توحد النواب الإسبان وراء حكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز (الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني) ومحوا من خطابهم التشريعي أية إشارة إلى الأطروحة الانفصالية التي تدعو إليها البوليساريو وعرابها الجزائر.
القرار الرسمي الذي قدمه واعتمده بالإجماع أعضاء كونغرس النواب (الغرفة السفلى في البرلمان الإسبانية) يوم الثلاثاء 25 فبراير 2020 لا يتضمن في الواقع أي إشارة إلى أطروحة "تقرير المصير للصحراء الغربية" التي دعا إليها الطرف المعادي، وهي الأطروحة التي كانت حاضرة دائما في القرارات السابقة للمجلس التشريعي الإسباني.
وهي سابقة في البرلمان الإسباني والتي تعيد إلى الأذهان الخطاب التاريخي الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسبانية الاشتراكي بيدرو سانشيز في نهاية شتنبر 2019 خلال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي لم يشر فيها إلى الخيار البالي والمتقادم وغير القابل للتطبيق باعتراف الأمم المتحدة نفسها، وهو الخيار الذي ما فتئت الجزائر والبوليساريو تدافعان عنه.
في نص القرار الجديد، الذي اطلع عليه Le360، تم حذف بشكل كامل الصيغ الانفصالية الأخرى التي كانت متداولة في القرارات السابقة المتخذة من قبل كونغرس النواب. بالإضافة إلى حذف عبارة "تقرير المصير"، فإن النص الحالي الذي سيشكل من الآن فصاعدا قاعدة مرجعية في الخطاب التشريعي الإسباني يقطع الطريق أمام طلب انفصالي قديم يدعو الحكومة الإسبانية إلى "اعتبار الصحراويين أفراد من المجتمع التاريخي الإسباني"، وهو ما يعد بمثابة إعادة النظر في سياسة منح الجنسية الإسبانية تلقائيا إلى «اللاجئين الصحراويين ".
وأخيرا وليس آخرا، فإن النص التشريعي الجديد، على عكس النص المعاد جدا للمغرب الذي تم اتخاذه في عام 2010، يقوض بشكل أكبر الأطروحة الغريبة التي تدعو لها جبهة البوليساريو، والتي تنص على أن إسبانيا "هي السلطة الإدارية للصحراء الغربية".
تجدر الإشارة إلى أن النسخة الأولى من نص القرار، التي قدمتها المجموعة البرلمانية المختلطة (بما في ذلك الجمهوريون من أقصى اليسار والجمهوريين الانفصاليين)، تضمنت العديد من الإشارات إلى الأطروحة الانفصالية. مداخلة نواب الحزب الاشتراكي الإسباني، من خلال تعديلات حاسمة، مكنت من تحويل النص لمصلحة المغرب، من خلال إعادة التأكيد على مركزية دور الأمم المتحدة في العملية السياسية التي بدأت في أبريل 2007 في مانهاست، على أساس مخطط الحكم الذاتي المغربي، الذي يعتبر بديلا جديا وذا مصداقية للنزاع الذي اختلقه النظام الجزائري في عهد الرئيس السابق هواري بومدين، واسمه الحقيقي محمد بوخروبة.
هناك أسطوانة غريبة مازالت ترددها جبهة البوليساريو ولكن تم حذفها الآن من النص الذي اعتمده مؤخرا كونغرس النواب الإسباني والتي تدعو إلى "توسيع ولاية المينورسو لمراقبة حقوق الإنسان". في الواقع، لا يشير النص إلى هذا المطلب الانفصالي، والذي أيده النظام الجزائري أيضا في محاولة يائسة للمبدأ المقدس بالنسبة للمغاربة وهو سيادة المملكة على كافة أقاليمها الصحراوية.
وليس هذا كل شيء. فهناك مقترح معاد للمغرب تقدم به نواب جزر الكناري يتعلق بتحديد الحدود البحرية من قبل المغرب. وكان هذا الاقتراح يهدف إلى الطعن في مشروعي القانونين اللذين صادق عليهما البرلمان المغربي مؤخرا واللذين يتعلقان بالترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات والحدود البحرية.
وللتذكير فإن هذا التغير في مواقف المؤسسة التشريعية الإسبانية يأتي في أعقاب التوتر الناتج عن اللقاء الذي أجراه، يوم الجمعة 21 فبراير في مدريد، كاتب الدولة في الشؤون الاجتماعي والمنتمي لحزب بوديموس، ناتشو ألفاريز، مع "وزيرة صحراوية" مزعومة، المدعوة اسويلمة بيروك.
وبعد هذا اللقاء غير المسؤول، قامت وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية، أرانتشا غونزاليس، بإعادة الرجل الثاني في حزب بوديموس اليساري المتطرف إلى جادة الصواب، بل وحتى من زعيم هذا الحزب ونائب رئيس الحكومة الائتلافية الحالية، بابلو إغليسياس.