من هو العدو الذي يريد النظام الجزائري ترهيبه بجيش من البهلوانيين؟

الاستعراضات البهلوانية للجيش الجزائري . DR

في 12/08/2022 على الساعة 19:00

بعد شهر من الاستعراض العسكري الذي نظمه الجيش الجزائري بمناسبة الذكرى الستين لاستقلال البلاد، تعود الآلة الدعاية المحلية إلى تمجيده من جديد. بدورها، نشرت المجلة الناطقة باسم أركان الجيش الجزائري، مجلة "الجيش"، صورا مثيرة لجيش من البهلوانيين.

لو كان لدى "صحفيي" المجلة الشهرية للجيش الجزائري، مجلة "الجيش"، أدنى قدر من الاحترافية، لكان عليهم أن يظهروا نوعا من السرعة، نظرا للضجيج الكبير الذي صاحب الاستعراض العسكري في 5 يوليوز، وإصدار عدد "خاص" للمجلة مخصص حصريا لهذا الحدث. خاصة وأن الآلة الدعاية المحلية كالت المديح لهذا الاستعراض ووصفته بأنه "فخم" و"مثير للإعجاب" بسبب تنظيمه "الصارم" وإنجازه "المثالي".

وعلى الرغم من تخصيص أكثر من شهر لإعداد عدد غشت من مجلة "الجيش" المخصص لهذا الاستعراض العسكري، والذي يتضمن مقالات ظهرت بالفعل في وسائل الإعلام الرسمية منذ عدة أسابيع، فإن العدد قدم مادة إعلامية باهتة على غرار الاستعراض العسكري الذي من المفترض أن يمجده.

وهكذا، فإن الصور العديدة التي زينت بها مجلة "الجيش" في عددها الأخير تظهر جيشا من البهلوانيين الذين يسعون جاهدين لمضاهاة فنون السيرك. من خلال صورة الجنود نصف عراة، الذين ينخرطون في قتال بالأيدي أو قوات كوماندوز وجوههم مرعبة، يستعرض النظام الجزائري جيشا يعود إلى القرن الماضي. جيش تواصله عفا عليه الزمن على غرار أجهزته غير القادرة على التعامل مع مواجهات اليوم التي تتطلب تقنيات متقدمة واستخدام استراتيجية هجينة.

ربما أرادت الطغمة العسكرية إظهار وجهها القبيح وغريزته القمعية. وتذكرنا بلهوانيات الجنود الذين يلعبون بالنار بعمليات إشعال الحرائق الفظيعة التي وقعت العام الماضي في منطقة القبايل واغتيالات أخرى مشبوهة لمناضلي الحراك التي رافقت تلك الحرائق...

من الذي يريد الجيش الجزائري تخويفه؟ من يريد أن يرهب اللهم الشعب الجزائري؟ على أي حال، النظام الجزائري فخور جدا بهذه الصور الدعائية التي من شأنها إخافة العدو (الجزائري) والتي تقدم على أنها تشكل أسلحة ردع.

تحت العنوان الرئيسي في صفحتها الأولى "استعراض عسكري تاريخي، الجيش الوطني الشعبي فخر الأمة"، كتبت "الجيش" في افتتاحيتها، تحت عنوان "جيشنا، فخرنا"، أن "النجاح الباهر للاستعراض العسكري الضخم والمبهر... هو في المقام الأول رسالة طمأنة للشعب الجزائري وأخرى إلى الخارج مفادها أن العتاد المتطور الذي يمتلكه جيشنا، إنما هو موجه حصرا للدفاع عن الوطن".

رسالة طمأنة للشعب الجزائري؟ وللإجابة على السؤال، تناول عمود "التعليقات" في العدد نفسه من مجلة "الجيش"، بعنوان "رسائل الاستعراض"، حرفيا ما كتب في الافتتاحية المذكورة أعلاه، مضيفا أن "إحدى أهم رسائل هذا الاستعراض هو التماسك التام بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية". ومع ذلك، فإن هذا التواطؤ المافيوي بالتحديد هو الذي استمر لمدة 60 عاما داخل السلطة السياسية-العسكرية الذي يندد به الشعب الجزائري بشدة. هذا الأخير قاطع هذا الاستعراض العسكري، الذي تم القيام به في سرية تامة تقريبا أمام أنظار أفراد السلطة السياسية-العسكرية، بحضور حفنة من المتفرجين والضيوف الأجانب النادرين الذين وافقوا على الحضور.

لكن بالإضافة إلى هذه الرغبة الواضحة في الترهيب التي نقلتها هذه الصور، فاجأت مجلة "الجيش" أيضا. فمن خلال التطرق إلى احتفالات 4 غشت 2022 المتعلقة باليوم الوطني الجديد للجيش الوطني الجزائري، تحدثت المجلة العسكرية عن الأوسمة والتكريمات التي وزعها الرئيس عبد المجيد تبون، لكنها لم تشر ولو مرة واحدة للتكريم المفاجئ الذي قدم لجلادي العشرية السوداء، أي للجنرالين المتقاعدين، خالد نزار ومحمد مدين المعروف باسم توفيق.

كما أن هذه هي المرة الأولى التي لا تتضمن فيها مجلة "الجيش" الملف المعتاد المخصص لحرب البوليساريو الوهمية ضد المغرب. لم تستخدم المجلة سوى مؤطر يتعلق بحضور إبراهيم غالي في الاستعراض العسكري والذي كان الغرض منه فقط تكرار الأسطوانة المشروخة حول الدعم الجزائري لـ"القضايا العادلة" وغيرها من الخزعبلات. وهذا لم يمنع المجلة الناطقة باسم الجيش الجزائري من إيجاد زاوية للتهجم على المغرب الذي وصف بـ"مصدر كل السموم" والمتهم بتنفيذ "سياسة تهدف إلى إغراق الجزائر بالمخدرات التي تهدد الآن الأمن والاستقرار الوطنيين وتستهدف فئة حساسة وهامة من المجتمع".

إن صور جيش البهلوانيين تعكس بكل تأكيد نظاما عسكريا-سياسيا يعيش خارج زمانه، راض جدا بإنجازاته، لكنها لا تسمح له بأن يرى بأنه أصبح أضحوكة العالم.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 12/08/2022 على الساعة 19:00