وكشف الأكاديمي محمد بودن في تصريح لـle360، أن العوامل المشجعة بين البلدين، برزت في محتوى الرسائل المتبادلة بين الملك محمد السادس والرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، خاصة وأن العلاقات الثنائية المغربية الألمانية واحدة من أهم العلاقات بين بلد أوروبي وبلد أفريقي، لما تتمتع به من زخم وتاريخ حافل وسعة نطاق ومستقبل واعد وثقل لدى البلدين.
وعن التاريخ الذي يجمع بين البلدين، قال بودن إن هذه العلاقة تمتد منذ بداية القرن 16 بوجود فروع تجارية ألمانية في مدينة أسفي المغربية علاوة على مفاوضات إبرام اتفاقية تجارية بين المغرب ومدينة بريمن أثناء حكم السلطان العلوي مولاي سليمان، وكذا فتح ألمانيا لتمثيلية دبلوماسية بطنجة سنة 1872، وتوقيع إتفاقية تجارية بفاس سنة 1890 وفتح سفارة مغربية بألمانيا سنة 1900، وزيارة القيصر فيلهلم الثاني المعروف بغيوم الثاني لطنجة سنة 1905، كما أعيد تأسيس العلاقات بين البلدين منذ سنة 1956 بحيث استقبلت الرباط طيلة هذه المدة 18 سفيرا ألمانيا إلى غاية 2021، وبالتالي فالعلاقات بين الجانبين تمثل نموذجا لعلاقات المدى الطويل بين الدول.
وقال المتحدث ذاته « أتصور أن رسائل الملك محمد السادس والرئيس الألماني، وقبلها الإشارات البناءة الصادرة عن وزيرة الخارجية في حكومة المستشار أولاف شولتز، والترحيب الذي عبرت عنه الدبلوماسية المغربية، تمثل إطارا يتضمن عناصر جوهرية ومعيارية لشراكة جديدة بين ألمانيا صاحبة المكانة الدولية كشريك موثوق ومسؤول، والمملكة المغربية كبلد محوري في إفريقيا وشريك نزيه وواقعي له إيمان عميق بأن حقوقه السيادية ووحدته الترابية لا ينبغي أن يعتبرها أي بلد كعقبة للتعاون معه.
وشدد بودن على أن هناك أبعاد شاملة للعلاقات بين البلدين استراتيجيا، أمنيا، إقتصاديا وسياسيا، والتفسير الذي يمكن تقديمه للدينامية المثمرة بين الجانبين يتجلى في التقارب الهادئ والاهتمام المتزايد بين البلدين وأن الاتصالات جارية للبدء في ترتيب جدول أعمال العلاقات الثنائية، وكذلك في إطار الريادة الأوروبية لألمانيا، ولذلك يتبين أن الفترة السابقة أصبحت في الخلف والبلدان لديهما مصالح تمتد في أوروبا وإفريقيا، خاصة في ملفات الاقتصاد الأخضر والأزرق ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف والمساهمة بما يلزم لمعالجة أسباب الهجرة، والمغرب كرس إسمه دوليا كفاعل وكمصدر للحلول بهذا الخصوص.
وأكد المحلل السياسي نفسه، على أن العلاقات المغربية الألمانية قادرة على بناء تقارب معاصر للمنفعة المتبادلة، وما حصل من قيود على مسيرتها في ما مضى، يمكن إعتباره جزء من ديناميات السياسية الخارجية عبر العالم.
كما أوضح بودن على أن المملكة المغربية طموحة وواضحة مع شراكائها، ومن الطبيعي أن تتأثر علاقاتها بأي بلد لا يتبنى مواقف بناءة وصريحة بخصوص حقوقها السيادية على أقاليمها الجنوبية ووحدتها الترابية ودورها الإقليمي في صنع مبادرات السلام، وجهودها لمكافحة المخاطر من الجيل الجديد، والعكس صحيح، وأنه بإحترام أسبقيات وأولويات السيادة المغربية تصبح العلاقات مع أي طرف في أرفع مستوياتها، وأن كسب المغرب كصديق ملتزم وشريك هام، يتماشى مع منطق واضح ولا ينطوي على أية تعقيدات.
وأكد بودن على أن الموقف الألماني الذي عبرت عنه رسالة الرئيس الألماني التي وجهها للملك محمد السادس، تستند إلى إحترام السيادة الترابية للمملكة المغربية ودعم مبادرة الحكم الذاتي كأساس منطقي ووجيه للحل السياسي بخصوص النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية من منطلق قرارات مجلس الأمن و آخرها القرار 2602.
وختم المتحدث ذاته بالقول: «أعتقد أن دعوة الرئيس الألماني للملك لزيارة دولة، مثلت إشارة دالة على الرغبة في بعث العلاقات من جديد، فزيارة الدولة بروتوكوليا تمثل أعلى تعبير عن العلاقات الثنائية الودية بين بلدين، وكان واضحا التقدير الألماني للأجندة الاصلاحية الملكية في المغرب، وما تلتزم به من قيم وما حققته من إنجازات اقتصادية وأمنية وتنموية، بحيث أصبح المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس مفتاحا هاما في محيطه الاقليمي، وهمزة وصل محورية بين أفريقيا وأوروبا ومصدرا للمبادرات البناءة والفعالة في قضايا السلم والأمن والتنمية المستدامة ».