نعم السيد الرئيس على الشعب المغلوب على أمره أن يصبر، رغم أن مداخيل الجزائر من المحروقات تفوق خمسين مليار دولار نهاية 2022، عليهم أن يصبروا، لأن الجزائر لا تزال تستورد السلع والخدمات، والتي تحمل معها معدلات تضخم تقدر بـ12%، كما أن الاقتصاد الجزائري لايزال غير منتج في ظل غياب استثمارات محلية أو خارجية، كما أن صندوق النقد الدولي أكد على أن وتيرة التضخم في الجزائر تتسارع، مما يشكل مصدر قلق كبير على مستقبل الجزائر..!!
نعم ليصبروا، لأن اقتصاد الجزائر يعاني من تبعية مفرطة لإيرادات النفط والغاز، إذ تمثل نحو 90% من مداخيل البلاد من النقد الأجنبي، وذلك وفق بيانات حكومية رسمية نتيجة فشل صناع القرار العسكري في تنويع الاقتصاد، مما فاقم مشاكل الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة وكذلك القيود المفروضة على الاستثمار المحلي والأجنبي، مما أدى إلى عطالة ثلث الشباب الجزائري.
لقد سبق لمدير شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ريكاردو فابياني أن صرح: "الاتجاه الاقتصادي سلبي للغاية، هناك أزمة سيولة في البنوك والشركات المحلية. و في قطاع البناء، وهو أكبر قطاع بعد النفط، كان هناك عدد قياسي من حالات الإفلاس، يمكن أن تتجه بالبلاد نحو كارثة اقتصادية ذات تكلفة اجتماعية باهضة".
إن أزمة الاقتصاد الجزائري بنيوية ومؤسساتية بحيث أن الطفرة النفطية لم تصلح الاقتصاد ولم تساعد غالبية الجزائريين على تحسين أوضاعهم المعيشية.
لقد ذكر تقرير لمعهد الدراسات الأمنية حول التنمية في أفق عام 2040، أن تصاعد التوترات الاجتماعية بالجزائر هو انعكاس لمنظومة غير قابلة للحياة، لكنها تتشبت بالبقاء في هذا البلد النفطي، وأوضح التقرير الذي يحمل عنوان: "ركود أونمو" مسار التنمية بالجزائر في أفق العام 2040، وهو من تحرير" شيلاكواسي وجاكي سيليرز"، أنه "بالنسبة للكثيرين فإن عدم اليقين السياسي وتصاعد التوترات الاجتماعية تعكس منظومة سياسية واجتماعية غير قابلة للحياة،لكنها تتشبت بالبقاء".
وبعد أن ذكر بالأزمات الاقتصادية والسياسية المستفحلة وكذا بإخلاف الوعود بإجراء إصلاحات أدت إلى سقوط نظام عبد العزيز بوتفليقة بعد عشرين سنة من الحكم لاحظ التقرير أن هذا" الوضع أصبح أزليا". ولقد وجه التقرير أصابع الاتهام إلى منظومة همشت فئات عريضة من الساكنة محذرا الجزائر من خطة الركود، في حالة عدم إجراء إصلاحات شاملة في جميع القطاعات".
إن السياسات العامة تبنى على دراسات وأفكار مبدعة ورؤى استشرافية ترسم خارطة طريق للأجيال المقبلة... لقد صفقنا للأشقاء حين أعلنوا أنهم سيحققون الريادة في صناعة السيارات على الصعيد الإقليمي والقاري، لكن في نهاية المطاف أصبح هذا القطاع متهالكا، أقبره سوء التدبير، وسوء القصد حيث أنه توجه لتحطيم اقتصاد الأشقاء في المغرب، ولعل ذلك التصريح الذي أدلى به عبد المالك سلال في المحكمة،ستدرسه جامعات العالم في كيفية التخطيط والإبداع في السياسات العامة للشعوب حينما قال: منذ 2014 حتى 2019 صرفنا أكثر من 34 مليار دينار لتدمير صناعة السيارات في المغرب ولكنا فشلنا"...!!
نعم ليصبر الأشقاء، رغم أن حجم الأموال المنهوبة فاق مئتي مليار دولار، والفساد ضرب أطنابه، حيث استقبل سجن الحراش، العديد من رجال الأعمال الفاسدين والمسؤولين السياسيين من "الوزن الثقيل" من بينهم الوزيران الأولان السابقان عبد المالك سلال وأحمد أويحيى والقائمة تطول... وتطول...
