لم يخرج النظام الجزائري عن عادته في تحويل نكساته إلى انتصارات. وهكذا سارعت الطغمة الحاكمة بوسائل إعلامها وواجهاتها المدنية والعسكرية في ساعة مبكرة من صباح يوم الأربعاء 2 يونيو 2021 إلى زيارة زعيم البوليساريو إبراهيم غالي.
وصل إبراهيم غالي قرابة الساعة 3:00 صباحا (بتوقيت الجزائر العاصمة) يوم الأربعاء على متن طائرة فرنسية خاصة مستأجرة من الجزائر، وتم نقله إلى المستشفى العسكري عين النعجة في الجزائر العاصمة فور هبوط طائرته في مطار بوفاريك العسكري.
بعد ساعات قليلة فقط من وصوله، زاره كل من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى جانب سيد البلاد الحقيقي، الجنرال سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش الجزائري.
بدا زعيم الانفصاليين ضعيفا للغاية إلى درجة أنه لم يستطع حتى الجلوس لتحية "رؤسائه"، فيما أكد رئيس الدولة الجزائري لإبراهيم غالي أنه يجب أن يعتبر نفسه جزائريا. وقال له "أنت في بلدك"، قبل أن يضيف: "أنا والجنرال، سعيدان بتحسن حالتك الصحية". وزاد تبون قائلا: "زيارتنا هي واجب. إن مثولك أمام المحاكم الإسبانية أظهر (للعالم) أن «الجمهورية العربية الصحراوية» تحترم القانون". وبدا تبون فرحا لإفلات "بول بوت" الصحراوي من القضاء الإسباني.
وقال زعيم البوليساريو كأنه يعتذر عن غيابه الطويل: "أشعر بتحسن وقريبا سأكون في الميدان"، مؤكدا على الرغم منه ما يتوقعه أسياده وهو أن يقود الحرب ضد المغاربة. لكن تبون رد "ارتح أولا"، وكأنه يحاول التخفيف من حدة حماس المريض غالي.
وأمام الميكروفون وأمام كاميرات التليفزيون العمومي الجزائري، شكر تبون إسبانيا: "وإسبانيا، على أي حال، نشكرها...لقبولها اليوم الأول" علاج زعيم الانفصاليين.
بعد سلسلة من المديح الموجه لأسياده، يتخللها "حمدا الله على سلامتك" على لسان شنقريحة، تفنن زعيم الانفصاليين في تمجيد الرجلين والجزائر، وهو ما أضفى صورة تابع سعيد للغاية بزيارة أسياده له.
ويبدو من الحالة المتدهورة لزعيم البوليساريو أن الرجل أُجبر على مغادرة إسبانيا على عجل قبل إتمام مدة علاجه.
في الواقع، إذا كان قد استمر مقامه بضعة أيام أخرى في إسبانيا، وبفضل فتح الحدود في جميع أنحاء العالم، كان لدى العديد من ضحاياه الوقت والإمكانية لجمع الأدلة والشهادات عن الجرائم التي ارتكبها والتي من شأنها أن تعقد وضعية إبراهيم غالي أمام القضاء الإسباني.
هذه العودة، التي تبدو وكأنها سباق مع الزمن، قدمتها السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو على أنها قرار تم اتخاذه بحرية، حتى يتسنى لإبراهيم غالي "مواصلة فترة نقاهته" في الجزائر.