قضية بيغاسوس تكشف نفاق الجيش الجزائري

الجنرال سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري

الجنرال سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري . DR

في 06/08/2021 على الساعة 12:03

تطرقت مجلة الجيش الناطقة بلسان الجيش الجزائري إلى قضية بيغاسوس. كنا نتوقع ردة فعل حازمة من الجيش الجزائري واكتشفنا مهنة العراف النبيلة.

في عددها الصادر في غشت 2021، خصصت المجلة الشهرية، الناطقة الرسمية باسم الجيش الجزائري، مقالان، بنفس المحتوى تقريبا، للتهجم الطفولي على المغرب.

في المقال الأول بعنوان "مؤامرة المخزن ضد وحدة البلاد أصبحت مؤكدة"، لم ترد المجلة المذكورة بشكل مباشر على تصريحات الدبلوماسي المغربي، عمر هلال، بشأن منطقة القبايل، كما قد يوحي العنوان المختار لهذا المقال. بل يقوم بجرد لسلسلة من "الأعمال العدائية" المزعومة التي يقوم بها المغرب ضد الجزائر، بدءا من "الحملة المستمرة لإغراق (الجزائر) بجميع أنواع المخدرات، ومحاولة منع كل عمل نبيل (كذا!) للدبلوماسية الجزائرية، والتحالف مع الأوساط المعادية للجزائر، والعلاقة بالحركات الإرهابية (حركتي الماك ورشاد) وتجنيد خونة وعملاء ومعارضين مزيفين"... كل هذا دون أن ننسى أن أي تصوير في المغرب لأفلام تتطرق إلى الإرهاب الذي عرفته الجزائر في التسعينيات على أنه عمل عدائي.

والأدهى من ذلك: في الوقت الذي لم يتوقف قط طبع الأوراق النقدية في الجزائر في محاولة سد العجز الاجتماعي والاقتصادي الكبير، لم يجدوا مبررا إلا المغرب لتفسير أن الانخفاض الكبير لقيمة الدينار الجزائري، وذلك من خلال الادعاء بأن المغرب يوظف "مزوري عملة" مزعومين.

وفي نفس موجة النفاق هذه، تصب المقالة الثانية لمجلة الجيش بعنوان "فضيحة بيغاسوس: من الابتزاز والاستفزاز إلى قضية التجسس المذهلة". بعبارة أخرى، يشكو الجيش الجزائري، الذي يشرف بشكل مباشر على كل أجهزة التجسس ومكافحة التجسس في البلاد، من التجسس عليه.

وهكذا، فإن البلد الذي كان يتوفر على دائرة الاستعلام والأمن سيئة السمعة (DRS) يدعو الآن المجتمع الدولي إلى التحرك ضد المغرب. من المفترض أن يضمن الجيش الأمن القومي وليس الاكتفاء بالتذمر من جار له رؤية شاملة لأصغر فعل أو تصرف لجميع المسؤولين الذين يشغلون مناصب استراتيجية في البلاد.

كنا نتوقع من المجلة الناطقة باسم الطغمة العسكرية الحاكمة في البلاد ردا أكثر حزما على التجسس الجماعي المفترض الذي ارتكبه المغرب. ومع ذلك، فإن مجلة الجيش مرة أخرى نقلت كلمة بكلمة محتويات البيان الصحفي الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، في معرض رد فعلها على قضية بيغاسوس: "تحتفظ الجزائر بالحق في تنفيذ استراتيجيتها في الرد وتظل مستعدة للمشاركة في أي جهد دولي جماعي يهدف إلى إثبات الحقائق"، بحسب ما كتبته هذه المجلة. 

وعليه، فإن العدد الأخير من مجلة الجيش يظهر، إذا لزم الأمر، أن الجيش الجزائري تجاوزته الأحداث. غارق في توجهات عفا عليها الزمن اليوم، وبعيدة كل البعد عن التقنيات الجديدة التي هي من اختصاص الجيوش الحديثة، يتخذ الجيش الوطني الشعبي موقفا منافقا بدلا من توجيه أصابع الاتهام إلى الخيارات الكارثية التي حولته إلى قلعة من زجاج.

فبدلا من لعب لعبة الشوافة التي تتنبأ بأنه "من وجهة نظر قانونية، فإن الأيام الصعبة تنتظر المغرب للاستماع إليه حول الوقائع ويجب أن يحاسب على هذا الانجراف الذي لا يغتفر"، سيكون من الأفضل للجيش الجزائري أن يقوم بنقد ذاتي عن الخيارات الكارثية التي جعلته على مرأى ومسمع الجميع. وعلاوة على ذلك، فإن توجهات الجيش الجزائري المنسجمة مع باقي القطاعات، مازالت غرافة في الإديولوجية الشيوعية التي تجعل الجزائر دولة محرومة من نظام بنكي جدير بالاسم، وغير قادر على ''جذب المستثمرين، باستثناء ريع المحروقات.

وهكذا، لا ينبغي أن يغير الجيش الجزائري فقط خياراته الاستراتيجية بشكل جذري، بل البلد بأكمله. عندما نعلم أن الجيش هو الذي يملي السلوك الواجب اتباعه في الجزائر، فمن الطبيعي ألا يذهب أحدها بدون الآخر.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 06/08/2021 على الساعة 12:03