في الوقت الذي تنخرط الجزائر في حرب إعلامية ودعائية، إلى حد استغلال أخبار تعود إلى عام 2017، كما فعلت وكالة الأنباء الجزائرية في هجماتها الإعلامية ضد المغرب، دعا خبراء في العلاقات الدولية النظام الجزائري إلى إعادة النظر في إرث البومديينية.
قادر عبد الرحيم الخبير المتخصص في الجغرافيا السياسية للمنطقة المغاربية ومدير الأبحاث في معهد الاستشراف والأمن في أوروبا، تطرق، في مقابلة مع الوسيلة الإعلامية سبوتنيك، للحديث عن آخر التطورات في المنطقة بعد قرار الولايات المتحدة الاعتراف بمغربية الصحراء واستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
في الجزائر، كان رد الفعل الرسمي هو اعتبار كل هذه التطورات تهديدا لأمنها. ويبدو الأمر عاديا مع نظام عسكري يرى الأعداء في كل مكان، بينما هناك رهانات مهمة تواجه المنطقة.
وأوضح قادر عبد الرحيم قائلا: "كان من الأفضل أن تسعى الجزائر أن تبحث عن حلفاء من بين دول المحيطة بها مباشرة". ومن الواضح أن أنسب بلد في هذا السياق، سواء لاستقراره أو ثقله القاري والإقليمي، هو المملكة المغربية.
"الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تقدم المساعدة الدبلوماسية والعسكرية واللوجستية لجبهة البوليساريو اليوم بينما تؤوي حاليا أكثر من 40 ألف لاجئ على أراضيها"، كما أكد هذا الخبير في الجغرافيا السياسية.
وبحسب قادر عبد الرحيم، فإن الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء من قبل "أحد أهم الفاعلين الرئيسيين في العلاقات الدولية، أي الولايات المتحدة الأمريكية، يمثل فشلا دبلوماسيا للجزائر".
غير أن الجزائر تستمر في عنادها وبالتالي تختار أن تعزل نفسها أكثر فأكثر. "في هذه القضية تجد الجزائر نفسها مهمشة ومعزولة"، هذا ما أكده هذا الباحث الذي يتطابق تحليله مع تحليل الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي الذي أشار إلى أن الجزائر ارتكبت خطأ فادحا بعرقلتها لبناء اتحاد مغاربي قوي ومتكامل ومندمج.
تعتمد الجزائر اعتمادا كبيرا على الخارج، حيث أنها لا تصنع شيئا تقريبا حتى لتغطية احتياجاتها من المواد الغذائية. أما بالنسبة للجانب العسكري، تعتمد الجزائر كثيرا على روسيا، حتى وإن أصبحت تشتري الآن الكثير من تركيا"، يضيف قادر عبد الرحيم.
وبحسب هذا المختص في الجغرافيا السياسية للمنطقة المغاربية، "من غير المنطقي في هذه الظروف عزل المرء نفسه عن جيرانه المباشرين، الذين يجب أن تحافظ (الجزائر) معهم على علاقات أقوى بسبب قربهم الثقافي".
"في مواجهة تهديدات عدم الاستقرار الإقليمي والإرهاب والتهريب، كان من الأفضل للجزائر أن تبحث عن حلفاء من بين الدول المحيطة بها مباشرة، والتي لها نفس المخاوف والمصالح نفسها"، يوضح هذا الخبير، الذي يأسف نظام الجزائر أضاع من جديد موعده مع التاريخ. وأوضح قادر عبد الرحيم بهذا الخصوص: "لقد أضاعت الجزائر التكامل الإقليمي. كان من الممكن أن تكون هذه الأمة المغاربية قوة للتنمية، ولكن أيضا للأمن في مواجهة التهديد الإرهابي الآتي من منطقة الساحل وليبيا".
واختتم الباحث بالقول: "الجزائر هي الدولة الوحيدة التي لها حدود مشتركة مع البلدان المغاربية الأربعة. لذلك يجب أن يكون مسؤولا عن اتخاذ المبادرة الدبلوماسية لتغيير الأمور. إلا أنها للأسف لا تقوم بهذا الدور، وبالتالي فهي معزولة دبلوماسيا".