تقرير خليق بأن يكون أفضل الكتب مبيعا لمارك مانسون، حتى لا نقول بدان براون أو خوسي رودريغيز دوس سانتوس... قراءة سهلة وممتعة وقصة، على الرغم من التقلبات، لها خيط رابط محبك. يحق للقارئ المبتدئ أن يشعر بأنه أذكى وأكثر معرفة بوضعية المغرب بعد الاطلاع على 143 صفحة من هذه الوثيقة التي يسهل قراءتها.
وفضلا عن ذلك، فإن توقيت صدوره مثالي: نحن عشية عيد العرش، العيد الوطني الذي يحتفل به كل المغرب يوم 30 يوليوز. بالنسبة لهذه المنظمة غير الحكومية المهتمة بحقوق الإنسان وهي هيومن رايتس ووتش أصبح نشر تقارير عن المغرب في مثل هذه المناسبات تقليدا حقيقيا.
من حيث المضمون، هي قراءة تبدو وكأنها رواية تقرأ في فصل الصيف، وبالتالي يجب أن تكون الخفة من سماتها الرئيسية. وهذه الخفة هي ما يميز تقرير هيومن رايتس ووتش الأخير عن المغرب تحت عنوان "بشكل أو بآخر سينالون من: دليل التقنيات القمعية في المغرب"، الذي نشر يوم الخميس 28 يوليوز 2022. دعونا نتفق أيضا على حقيقة أن هذا العنوان هو، من الناحية التقنية، هو عنوان ناجح.
وفقا لمعدي التقرير، فإن الوثيقة عبارة عن تجميع لـ"سلسلة من التقنيات التي، عند استخدامها مجتمعة، تشكل نظاما للقمع لا يهدف فقط إلى إسكات الأصوات المنتقدة، ولكن أيضا لإخافة جميع المنتقدين المحتملين للدولة". كل مكونات رواية بوليسية ناجحة نجدها مجتمعة في هذا التقرير: محاكمات غير عادلة وتهم جنائية لا علاقة لها بعمل أو المناصب السياسية للأفراد المستهدفين وحملات التحرش والتشهير في وسائل الإعلام الموالية للدولة واستهداف أفراد عائلات المعارضين والمراقبة بالفيديو والرقمية والاعتداءات الجسدية... وشرطة تغمض عينيها... بعبارة أخرى، الوثيقة تدعونا إلى رؤية عالم غير أنه عالم خيالي، في الوقت الذي تدعي هذه المنظمة غير الحكومية الأمريكية أنه جاد وذي مصداقية ومبني على وقائع، لعرض الطريقة التي، حسب رأيهم، "طورت السلطات المغربية دليلا كاملا لتقنيات تكميم أفواه المعارضين".
تم العثور على الصيغة. هناك إجمالي ثماني شخصيات، وهي دائما نفس الشخصيات تتكرر (هشام المنصوري وفؤاد عبد المومني وهاجر الريسوني والمعطي منجب ومحمد زيان وتوفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي). وتم تقديمهم على أنهم ليسوا مجرد مواطنين نموذجيين وصحافيين صادقين ونشطاء متحمسين في مجال حقوق الإنسان، ولكن أيضا، وقبل كل شيء، ضحايا آلة قمعية لا تضاهى. ولكن الغريب هو أن روايتهم الوحيدة للوقائع مأخوذة كشهادة في وثيقة تعتبر وكأنها كتاب مقدس. في المقابل، يتم تقديم نظام كامل مشكل من ذئاب شريرة، بمساعدة وسائل إعلام تابعة (بما في ذلك Le360، لكننا سنعود إلى هذا الأمر لاحقا). كل شيء هنا معد للإرضاء. لكن هل هذا كاف للإقناع؟ الشك هنا مسموح به.
