أعلنت وسائل الإعلام الجزائرية، وخاصة تلك الممولة من قبل رؤوس الأموال الخاصة، يوم الخميس 27 غشت خبر منع نجلي الجنرال أحمد قايد صالح، الذي توفي فجأة يوم 29 دجنبر 2020، من مغادرة التراب الجزائري. هذا القرار، الذي يمكن أن يكون قد تم اتخاذه يوم 18 غشت 2020، كان متوقعا خاصة بعد وقف امتيازاتهما الاقتصادية وانطلاق الحملات التي استهدفتهما بشكل خاص من قبل وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة.
وهكذا، وفقا للعربي ونوغي، المدير العام للوكالة الوطنية للنشر والاتصال والإعلانات التي يرأسها منذ أبريل الماضي، فإن هذه المؤسسة الحكومية بددت ما لا يقل عن 15000 مليار دينار خلال فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة. وأشار العربي ونوغي بأصبع الاتهام بشكل خاص إلى عادل قايد، الذي يدير صحيفة "إيدوغ نيوز"، وهي صحيفة غير معروفة تصدر من عنابة ولم يكن لها قراء، ورغم ذلك فقد منحتها الوكالة الوطنية للنشر والاتصال والإعلانات يوميا ما بين 2017 و2020 أربع صفحات من الإعلانات.
فبالإضافة إلى وقف الإعلانات الممنوحة من قبل الوكالة الوطنية للنشر والاتصال والإعلانات، ووقف احتكار تمويل بعض الثكنات العسكرية بالخبز، فقد عادل قايد صالح "ميناء عنابة الجاف" الذي أغلقته الجمارك يوم 21 يوليوز الماضي.
وربطت العديد من وسائل الإعلام الجزائرية هذه الحملة الجديدة ضد الأخوين عادل وبومدين قايد صالح، وكذلك عشرة أشخاص آخرين يمنع عليهم مغادرة التراب الوطني بتسليم أنقرة قرميط بونويرة مؤخرا. وكانت العودة القسرية للسكرتير الخاص السابق لأحمد قايد صالح، الذي خضع لجلسات استنطاق من قبل محققي المخابرات العسكرية، بمثابة ذريعة لتصفية الحسابات مع عدد من كبار ضباط الجيش، بعضهم في المنفى، ومعظمهم متهمون بالخيانة العظمى.
وبما أن الأخوين قايد صالح ليسا عسكريين، فسوف يمثلون، كما ذكرت صحيفة الوطن الجزائرية، أمام محكمة الدار البيضاء، التي أحيل إليها بالفعل ملفاتهما من قبل أجهزة الأمن الجزائرية. وكانت نفس المحكمة قد أصدرت قرارا بمنع مغادرتهما التراب الوطني.
وكتبت صحيفة "الوطن" نقلا عن مصادر أمنية أن "هذا الإجراء القضائي اتخذ بشكل وقائي عشية فتح الحدود الجزائرية، الذي يتزامن مع فتح عدة تحقيقات من قبل الأجهزة الأمنية والتي ذكر اسمهما فيها".
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف أن رئيس الأركان الحالي، سعيد شنقريحة، الذي رقاه أحمد قايد صالح لكي يصبح قائد الجيش البري، وعبد المجيد تبون الذي انتخب رئيسا للجمهورية بفضل دعم أحمد قايد صالح، ينقلبان اليوم على المقربين وكذا عائلة الجنرال الراحل، الذين يدينان له بترقيتهما ووصولهما إلى مراتب عليا في هرم السلطة؟ هل عادت جماعة الجنرال توفيق، الرئيس السابق القوي لأجهزة المخابرات، إلى الواجهة وبدأت في الانتقام حتى من أبناء أحمد قايد صالح؟
على أية حال، علينا أن نعترف بأن حملة التطهير الجارية حاليا والتي تستهدف كبار ضباط الجيش الجزائري ورجال البلاد الأقوياء السابقين، هو أشبه بحرب العصابات. بالأمس القريب، قام قايد صالح بتفكيك "جماعة بوتفليقة"، التي يدين لها بكل شيء، وزج في السجن بجنرالات لا يمكن المساس بهم، مثل توفيق وطرطاق، وكذلك وزراء أولين ووزراء ورجال أعمال سابقين.. اليوم أتي الدور على "جماعة قايد صالح" التي أصبحت مستهدفة. نحن أمام منطق الانتقام الذي تتبعه المافيا، إذ أنه حتى أحفاد "العراب" لا يسلمون من نيران الانتقام.