إلى البدايات الأولى لسنوات الاستقلال، ففي نهاية خمسينيات القرن الماضي، انشق عن حزب الاستقلال، الذي كان نواة الحركة الوطنية المغربية، حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي انشق عنه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي شهد بدوره انشقاقا سنة 1981 بخروج ما عرف بـ"رفاق الشهداء" في اللجنة الإدارية التي انفصلت عن المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، لتشكل في ماي 1983 حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.
ويبدو أن تاريخ الاتحاد الاشتراكي ظل مرتبطا بالانشقاقات داخله، فسنة 2001 سيخرج من داخل مؤتمره السادس حزب المؤتمر الوطني الاتحادي أو ما سمي آنداك بمجموعة النقابي نوبير الأموي، في السنة نفسها سيخرج من الاتحاد الاشتراكي تيار آخر سمي بتيار الوفاء للديمقراطية والذي سيندمج سنة 2002 مع حزب الاشتراكي الموحد.
آخر الانشقاقات خروج الحزب العمالي من رحم الاتحاد الاشتراكي سنة 2006، حزب عبد الكريم بنعتيق، الذي يبدو أنه قرر الرجوع إلى بيته الاتحادي، بعد توقيعه سنة 2013 رفقة وعبد المجيد بوزوبع الأمين العام للحزب الاشتراكي وثيقة الاندماج أطلق عليها "بيان من أجل الوحدة" للم شمل العائلة الاتحادية.
ولم تختص ظاهرة الانشقاق الحزبي فقط بالأحزاب اليسارية المغربية. فحتى الأحزاب المسماة إدارية شهدت بدورها انشقاقات، إذ انشق حزب الإصلاح والتنمية، ومن قبله الحزب الوطني الديمقراطي، عن حزب التجمع الوطني للأحرار.
تيار "الزايدي" هل يكون الانشقاق الأخير؟
هناك من يرى أن الحزب الذي يستعد "تيار الانفتاح والديمقراطية" لتأسيسه، لن يخرج عن جبة الاتحاد الاشتراكي وارثه ما يجعله نسخة أخرى لن تضيف أي شيء للمشهد السياسي المغربي، بدليل أن الحزب العمالي والحزب الاشتراكي المنشقان عن الاتحاد قررا الرجوع إلى حزب "الوردة".
قد يسقط المنشقون عن حزب "الوردة" في خلق حزب هو نسخة عن البقية في بلد يعرف 34 حزبا، رغم أن قياديي تيار الراحل "الزايدي" يؤكدون في خرجاتهم الاعلامية على أنهم منكبون تحيين المشروع الاشتراكي الديمقراطي باعتماد منهجية شمولية للإصلاح يتم الربط فيها بين السياسي والاقتصادي والاجتماعي.