لنكن جديين، إذا كان التقرير يتميز بسرده وتخلله شهادات تقدم بطريقة دراماتيكية، فإنه بالمقابل يخطئ عندما يفرط في إعطاء المصداقية لرواية فاعلين يعتبرون أنفسهم هدفا لانتهاكات حقوق الإنسان. الوثيقة لا تكتفي بنشر روايتهم كما هي فحسب، بل تضفي عليها المصداقية باعتبارها "قصة حقيقية". ولكن، حتى لو شك ديكارت، ماذا يمكننا أن نقول عندما "تعرف" هيومن رايتس ووتش؟
يكفي مقتطف من التقرير لتفكيك محتواه. نقرأ فيه ما يلي: "يوم 14 يوليوز 2014، يحكي منجب، كان شخص غريب يسير خلفه في أحد شوارع الرباط، أمسكه من كتفه وقال له: "فمك ينتن وبالتالي عليك أن تغلقه". في 22 شتنبر 2014، اقترب منه شخص غريب آخر في أحد شوارع الرباط وقال له: "إذا لم تصمت، فسوف يتكفل بك داعش"، قبل أن يبتعد بسرعة". نعترف بأنه كل هذا مجرد سيناريو سينمائي. في الروايات، مثل هذه الأمور تعمل بشكل جيد، ولكن ليس في "تقرير" يهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان، والذي يجب بالتالي أن يتحرى الدقة في نقل الوقائع والتحقق من الروايات، وإلا فالتقرير بأكمله سيكون آيلا للسقوط والانهيار.
ما هي إذاً الأدلة التي تؤكد صحة رواية منجب؟ معدو التقرير لا يقدمون أي شيء من ذلك، بل الأدهى من ذلك لا يكلفون أنفسهم البحث عنها. والنتيجة المنطقية: إن مشروع إدانة وضعية حقوق الإنسان في المغرب يصبح مشروع الإفراط والتجاوز وعدم التمييز، وهو مشروع يتم تبنيه والدفاع عنه، ولكنه ينساق مع السهولة في وصف هذه الوضعية من وجهة نظر واحدة، وهي وجهة نظر الأشخاص "الأصدقاء"، الذين يزعمون بأنهم مضطهدون ومطاردون.
هل تريدون المزيد؟ هناك أيضا، في هذه الوثيقة، متابعة توفيق بوعشرين في قضايا متعددة تتعلق بالاغتصاب والاعتداءات الجنسية، والتي استندت في جزء منها على عدة تسجيلات فيديو، تظهر هذا المدير لوسيلة إعلامية في مواقف جنسية صريحة إلى حد ما مع العديد من النساء، في مكتبه في الدار البيضاء.
وقالت الشرطة إنها عثرت على كاميرتين في مكتب بوعشرين وأكدت أنه سجل مقاطع الفيديو بنفسه. "نفى بوعشرين أن تكون الكاميرات ملكه أو أنه قام بتركيبها. وأكد أن أشخاصا مجهولين قاموا، دون علمه، بوضع الكاميرات في مكتبه. وقام ضباط الشرطة يوم اعتقاله بحجزها"، بحسب ما ورد في التقرير. لكن جملة لاحقة، هي أن نفس التقرير الذي يزعم أن بوعشرين لم يرهم يفعلون ذلك، "لأنه، في ذلك الوقت، كان محتجزا في مكتب آخر، في مقر الجريدة". ألا يوجد تناقض صارخ بين الرواية و"الوقائع"؟
توصيات "على المقاس"
أما بخصوص التوصيات، فإن هيومن رايتس ووتش، بسبب عدم قدرتها على تغيير العالم، تريد تغيير المغرب. كل مؤسساته وقواه الحية وحتى وسائل الإعلام "الموالية للمخزن" تمت مهاجمتها نعنف. هيومان رايتس ووتش تريد سلطة تنفيذية وبرلمانية وقضائية "على المقاس". تريد المنظمة غير الحكومية أن تنهي السلطات "الاستخدام الممنهج لسلسلة من الممارسات التي تهدف إلى ترهيب وتكميم أفواه المعارضين، مع إخفاء حقيقة أن الأمر يتعلق بالانتقام من تصريحاتهم أو أنشطتهم كمعارضين"، وذلك على الرقم من أن هذه المنظمة لم تقدم دليلا واحدا على وجود تلك الممارسات.
تريد هيومن رايتس ووتش أيضا تعديل المادة 191 من القانون الجنائي، التي ينص على أنه "يؤاخذ بجريمة المس بسلامة الدولة الخارجية كل ما باشر اتصالات مع عملاء سلطة أجنبية، إذا كان الغرض منها أو ترتب عنها إضرار بالوضع العسكري أو الديبلوماسي للمغرب".
كما تطالب هيومن رايتس ووتش البرلمان المغربي بجعل المملكة نزلا إسبانيا حيث يمكن للجميع القدوم والذهاب كما يحلو لهم، حتى التجسس مع ضمان عدم المضايقة، وفوق ذلك، الحصول على ترخيص بعدم المس بجميع المناورات التي تهدف إلى الإضرار بالجيش المغربي ومؤسسات المملكة الأخرى.
