الجزائر: رغم الأزمة متعددة الأوجه.. الجيش الجزائري يصبح سادس مستورد للسلاح في العالم

DR

في 21/03/2021 على الساعة 21:00

وفقا لآخر تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، تعد الجزائر اليوم سادس أكبر مستورد للأسلحة في العالم. وهو "رقم قياسي" غير مرحب به في سياق الأزمة متعددة الأوجه التي تمر بها الجزائر، والتي سارع إعلام النظام إلى إخفائها.

يوم الـ15 من مارس، نشر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهو مركز تفكير مستقل خاص بالصراعات ومراقبة التسلح ونزع السلاح، تقريره حول "عمليات نقل الأسلحة العالمية" الذي يغطي الفترة 2016-2020.

في بيانه الصحفي الذي يعرض فيه أهم خلاصات هذا التقرير، أكد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، في ما يتعلق بمنطقة شمال إفريقيا، أن "الجزائر ارتفعت وارداتها من الأسلحة بنسبة 64 في المائة مقارنة بفترة 2011-2015، بينما انخفضت واردات المغرب من الأسلحة بنسبة 60 في المائة" خلال نفس الفترة.

وعلى الرغم من أن معهد ستوكهولم يؤكد أن عمليات نقل الأسلحة العالمية قد استقرت في السنوات الأخيرة، إلا أن الجزائر زادت وارداتها من الأسلحة بشكل كبير، حيث عرفت قفزة بنسبة 64 في المائة منذ عام 2015 بمبلغ تجاوز 35 مليار دولار. حقيقة أخرى كشف عنها التقرير: أصبحت الجزائر، الزبون التقليدي الرئيسي لروسيا والصين، مستوردا رئيسيا للأسلحة الألمانية.

وعلى الرغم من الانخفاض في واردات المعدات العسكرية من قبل المغرب خلال الفترة نفسها من 2016-2020، قدمت وسائل الإعلام الجزائرية القريبة من السلطة قراءة مغرضة ومغلوطة لأرقام معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وهكذا، في مقال بعنوان "سباق التسلح: الجزائر والمغرب، المستوردان الرئيسيان في إفريقيا"، حاولت صحيفة "الوطن"، المقربة من الاستخبارات الجزائرية، في عددها الصادر يوم السبت 20 مارس، أن توهم القراء بأن هناك سباق تسلح محموم بين المغرب والجزائر حاليا.

فهذه الصحيفة تحاول إيهام الرأي العام الجزائري بأن الإنفاق العسكري في الجزائر مبرر من الناحية العسكرية بالرغبة في البقاء في نفس مستوى التسلح مع الجار المغربي، الذي دخل سباق تسلح محموم. إنه التضليل في أبشع صوره والذي لا يمكن أن يخدع أحدا، إذ لا يمكن المقارنة بين الإنفاق المسعور للجنرالات الجزائريين، الذين لا تخضع ميزانيتهم لمراقبة البرلمان، والإنفاق المعقول والرزين للجيش المغربي، الذي اتبع خيار الاستخبارات والتكنولوجيا ضد الإفراط الأعمى للتسلح في الجيش الجزائري، الذي لا يمتلك قمرا صناعيا لتحديد الأهداف الاستراتيجية في حالة نزاع مسلح.

في حين أن الجزائر في الفترة من 2016 إلى 2020 هي سادس أكبر مستورد للأسلحة في العالم، فإن المغرب يحتل المرتبة 29 عالميا، بعيدا بشكل كبير عن النظام العسكري الجزائري.

وعلى الرغم من الفجوة في الإنفاق العسكري بين البلدين الجارين، أي أكثر من 10 مليارات دولار في السنة وأكثر من 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام للجزائر مقابل أقل من 4 مليارات دولار ونحو 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، فإن الصحافة الجزائرية لا تتردد في التأكيد على أن الجزائر والمغرب استحوذتا على 70 في المائة من الإنفاق العسكري في القارة الإفريقية (باستثناء مصر، البلد المحسوب على الشرق الأوسط) خلال السنوات الخمس الماضية.

وحتى لو اعترفوا أن "المغرب قد خفض مشترياته من الأسلحة بنسبة 60 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية"، فقد استغلت وسائل إعلام النظام الجزائري الاعتماد على توقعات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام في محاولة لتضخيم الميزانية العسكرية المغربية على مدى السنوات الخمس الماضية. في المغرب، "ستأتي عدة شحنات من المعدات العسكرية الأمريكية (24 طائرة مقاتلة من طراز إف-16 فايبر و 24 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز إيه إتش-64 أباتشي، ودبابات أبرامز)... ومن المتوقع أن تزداد واردات الأسلحة من قبل المغرب بشكل كبير خلال السنوات الخمس المقبلة، إذا تم تنفيذ هذه العقود"، بحسب ما تشير إليه تقديرات تقرير معهد ستوكهولم.

لكن في الجزائر، كان الإنفاق العسكري الهائل، حتى يوم أمس، يتم التباهي به وتمجيده، من خلال الأدوات الدعائية للنظام الجزائري على أن الأمر يتعلق ببناء "أقوى جيش في المغرب الكبير وإفريقيا". جيش، لكي يبرر التهامه المرضي للميزانية، سعى دائما لخلق توترات مصطنعة مع جيرانه، وللتركيز على خطر الإرهاب الداخلي الذي يجد هذا "الجيش الموهوب جدا" صعوبة في تحييده، على الرغم من نفقاته، مما يجعله سادس أكبر مستورد أسلحة في العالم.

هذه المرة، وبالنظر إلى السياق الحالي الذي يتميز بتصاعد الأزمة في الجزائر، فإن التضليل الإعلامي قد وضع المغرب عن قصد في نفس مستوى الإنفاق مثل جاره الشرقي لغرض وحيد هو الحفاظ على التوتر بين البلدين وبالتالي إعداد الرأي العام للحفاظ على الميزانية الخيالية للجيش. وهذا في وقت تواجه فيه البلاد أزمة خطيرة للغاية ولم يعد بإمكان الجزائريين حتى شراء المواد الغذائية الأساسية بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار. لم يعد بإمكان الكثير من الجزائريين شراء المعكرونة أو زيت المائدة أو السردين أو الدجاج، رغم أن بلادهم تمنح الجنرالات أكثر من 10 مليارات دولار سنويا.

يتم إنفاق هذه المليارات من الدولارات، خارج أي مراقبة، من قبل الجنرالات الفاسدين. وتكفي هنا الإشارة فقط إلى الفضائح الأخيرة، التي تم الإعلان عنها بفضل الصراعات الحادة بين قيادات الجيش. ونذكر على سبيل المثال حالة مدير الاتصالات السابق في وزارة الدفاع الجزائرية، الجنرال عبد القادر لشخم، الذي كان اختلس وحده فقط أكثر من ملياري دولار من مشتريات وهمية لمواد إلكترونية ومعدات اتصالات. وانضاف بذلك إلى عدد من الجنرالات الفاسدين القابعين حاليا في السجن.

هذه الممارسات هي التي تفسر إصرار الحراك على المطالبة باستقلال البلاد وإقامة "دولة مدنية، وليست عسكرية". من غير المرجح أن تستطيع الدعاية الإعلامية الجزائرية في أن تقنع الرأي العام الجزائري بطريقة الإنفاق الخيالية لجيش الجنرالات والتي باتت مستحيلة الآن. فالجنرالات أصبحوا مجبرين على التقليص من ميزانيتهم.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 21/03/2021 على الساعة 21:00