حتى أبريل 1999، تاريخ العهدة الأولى للرئيس عبد العزيز بوتفليقة على رأس السلطة في الجزائر، قليل من المتابعين المغاربة والجزائريين كان يدرك أن بوتفليقة ولد وترعرع ودرس حتى مرحلة الثانوية بمدينة وجدة، شأنه في ذلك شأن العديد من مسؤولي الجزائر الذين كانوا يلجأون إلى المغرب هربا من قبضة الاحتلال الفرنسي.
وتضم مدينة وجدة، حسب مصادر موثوقة، 3 منازل لعائلة بوتفليقة، الأول يقع بممر محمد الريفي، حيث يرجح أنه البيت الذي ولد فيه عبد العزيز ونشأ فيه رفقة أخيه سعيد، الذي أضحى أحد رجالات نظام الحكم الحالي بالجزائر، والثاني يتواجد بحي «أشقفان البراني» بالمدينة العتيقة، والثالث متواجد بزنقة مضرومة بوسط المدينة.
© Copyright : DR
وقد أقدمت سلطات مدينة وجدة مؤخرا على هدم ما تبقى من المنزل الثاني لعائلة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بعدما أضحى يهدد سلامة الساكنين والبيوت المجاورة في حال انهياره بالكامل، وكذا هجرته منذ عقود ليصبح فضاء متسخا ومرتعا لمدمني المخدرات.
المنزل الذي قضى فيه عبد العزيز بوتفليقة طفولته وجزءا من شبابه، قبل أن تقرر الأسرة الانتقال للمنزل الثالث، ومن ثَم الرحيل نحو الجارة الجزائر، والتي لا تبعد عن مدينة وجدة سوى بـ20 كلم، تهدم جزء منه في سنة 2017، ليقرر المجلس البلدي للمدينة هدم ما تبقى منه باعتباره مصدر خطر ونقطة سوداء بالمدينة القديمة، إلا أن ملكيته لأشخاص غير مقيمين بالبلاد حال دون اتخاذ الإجراءات المعمول بها، حيث يفرض القانون المغربي المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط، "على رئيس مجلس الجماعة بعد توصّله بتقرير مكتوب من اللجنة الإقليمية أو من المُراقِبين، أن يخبر بواسطة قرار مالك المبنى أو مُستغِلِّيه بكل وسائل التبليغ القانونية"، وهو الإجراء الذي قام به مسؤولو المدينة، وذلك بتوجههم صوب القنصلية الجزائرية بمدينة وجدة، وإعلام القنصل العام الجزائري بوضع المنزل وبالقرار المتخذ بشأنه، حيث يقتضي في مثل هذه الحالات بأن يقوم أصحاب العقار بمباشرة هدم ملكيتهم بأنفسهم، أو تسديد مبالغ الخدمات للبلدية في حال كانت ستقوم بهذه المهمة.
شاهد أين كان يقيم بوتفليقة بوجدة:
موقع le360 قابل بعضا من جيران منزل عائلة بوتفليقة، حيث أعربوا عن قلقهم البالغ من الخطر الذي كان يُمثله المنزل ليس فقط على حياة المارَّة وسلامة بنيان البيوت المحاذية، بل كذلك بتحوله إلى وكر لمدمني المخدرات، ومسرحا لجرائم السرقة، ومَطرحاً للنفايات، مشيرين إلى أن المكان كان مُخيفاً خاصة أثناء الليل، ومشوها لواجهة المدينة العتيقة، مما أثر على المنظر العام كونه يقع ممراً أساسياً للسياح الأجانب والمغاربة، مبرزين أنهم قدموا شكايات عديدة للمجلس البلدي مطالبين فيها بضرورة هدم البيت قبل حدوث مأساة.
ومباشرة بعد انهيار واجهة المنزل المكون من طابق سفلي، ظهرت أسرة مغربية تقول إن مالك البيت الأول أحمد بوتفليقة، والد الرئيس الحالي، باعهُ لها قبل أن يهاجر صوب الجزائر، حيث تطالب حفيدة المرأة التي تدعي امتلاكها «بيت بوتفليقة»، بالتحصُّل على مبلغ التعويض عن أرض البيت دون الاضطرار للجوء للمحاكم، مضيفة أن جدَّتها البالغة من العمر 80 سنة لا يمكنها متابعة قضية نزع ملكية المنزل التي تمَّت دون إعلام أو تعويض.
وفي المقابل، حصل موقع le360على وثيقة رسمية، صادرة عن الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بوجدة، تؤكد أن المنزل تعود ملكيته لأحمد بوتفليقة بن مصطفى، حيث تم حفظه بتاريخ 26 نونبر 1946.
© Copyright : DR
معارض جزائري يحاول امتلاك بيت بوتفليقة
استجابت الجماعة الحضرية لوجدة لطلبات الساكنة الرامية لهدم المنزل، متفاعلة مع شكاياتهم إيجابا، وذلك بعدما حل بمدينة وجدة في فاتح أكتوبر الماضي المعارض الجزائري رشيد نقاز، وأحد المرشحين لانتخابات الجزائر الرئاسية في 2014، بنية اقتناء المنزل والتعبير لرئيس المجلس الجماعي لوجدة عمر حجيرة، عن رغبته في تحويله إلى متحف، حيث بين حجيرة للسياسي الجزائري أن البلدية غير مُخول لها بيع المنازل سواءً الصالحة للسكن أو الآيلة للسقوط، وعليه بالتوجه صوب قنصلية بلاده بوجدة لطلب اقتناء المنزل من مالكيه الأصليين.
© Copyright : DR
لكن وبعد مرور أكثر من عام ونصف مرّ على الانهيار الجزئي الذي طال منزل أحمد بوتفليقة وورثتِه، وبعدما لم يطرأ أي جديد في مرامي المعارض الجزائري نقاز، باشرت المصالح المختصة عملية الهدم في يناير الماضي، بالرغم من الصعوبات التي عرفتها العملية، بسبب صعوبة ولوج جرافات وآليات ضخمة إلى دروب المدينة العتيقة الضيقة، لتنظيف الفضاء المحيط من الأتربة والمهملات، خاصة أن البيت مُهدد بالانهيار في أية لحظة.
تجدر الإشارة في الأخير إلى أن عمر حجيرة أكد في تصريحات سابقة لوسائل إعلام مختلفة أن الموضوع ما كان ليأخذ هذا الحجم من النقاش والتأخير لو لم يكن البيت في ملكية الرئيس الجزائري وعائلته، ولو لم يكن الورثة المالكون يقطنون خارج أرض المغرب، مبينا أنه لجأ إلى القنوات الرسمية لحث عائلة بوتفليقة على القيام بعملية الهدم تفاديا لإثارة أية حساسية في حالة إقدام السلطات المغربية على هدمه.