إذا طلبنا من وزيرة الشؤون الخارجية النرويجية، إيني إريكسن سوريدي، تحديد موقع العيون على الخريطة، فلن نكون واثقين من الحصول على إجابة. الأمر عادي، بالنظر إلى أن أوسلو تقع على بعد 5115 كيلومترا من هذه المدينة التابعة للأقاليم الجنوبية للمغرب، ومن ثم فليس بمقدورنا الحديث عن مكان دون معرفته، ودون رؤيته. فبالأحرى الحكم على ما يجري فيه.
ومع ذلك، وجدت السيدة إريكسن سوريدي، تحت تأثير اللوبي الجزائري النشط للغاية في بلدان شمال أوروبا، عندما يتعلق الأمر بتوجيه الضربات للمغرب، الوقت في خضم جائحة فيروس كورونا، التي وعلى سبيل التذكير، لم تستثن بلادها، لإخبار نائب برلماني بكامل «قلقها» إزاء ما تصفه وكالة الأنباء الجزائرية بـ«وضعية السجناء الصحراويين في السجون المغربية».
وردا على النائب أوزموند أوكروست، مندوب التسويق المرخص من طرف الجزائر لدى البرلمان النرويجي، أجابت الوزيرة من خلال توظيف ميكانيكي لأسطوانات الدعاية الجزائرية المشروخة، مؤكدة تتبعها «المنتظم لوضعية المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان… إلخ».
ومن خلال الإدلاء بحجج مضللة لا أساس لها من الصحة، سحبت رئيسة الدبلوماسية النرويجية معها في حكمها الواهي «دول شمال أوروبا، إلى جانب بلدان أخرى معنية»، ولعلمكم «بتعاون وثيق مع الأمم المتحدة».
وفي معرض تقديمها للتقرير، بغض النظر عن وفائه أم لا، لهذا الحوار بين النائب البرلماني المدلس ووزيرته، خاضت وكالة الأنباء الجزائرية في مفارقة غريبة، عبر إثارتها للوضع الإنساني لمحتجزي تيندوف، متناسية أن «هؤلاء الضيوف غير المرغوب فيهم» يوجدون على الأراضي الجزائرية، وأن المسؤولية الإنسانية لهؤلاء الأشخاص تقع في المقام الأول والأخير على عاتق الجزائر.
كان بودنا أن تقوم السيدة الوزيرة بقراءة على نفس القدر من الحذر، وبأن يجري النائب البرلماني تقييما دقيقا، «على نحو أكثر حرصا» لمبادئ حقوق الإنسان، والمعاناة ومظاهر الإحباط التي تعاني منها هذه الساكنة المحتجزة في تندوف، حيث يجاور البؤس الجريمة، وتتم سرقة المساعدات الإنسانية وبيعها في السوق السوداء، وحيث يتم اختطاف الفتيات واغتصابهن، وحيث لا تزال العبودية ممارسة شائعة.
كما أن الوزيرة النرويجية ونائبها البرلماني مدعوان إلى التعبير عن نفس مستوى القلق حيال الوضع في الجزائر، الذي تتجه إليه بانتظام أصابع البرلمان الأوروبي، والهيئات الأممية، والمنظمات غير الحكومية، وذلك إزاء الشق المتعلق بحقوق الإنسان.
ففي أقل من شهر، جاءت أربعة استفسارات متتالية من قبل البرلمان الأوروبي للتذكير بأنه، وحتى في سياق جائحة عالمية، فإن السلطات الجزائرية تواصل انتهاكاتها ضد النشطاء، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمتظاهرين السلميين البسطاء.
ويتجلى التناقض الثاني المسجل بقصاصة وكالة الأنباء الجزائرية، في إحالتها المضحكة على نداء المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيلي، إلى إطلاق سراح السجناء قصد تجنب تفشي وباء «كوفيد-19»، بينما تواصل السلطات الجزائرية الاعتقال والمحاكمة وإيداع السجن في جميع الاتجاهات.
وللتذكير، فقد استفاد من العفو الملكي لـ5 أبريل الجاري 5654 سجينا في المغرب، قصد تجنب تفشي فيروس كورونا المستجد في الوسط السجني. لكن الوزيرة النرويجية لم تتراءى لها سوى النار !.