على ما يبدو وجد النظام الجزائري طريقة جديدة ومبتكرة ليكون قادرا، على الأقل بحسب اعتقاده، على تضخيم دعايته المناهضة للمغرب. يتعلق الأمر هذه المرة بنشر أخبار مزيفة، ولو مؤقتا فقط، على شبكات التواصل الاجتماعي التابعة لجهات خارجية.
فيوم الأحد 25 أكتوبر، عبر حساب تويتر للتلفزيون اللبناني "إن بي إن"، الناطقة الرسمية باسم حركة "أمل" الشيعية بقيادة نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني (منذ عام 1992)، ولكنه أيضا مقرب من الحكومة العراقية، تم نشر تغريدة غريبة. هذه التغريدة، التي ظلت على الحساب لمدة 24 ساعة تقريبا، تتضمن تصريحا مقتضبا منسوبا لوزير الخارجية العراقي حول العلاقات المغربية الإسرائيلية.
هذه التغريدة للتلفزيون اللبناني، والتي تبدو في الظاهر حقيقية لأنها مرفقة بصورة الدبلوماسي العراقي، هي مأخوذة كلمة كلمة من تصريح رمطان لعمامرة في اليوم السابق، أي يوم السبت 23 أكتوبر، للقناة الإخبارية الروسية "روسيا اليوم". وكتب في التغريدة حرفيا: "المغرب وصل إلى حد الاستقواء بعلاقاته مع إسرائيل".
صباح الإثنين 25 أكتوبر، علم Le360 من مصادر ديبلوماسية، أن وزارة الخارجية التي يشرف عليها ناصر بوريطة طلبت توضيحات من السلطات العراقية. هذه الأخيرة تفاجأت ونفت على الفور أي علاقة لها بنشر هذه التغريدة الغريبة. وفضلا عن ذلك، ومباشرة بعد رد الفعل المغربي، قامت قناة "إن بي إن" بحذف التغريدة، والذي احتفظت السلطات المغربية بكل تأكيد بنسخة منها.
هذه المحاولة الجزائرية لحمل حلفائها الشيعة على تأييد محور إيران- أمل وحزب الله اللبناني، أو على الأقل توريطهم بالوكالة في حملتها المسعورة ضد المغرب، أدت في النهاية إلى فضح مناورات النظام الجزائري البئيسة والخسيسة.
يبقى أن نرى كيف تمكنت الخارجية الجزائرية من خداع التلفزيون اللبناني؟
كل شيء يوحي بأن وزارة لعمامرة أرسلت جزءا من التسجيل الصوتي لمداخلته على قناة "روسيا اليوم"، ونسبت "الصوت" إلى الوزير العراقي، خاصة وأن قناة "إن بي إن" تكون سريعة جدا في بث أي شيء معادٍ لإسرائيل.
كما أن السياق في العراق مناسب جدا، إذ إن قضاء هذا البلد الخاضع لسيطرة نظام الملالي الإيرانيين قد أصدر، يوم 26 شتنبر الماضي، مذكرات توقيف بحق شخصيات من كردستان العراق، بحجة أنها طالبت، خلال ندوة دولية نظمت في اربيل، بتطبيع العلاقات مع اسرائيل.
وفي الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية الجزائري، يوم السبت الماضي، أن "الجزائر لا تمارس دبلوماسية مكبر الصوت، بل تتصرف بنوع من الشفافية والوضوح"، فإن هذه الدعاية المخزية للطغمة العسكرية الجزائرية، المرفقة بالأخبار الكاذبة، تم نفيها بشدة من قبل السلطات العراقية، وأسقطت القناع عن رمطان لعمامرة.
لا بد من الاعتراف بأن لعمامرة نفسه، الذي عانى من انتكاسات عديدة في مسيرته، والذي تلقى صفعة قوية في موضوع الوحدة الترابية للمغرب من قبل غالبية الدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، لم يعد له من خيار غير الأخبار الكاذبة فقط لمحاولة استعادة بريق الدبلوماسية الجزائرية، التي توجد في حالة انحدار تام. الانتكاسة التي ألحقتها الدول العربية بالجزائر كانت قوية إلى أن لعمامرة لم يقدر على استيعابها، وهو الذي لا يكف عن التطبيل بأن بلاده ستستضيف القمة المقبلة لجامعة الدول العربية.
إن الفشل المتكرر للعمامرة، الذي يقوم بدبلوماسية القطيعة مع دول الجوار، تبدو جلية على بنيته الجسدية. فخلال الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة السادسة للاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، الذي عقد في العاصمة الرواندية كيغالي، الثلاثاء 26 أكتوبر 2021، بدا رمطان لعمامرة مسنا، ممتلئ البطن وغليظا. لم يستطع حتى إبقاء ظهره مستقيما، كما يتضح من صور لقاءاته مع نظرائه الأفارقة.
كل شيء يؤشر على أنه على وشك الانهيار العصبي، بكل تأكيد مثل جنرالات الطغمة العسكرية الذين يديرون الجزائر بقبضة من حديد.