رجال الأعمال الموقوفين، كانوا يعملون تحت غطاء سياسي فاسد، سهل توسيع نشاطاتهم مقابل تلقي تحفيزات ورشاوي وعمولات، مثلما صرح الخبير الاقتصادي الجزائري عبد الحميد علوان في إحدى تصريحاته.
وليصبر الأشقاء، لأنه ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع الأسعار، فإن الجنرالات الماسكين الفعليين بمقاليد السلطة والحكم،سائرون في طريق التسلح، غير مكترثين بأوضاع الجزائريين ومعاناتهم اليومية. لقد أظهر مشروع قانون المالية حجم الإنفاق الذي تقوم به الجزائر على التسليح العسكري في عام 2023، حيث رفعت الميزانية الخاصة بالمنظومة الدفاعية إلى أكثر من الضعف عما كانت عليه في ميزانية 2022 لتصل إلى أكثر من 22 مليار دولار.
وليصبروا، رغم سرقة مافيا الجنرالات لأموال الشعب وتكديسها في أبناك الخارج، بينما الشعب يعيش في قهر وغبن وعطالة،حتى بات الأشقاء يلقبون بشعب المليون طابور، وهذه حقيقة وليست مثل أكذوبة مليون ونصف مليون شهيد التي كذبها أحد أبناء الشهداء في البرلمان الجزائري على الهواء مباشرة وأمام العالم وهو الجزائري نور الدين آيت حمودة نجل الشهيد عميروش.
وليصبر خاوتنا، رغم أن "السلطة تقف ضد كل المبادرات، لأن هناك جهاز قمعي جاهز لاستخدام كل الوسائل لمنع التغيير" كما يؤكد على ذلك كريم ذابو أحد الوجوه البارزة في الحراك، وبالنسبة لسجين الرأي السابق هذا فالحراك هو "أكبر حزب سياسي في الجزائر" الذي استطاع أن يهيأ الظروف للتعايش والعمل المشترك لجميع التيارات الناشطة من أجل التغيير.
وليصبر معذبو الأرض، فالبشائر قادمة، لقد نادى المنادي، وهو بالمناسبة مسؤول حكومي كبير، أن البلد في طور الانتقال من الاقتصاد المبني على المعرفة، إلى الاقتصاد القائم على الذكاء، فقد أعلنت وهللت وزارة التجارة الجزائرية، في بيان لها، عن تسجيل ارتفاع في حجم الصادرات خارج قطاع المحروقات بالنسبة للثلاثي الأول من سنة 2021، وأن أغلب هذه الصادرات التي جاءت في إطار تنويع الدخل، هي عبارة عن أرجل الدجاج ولحوم القطط والكلاب، هكذا أصبحت أرجل الدجاج ثروة قومية تشكل بديلا عن عائدات النفط والغاز بالنسبة للقوة الضاربة، وميزة هذا المنتوج أن أرجل الدجاج تكون طازجة،كما صرح بذلك وزير التجارة كمال رزيق حين أشرف على إطلاق عملية التصدير بشركة "أفروبروسس" لأرجل الدجاج بولاية المدية شمال البلاد، كما صرح أن بلاده أصبحت تحتل الريادة في تصدير هذا المنتوج على حد قوله، مما سيساهم في جلب العملة الصعبة للبلاد... ولأن الإبداع لاحدود له، نجد أن الشعب الجزائري الشقيق ينظر بتهكم وتندر ومرارة لنوعية الاسثتمارات القادمة بحلول السنة القادمة،تنسيهم مرارة العيش جراء تبذير ثرواتهم التي ذهبت جراء الوهم أدراج الرياح... ربما التفكير مستقبلا في الرفع من حجم هذه الثروة مثل الرفع من حجم ووزن أرجل الدجاج للزيادة في حجم العملة الصعبة الوافدة.
وليصبروا، مادام أن القوة الضاربة تتهيأ للدخول إلى كتاب "غينيس" نظرا لقدرتها،وهذا مايسجله التاريخ لهم، على إعادة إحياء طوابير الفقراء التي انقرضت بعد الحرب العالمية الثانية، لأنه وبعد طوابير الحليب والزيت والدقيق والماء..هناك طوابير البطاطا التي تفاعلت معها وكالة الأنباء الجزائرية وكتبت في تقريرها"إنشاء أول نقطة للبيع المباشر للبطاطا المسوقة".
نعم ليصبروا، لأن من شأن هذه المشاريع العملاقة، أن تساهم في خلق الثروة، وأن تخرص أفواه المحتجين، وتساهم في الرفع من شراء سلاح الخردة وإنعاش ديبلوماسية الأظرفة... إذاً ماعليكم إلا أن تصبروا....