يواصل النظام الجزائري تلقي الضربات المتتالية دون أن يجرؤ على الرد. فقد تلقت الجزائر، التي من المقرر أن تستضيف القمة المقبلة لرؤساء الدول العربية في مارس 2022، رسالة واضحة من جامعة الدول العربية. فقد أخبرها هذه الهيئة أنها تعترف، بشكل لا لبس فيه، بمغربية الصحراء من خلال إضفاء الطابع الرسمي على خريطة العالم العربي التي تدمج الأقاليم الجنوبية في المغرب.
وهكذا وجهت جامعة الدول العربية مذكرة إلى جميع الأجهزة والمنظمات التي تعمل تحت لوائها، أوصت فيهل باعتماد خريطة موحدة في جميع الفعاليات التي تنظمها، مرفقة بخريطة الدول العربية بما في ذلك الخريطة الكاملة للمملكة المغربية. وطالبت جامعة الدول العربية باحترام هذه المذكرة احتراما تاما.
وفضلا عن ذلك، في يوم الأحد 26 دجنبر، كان أول اختبار للنظام الجزائري لمعرفة ما إذا كان سيمتثل للتوصية الجديدة للجامعة العربية، والموجهة له بشكل خاص.
وبالفعل، فإنه تم يومه الاحد بالجزائر العاصمة افتتاح أعمال المؤتمر الثامن عشر لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي العرب (26-28 دجنبر)، وهو اجتماع خبراء ووزراء نظم بالشراكة مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
الطغمة العسكرية، التي تكن حقدا دفينا للمغرب وتحشد كل دبلوماسيتها ومواردها المالية الهائلة لغرض وحيد هو المس بالوحدة الترابية للمملكة، لم يكن أمامها إلا الامتثال لأوامر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
خاصة وأن هذه الطغمة تسعى بأي ثمن إلى تفادي إذلال التأجيل أو نقص التمثيلية الديبلوماسية في القمة الاستثنائية لجامعة الدول العربية التي تريد تنظيمها في الجزائر العاصمة، على أمل استعادة بريق دبلوماسية فاشلة وتوظيف تلك القمة العربية كشعار للاستهلاك الداخلي.
والدليل على الحرج الشديد الذي يوجد فيه النظام الجزائري إزاء تحذير جامعة الدول العربية هو أن وسائل الإعلام الجزائرية لم تعلق على قرار هذه المؤسسة.
هذا السكوت المطبق هو مؤشر على القلق العميق. خاصة وأن قرار جامعة الدول العربية يأتي تماشيا مع قرار مجلس التعاون الخليجي الذي وجه، في ختام قمته الأخيرة التي عقدت يوم الثلاثاء 14 دجنبر 2021، رسالة شديدة اللهجة للنظام الجزائري. فقد أيد مجلس التعاون الخليجي بشكل لا لبس فيه، في بيانه الختامي، مغربية الصحراء وضرورة الحفاظ على أمن المغرب واستقراره ووحدة أراضيه.
ويذكر أن الاجتماع الأخير لوزراء الإسكان العرب، الذي عقد في عمان بالأردن يوم 21 دجنبر، أكد أيضا على "ضرورة احترام جغرافية الدول وسيادتها وضمان في جميع التظاهرات التي تنظمها الهيئات والاتحادات والمنظمات التابعة لمجلس وزراء الإسكان العرب لعرض خريطتهم كاملة".
هذه المواقف الحازمة المتتالية للدول العربية تشكل ضربة موجعة لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الذي وعد بأن تشكل القمة العربية المقبلة صفعة للمغرب. لقد ذهب أيضا بعيدا في التلميح إلى إنشاء جبهة في هذه القمة ضد تطبيع الدول العربية مع دولة إسرائيل، ومن الواضح أن المغرب هو المعني بهذا الأمر.
وهكذا يتلقى رئيس الدبلوماسية الجزائرية الصفعات المتوالية دون أن يصدر عنه أي رد فعل. أسوأ الأمور بالنسبة للطغمة العسكرية هو إثارة غضب الدول النافذة في جامعة الدول العربية وتعريض تنظيم القمة للخطر، أو الأسوأ من ذلك، هو تعريض نفسها للإذلال من خلال رؤية غالبية رؤساء الدول يقاطعون القمة.
النظام الجزائري مستعد لنفي حتى وجود مذكرة جامعة الدول العربية، كما فعل يوم الأحد 26 دحنبر 2021، أحد خدام لعمامرة والذي يحمل اسم عمار بلاني.
فقد نشرت قصاصة لوكالة الأنباء الجزائرية تفسيرات مثيرة للشفقة لهذا الشخص الذي قال إن "هذه الخريطة الموحدة ليست جديدة وقد ظهرت دائما على الموقع الرسمي لجامعة الدول العربية". من كان يتخيل يوما أن إحدى الأبواق الدعائية للطغمة العسكرية الجزائرية ستبرر الخريطة الكاملة للمغرب، بما في ذلك الصحراء الغربية.
سنرى ما إذا كان قادة الطغمة العسكرية سيتحملون إهانة رؤية خريطة المغرب بصحرائه الأطلسية، معروضة في الجزائر العاصمة. مشهد رهيب سيشكل لا محالة صدمة قوية لشنقريحة وتبون.
أما بالنسبة للعمامرة، فيبدو أن الحزن يعتصر قلبه وهو يرى الحضيض الذي وصلته الدبلوماسية الجزائرية على الصعيد الدولي. لاستعادة صورته، التي هزتها إخفاقات وضربات متوالية، لجأ إلى مؤسسات وطنية، التي تنقل أنشطتها بحماسة منقطعة النظير وكالة الأنباء التابعة للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
وبالفعل، فإن العنوان البارز الذي تصدر غالبية وسائل الإعلام الجزائرية كان يتعلق بجائزة مرموقة منحت لهذا "الدبلوماسي المخضرم"، رمطان لعمامرة. جائزة مرموقة منحها له… منتدى الأوراس للتضامن والتنمية خلال مهرجان أوراسيس في طبعته النسخة السابعة. أمر مثير حقا للشفقة.