وتدعو هيومن رايتس ووتش إلى إلغاء أو تعديل المادة 206 من القانون الجنائي، التي تمنع "المس بالسلامة الداخلية للدولة عبر تسلم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من شخص أو جماعة أجنبية، بأي صورة من الصور هبات أو هدايا أو قروضا أو أي فوائد أخرى مخصصة أو مستخدمة كليا أو جزئيا لتسيير أو تمويل نشاط أو دعاية من شأنها المساس بوحدة المملكة المغربية أو سيادتها أو استقلالها أو زعزعة ولاء المواطنين للدولة المغربية ولمؤسسات الشعب المغربي". إذا اتبعنا منطق معدي هذا التقرير، لن يحتاج المرتزقة بعد الآن إلى إخفاء المبالغ المستلمة من أجل "المس بالأمن الداخلي للدولة".
لنأخذ أيضا المقتضى المتعلق بأهانة مسؤول في الدولة أثناء ممارسته لوظائفه (المادة 263 من القانون الجنائي والمادة 72 من قانون الصحافة). تقدم هيومن رايتس ووتش هذه التوصية: "يجب على المشرع إما إلغاء هذه الجريمة أو إعادة تعريفها". باختصار، تطالب المنظمة غير الحكومية بإعادة كتابة القانون الجنائي وتعريض مسؤولي الدولة للعنف والاعتداءات دون أن يحميهم القانون. والأمثلة على هذا النوع من المطالب عديدة، وهي تدل على الطابع غير الواقعي والخطير لطبيعة النظام الذي يرغب واضعوا هذا التقرير في رؤيته يمارس في بلدنا.
وتزعم هيومن رايتس ووتش أن المحاكم المغربية "متواطئة في هذه الانتهاكات من خلال انتهاك حقوق المحاكمة العادلة للمتهمين الذين يتعرضون للقمع ومن خلال إصدار الأحكام عليهم بعد محاكمات غير عادلة". لنترك إذا هذا الجانب، لأنه لا يوجد شيء للإصلاح وتوصيات هيومن رايتس ووتش في هذا الجانب تقتصر على الشعارات السطحية والمقترحات غير الواقعية.
في أطروحتهم، يهتم معدو التقرير بشكل كبير بوسائل الإعلام. Le360 مذكور على نطاق واسع في هذا التقرير وخصص له فصل كامل، يوصف أحيانا بأنه "موقع مقرب من المخزن" وأحيانا أخرى بأنه "موقع قذف". من الذي قمنا التشهير به؟ لا يخبرنا تقرير هيومن رايتس ووتش بذلك ولا يقدم حتى الدلائل على هذه الأوصاف المهنية لصحفيين مهنيين يقومون بإخبار القراء بمعلومات تهمهم والتي تم التحقق من صدقيتها. المثال الوحيد الذي استشهد به معدو التقرير هو: "أحد الأهداف المتكررة لموقع Le360 هو الأمير مولاي هشام، ابن عم الملك محمد السادس الذي يعتبر فردا "متمردا" من العائلة الملكية بسبب انتقاداته المتكررة لتدبير الشؤون العامة من قبل الملك ودعوات الأمير للانفتاح الديمقراطي في المغرب وخارجه. يكشف البحث عن عبارة "مولاي هشام" في محرك بحث Le360 عن حوالي 130 مقالا عن الأمير، وكلها تصوره في صورة سيئة".
لذلك فإن مولاي هشام هو "ضحية" للتشهير من قبل Le360. نذكر فقط أن كاتب هذا المقتطف عن مولاي هشام قد قام بامتداحه والإشادة بالتزامه بـ"الانفتاح الديمقراطي في المغرب وخارجه". من في فريق هيومن رايتس ووتش استفاد من سخاء مولاي هشام؟ من هو الذي يتزلف بلا حياء إلى الأمير مولاي هشام؟ بالطبع مدير التواصل والمرافعة بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش. أحمد رضا بنشمسي، الذي من الواضح أنه يواصل خدمة أجندة أميره بتفان وخضوع منقطع النظير. هناك الكثير من الحقائق والتفاصيل والعناصر الأخرى لإظهار أن تقرير هيومن رايتس ووتش هذا يفتقر إلى الدقة والجدية. لكن الحقيقة هي أنه بغض النظر عن القيم الأساسية التي تدافع عنها المنظمة غير الحكومية والتي لا يمكننا إلا أن نشاركها، فإنها تتمتع بسلطة كبيرة، وهي سلطة تصحيح المسارات والتحذير من التجاوزات والانتهاكات. فقط لو أبانت أنها جادة... ومسؤولة!