أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن وزير الخارجية رمطان لعمامرة كان سيرسل "مراسلات"، أمس الخميس 4 نونبر 2021، إلى عدد من رؤساء المنظمات الدولية بشأن مقتل ثلاثة سائقي شاحنات جزائريين في المنطقة العازلة الواقعة في الشمال الشرقي من الصحراء المغربية، وذلك يوم فاتح نونبر. والهدف من ذلك هو إبلاغ هذه المنظمات الدولية والإقليمية بما يسميه "الخطورة البالغة لعمل إرهاب الدولة"، الذي يدعي بأن المغرب يمارسه دون أن يقدم أدنى دليل، وهو العمل الذي "لا يمكن تبريره بأي ظرف كان"، بحسب هذه المراسلات.
وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية، فقد وجه رئيس الدبلوماسية الجزائرية مراسلات "للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ولرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسي فقي محمد، وللأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وكذا للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، يوسف بن احمد العثيمين".
من الواضح أن وزير الخارجية الجزائري، المسؤول داخل النظام الجزائري عن التصعيد في علاقات الجزائر بالرباط على وجه الخصوص، تحدث بدوره عن استخدام المغرب لأسلحة "متطورة" لعرقلة التنقل الحر لمركبات تجارية"، وهو ما "يشكل عملا للهروب إلى الأمام حامل لأخطار وشيكة على الأمن والاستقرار" في المنطقة. من خلال بعث مراسلاته، يعمل رمطان لعمامرة لتأجيج التصعيد الذي ترغب فيه الطغمة العسكرية.
حتى لو كانت رسائله تتحدث بشكل غامض عن "إرادة الجزائر وقدرتها على تحمل مسؤولياتها لحماية مواطنيها وممتلكاتهم في جميع الظروف"، فإن كل الضجيج الذي أحدثه هذا "القزم" داخل النظام الجزائري في طريقه إلى الانكماش. وفضلا عن ذلك، لا يخفى على أحد فشل الجيش الجزائري في تحمل مسؤولياته بإغلاق أعينه والسماح طواعية لهذه الشاحنات وركابها بالدخول إلى منطقة نزاع خطيرة.
ماذا كان يفعل سائقو الشاحنات الجزائرية في منطقة حرب؟ وهي منطقة تستخدمها الميليشيات لمهاجمة خط الدفاع ومنطقة رد للقوات المسلحة الملكية. في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، لا تتحقق القوات المسلحة الملكية من هويات المهاجمين. حتى آخر تقرير صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة يشير إلى اصطدامات في هذه المنطقة.
الكذبة، التي تتمثل أيضا من الحديث عن "محور ورقلة- نواكشوط" المزعوم، لا تصمد أمام الحقائق على الأرض. ليس فقط لأن الطريق الذي سلكته الشاحنتان المتضررتان تم توسيعه بشكل غريب ليمر عبر المنطقة العازلة البعيدة جدا في الصحراء، ولكن أيضا لأن هذه الشاحنات لم تكن لديها إمكانية للوصول إلى موريتانيا عبر منطقة عسكرية مغلقة وأعلن أنها محظورة تماما على المدنيين من طرف الجيش الموريتاني. لم يترك هذا الأخير لسائقي الشاحنات الجزائريين النادرون للغاية، على الرغم من عدة مئات من الكيلومترات من الحدود المشتركة، سوى معبرا يربط بين البلدين، وهو المعبر البري الوحيد بين موريتانيا والجزائر والمعروف باسم "PK75".
وهذا التقييد الصارم هو الذي يفسر رد الفعل السريع للغاية لموريتانيا التي نفت بشدة المزاعم الجزائرية التي تحدثت في البداية عن هجوم مغربي على شاحنات جزائرية في وسط الأراضي الموريتانية.
الكثير من الأخطاء الجزائرية وأسئلة أخرى طرحت بالتأكيد على رمطان لعمامرة من طرف بعض السفراء المعتمدين في الجزائر، والذين استقبلهم أمس، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية، في مقر وزارته لإقناعهم بالرواية الخيالية الجزائرية.
ويمكن إدراج هذا الاستقبال من قبل رئيس الدبلوماسية الجزائرية في إطار الاستعراض، من أجل دعم رواية التصعيد بين البلدين الجارين.
اليوم، لم يعد الحديث عن النزاع المسلح بين المملكة المغربية والجزائر موضوعا محرما. إذا رفض المغرب الانجرار إلى دوامة من العنف، فإن الجزائر التي توجد على حافة الهاوية، وبرئيس جعل من الإفراط في الشقشقة والمزايدة غطاء لإخفاء عدم كفاءته، وكذلك رئيس هيئة أركان الذي ليست له مؤهلات لشغل هذا المنصب، ستقع في شرك خطابها العدواني الحربي.
في غضون ثلاثة أشهر، اتخذ النظام الجزائري قرارات كلها في اتجاه التصعيد: اتهامات للمغرب بإضرام النار في غابات منطقة القبايل، وقطع العلاقات الدبلوماسية من جانب واحد مع الرباط، وإغلاق الأجواء الجزائرية على الطائرات المغربية، واتهام المغرب بدعمه لـ"إرهابيي الماك" وإغلاق خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي. لقد تابع المجتمع الدولي بلا مبالاة كل هذه القرارات التي اتخذتها الجزائر، والتي تغذي رواية التوتر المتزايد مع الرباط.
في خضم هذا التصعيد، قامت الطغمة العسكرية بتحريك أدواتها على مواقع التواصل الاجتماعي للتهديد بإغلاق المجال البحري الجزائري أمام السفن المغربية، والتلويح بطرد المغاربة المقيمين في الجزائر كما فعل من قبل هواري بومدين وفرض التأشيرات على المغاربة. في حالة تنفيذ هذه الإجراءات "الانتقامية" الثلاثة، ماذا سيبقى للنظام الجزائري ليغذي مزايداته ضد المغرب؟ لا شيء تقريبا يبعده عن النزاع المسلح.