يوم الثلاثاء فاتح شتنبر، قامت الجبهة الانفصالية بخرجتين إعلاميتين متزامنتين. الأولى لأميناتو حيدر، الناشطة في صفوف انفاصاليي الداخل، التي تطالب الأمم المتحدة بإغلاق معبر الكركرات. وكتبت في تغريدة على تويتر نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية قائلة: "يجب على الأمم المتحدة إغلاق هذا المعبر غير القانوني الذي يظل الممر الرئيسي للمخدرات المغربية وغيرها من الجرائم العابرة للحدود".
وفي الوقت ذاته أصدرت جبهة البوليساريو بيانا صحفيا أعربت فيه عن "رفضها القاطع لاستمرار العبور عبر معبر الكركرات غير القانوني"، واصفة إياه بأنه "انتهاك لوقف إطلاق النار".
وأضافت الجبهة الانفصالية أنه، كما ورد في البيان الذي نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، "من غير المقبول أن تواصل بعثة المينورسو غض الطرف عن استمرار هذا المعبر غير القانوني والعبور اليومي للبضائع، بما في ذلك الأطنان الهائلة من المخدرات".
بعد نظرية طائرات الخطوط الملكية المغربية التي تنقل "أشياء أخرى" غير الركاب إلى عواصم إفريقية، ها هو النظام الجزائري، المعروف بإدمانه على تجارة الكوكايين كما يتبين ذلك من قضية كمال البوشي، يشير من خلال بيادقه إلى أن معبر الكركرات هو مجرد نقطة لعبور للمخدرات.
هذه المناورة الجديدة المعادية للمغرب، التي من خلالها تدفع الجزائر البوليساريو إلى إطلاق التصريحات بشأن مرور "المخدرات" من المعبر، كما ترسل مجموعة من الصحراويين لعرقلة الحركة التجارية على مستوى المعبر الحدودي المغربي الموريتاني، تتم في سياق محدد.
في التقرير الذي أرسل الأسبوع الماضي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي يغطي عقدا من الزمن من 2011 إلى 2020، تطرق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى قضية الصحراء واعتبرها نزاعا إقليميا يخضع للفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالتسوية السلمية للنزاعات، كما اعتبر أن الحل السياسي فقط وليس تقرير المصير هو الحل المدعوم من قبل مجلس الأمن كما ورد في قراره 2494 الصادر في أكتوبر 2019.
هذا الرفض النهائي الجديد لخيار الاستفتاء في الصحراء من قبل الأمين العام للأمم المتحدة شكل صدمة للجزائر وجبهة البوليساريو ويتخوفان مما قد تؤول إليه الأمور خلال الاجتماع السنوي لمجلس الأمن الذي سيخصص نهاية شهر أكتوبر المقبل لملف الصحراء.
هذا الاجتماع، وفي غياب مبعوث أممي خاص إلى الصحراء، سيمنح غوتيريس حرية إعادة التأكيد مرة أخرى على موقفه الدائم بشأن معبر الكركرات، وهو أنه يجب أن يحافظ هذا المعبر على طابعها الاجتماعي والاقتصادي المفيد للمنطقة بأكملها، بعيد عن أي مزايدة سياسية.
منذ أبريل 2017، وفي تقرير وزع على أعضاء مجلس الأمن، كتب الأمين العام للأمم المتحدة، في ذروة الأزمة التي شهدها هذا المعبر، أنه "لا يزال قلقا للغاية بشأن استمرار الوجود العناصر المسلحة لجبهة البوليساريو في هذه المنطقة (الكركرات)، والتحديات التي يفرضها ذلك على سبب وجود هذه المنطقة العازلة".
وفي نهاية المطاف، رفض غوتيريس هذا الوجود العسكري لأنه انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار ويمكن أن يكون له "تأثير خطير على أمن واستقرار المنطقة بأكملها". وفي هذا الإطار، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بصراحة ووضوح أنه "يجب عدم إعاقة الحركة التجارية المنتظمة" في هذا المعبر.
وفي شهر يناير الماضي، جدد الأمين العام للأمم المتحدة الموقف ذاته، محذرا البوليساريو من أي عمل من شأنه أن يهدد أو يمنع مرور رالي "Race Eco Africa"، الذي كان قد أنهى في ذلك الوقت مرحلته المغربية وكان يتأهب للدخول إلى موريتانيا عبر معبر الكركرات.
وفضلا عن ذلك، وأمام فشل استراتيجيتها الاقتصادية تجاه إفريقيا، وخاصة الإغلاق شبه النهائي لمعبرها الحدودي مع موريتانيا الذي أرادت استخدامه كمعبر لاختراق أسواق غرب إفريقيا، لم تستسغ الجزائر اليوم، أنه حتى في فترة تفشي وباء كوفيد-19، يواصل معبر الكركرات العمل بشكل عاد.
ويذكر هذا المعبر نظام الجزائر بالإخفاقات المريرة التي يتكبدها كلما حاول لإيجاد طريقة لمعاكسة نفوذ المغرب. افتتح معبر الحدودي بين الجزائر وموريتانيا والذي كان من المفترض أن ينافس معبر الكركرات ويفتح طريقا تجاريا جديدا بين شمال وجنوب القارة، ولكنه أصبح معبرا جهنميا لسائقي الشاحنات الجزائريين الذي فرض النظام الجزائري عليهم المرور عبره، قبل أن يهجر ويغلق نهائيا.
إن مشاهدة الحركة وهي جد نشيطة في معبر الكركرات كل يوم، على الرغم من إرسال البلطجية إلى هناك، هو أمر لا يطاق بالنسبة للنظام الجزائري. لذلك يطلق العنان لبيادقه وأزلامه للتهجم على المغرب. ولكن يصدق على كل هؤلاء المثل المعروف: الكلاب تنبح والقافلة تسير.